ألحقت الأزمة المالية أكبر الخسائر بقطاع العقارات الذى شهد موجة من التراجع أربكت عمل الشركات وأثرت على خططها التوسعية فى الفترة القادمة. محمد مكى يحقق فى خريطة عملها بعد تأكيدات من مسئوليها بتراجع المبيعات. وفقا لأرقام حكومية، تراجع معدل النمو فى قطاع التشييد والبناء من 14 % إلى 9%، فى الفترة من يوليو / ديسمبر 2007 مقارنة بيوليو / ديسمبر 2008، وهى نفس أرقام البنك المركزى المصرى، مما يعطى صورة مظلمة لمستقبل القطاع الذى شهد قفزات السنوات الماضية على يد الشركات العربية التى دخلت السوق. هذا التراجع الذى يتوقع كثير من المحللين استمراره، يرجع إلى الانخفاض الحاد فى نشاط هذه الشركات التى تعانى مصاعب مالية فى بلدانها، خاصة فى دبى البداية كانت من شركة داماك الإماراتية التى حصلت على موافقة وزارة الإسكان بإنشاء 5 مشاريع عقارية فى مصر تم الإعلان عنها بعد مزادات أشعلت أسعار الأراضى. لكن منذ ستة أشهر ظهر الحديث عن مشكلات للشركة الأم بسبب الأزمة المالية، والخسائر التى منيت بها فى عدد من الأسواق، والتى دفعت الحكومة المصرية ممثلة فى بنكى التعمير والإسكان والعقارى العربى للاستحواذ على 60% من أكبر مشاريع الشركة بالتجمع الخامس مع تأكيدات بأن داماك دفعت للدولة 1.2مليار جنيه قيمة الأراضى. عادل تقى العضو المنتدب للشركة أكد أن الأزمة مؤقتة بسبب تغير استراتيجية الشركة التى تمتلك عقودا بنحو 2.5 مليار درهم وأكثر من 200 ألف متر تحت الإنشاء. وأضاف تقى «لكن الأزمة المالية غيرت من الحسابات فى كل الشركات وجميع المناطق واتباع سياسة تحوط بعض الشىء». ويعول تقى على عودة النمو سريعا للسوق العقارية بعد تصحيح الأسواق العالمية نفسها. وفى الوقت الذى انخفضت فيه الأسعار فى دبى بنحو 24% فى الربع الثانى مقارنة ب 16% فى الربع الثانى، ومع قرارات مصرفية بخفض القروض المقدمة للعقار من 90% من قيمة الوحدة إلى 60% مع طلب من المطورين العقاريين بخفض الفائدة، اعتبر تقى أن الفرصة مازالت قائمة، وأن الاستثمار العقارى له مستقبل فى دول المنطقة خاصة الإمارات ومصر مستبعدا الخروج من سوق الأخيرة. أما أحمد حجاج الرئيس التنفيذى السابق لشركة أملاك الإماراتية فى مصر فقال إن وعكه القطاع العقارى خاصة العربية مؤقتة وستزول بمجرد تنفيذ خطط الإصلاح المعلنة حاليا خاصة فى مجال التمويل والرقابة. حجاج، الذى يستعد لإنشاء شركة تمويل عقارى، قال إن وجود الشركات العقارية العربية فى مصر مفيد من خلال المنافسة التى حدثت فى السوق خلال السنوات الخمس الماضية، وترتب عليها ضخ سيولة، واستثمار أجنبى حرك قطاع البناء، ووفر نموذجا جديدا من الخدمة قد يأخذ عليها البعض ارتباطها بنوع معين من العملاء. «لكن الصواب هو التفكير فى كيفية الحفاظ على تلك الشركات وما وفرته من سيولة أسهمت فى ميزانية الدولة»، وفقا لمسئول أملاك السابق. وإلى جانب المنافسة، هناك التدفقات النقدية التى تحولت إلى مصر. يقول محمد عدنان عضو لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال إن الشركات العقارية المتعثرة الآن أضافت للسوق العقارية سواء فى المنتج، أو التدفقات النقدية التى تحولت إلى مصر نتاج فوائض بترول الخليج فى الفترات السابقة، نافيا أن تكون تلك الشركات أضرت بالأسعار التى ارتفعت بعد دخولها السوق. وأكد حجاج ضرورة الوقوف مع الشركات العربية المتعثرة حاليا للحفاظ على العملاء والخدمة وكذلك الاستثمار الأجنبى الذى يسجل تلك المواقف، مدافعا عن سلامة المراكز المالية لهذه الشركات من خلال امتلاكها أصولا قد تعيد إليها الانتعاش فى فترة لاحقة. ويتفق فتحى السباعى رئيس بنكى التعمير والإسكان والعقارى على التقدير الخاص بسلامة موقف إنقاذ الشركات العربية العاملة فى مجال العقارات فى مصر، لأنها تمتلك مزايا استثمارية كبرى. أما مرجع وعكتها فيرجع، وفقا للسباعى، إلى تعدد الدول التى تعمل بها، وأن بعضها تأثر بقوة جراء الأزمة. وأضاف السباعى أن قدرة تلك الشركات على العودة قائمة فى فترة قصيرة بعد ترتيب أوضاعها الداخلية مع استجابة السوق إلى مؤشر العرض والطلب وانعكاس ذلك على الأسعار. فى هذا السياق استبعد عدنان أن تحول تلك الشركات نوعية الخدمة المقدمة وسط طلب إسكان فاخر موجود بالفعل، مع اعترافه بأن الشركات العقارية العربية تواجه مأزقا تمويليا حاليا بسبب قلة التدفقات النقدية وهو ما يدفعها إلى الاعتماد على مواردها الذاتية التى تحققت فى فترة سابقة شهدت ذروة الانتشار، على حد تعبيره. كانت شركة السعودية المصرية للتعمير، المملوكة مناصفة بين الحكومتين المصرية والسعودية، قد قالت إنها تعتزم تحويل دفة مشروعها السكنى فى أرض دريم لاند من الإسكان الفاخر للإسكان المتوسط بفعل الأزمة المالية العالمية. وقال درويش حسنين رئيس الشركة فى تصريحات خاصة ل«الشروق» إن الأزمة المالية جعلت الشركة، التى يقتصر عملها داخل مصر، على استبدال مشروع الإسكان الفاخر الذى كان من المفترض إنشاؤه على مساحه 36 فدانا فى أرض دريم بمشروع عمارات سكنية، يصل سعر الشقة فيه إلى 600 ألف جنيه بمساحة 140مترا. كانت الشركة قد حصلت على الأرض فى مزاد أرض رعته الحكومة المصرية ممثلة فى بنكى الأهلى ومصر لاسترداد مديونيتهما على الدكتور أحمد بهجت، والتى تقترب من 4 مليارات جنيه، بسعر 1500 جنيه للمتر. ويرى عدنان أن النسبة المحددة من قبل البنوك والمقدرة ب5% من إجمالى المحفظة الائتمانية لم تستغل حتى الآن إلا بنسب بسيطة، وبالتالى يمكن من خلالها تحريك ركود متوقع «نتيجة مخاوف ليس إلا». كان عدد من الشركات العقارية قد قام بخطوات للحد من الخسائر بوقف بعض المشروعات كما فعلت إعمار فى 3 مشاريع لها فى الإمارات مع تقليص الموظفين فى كثير الشركات. وذكرت مؤسسة مورجان ستانلى أن مشروعات تصل قيمتها نحو 263 مليار دولار ألغيت أو أجلت فى الإمارات فقط الفترة الماضية.