يتوقع المراقبون أن تشهد أجواء العالم دورا قياديا للمقاتلات الأمريكية الأحدث في العالم "إف - 35"، في العمليات العسكرية القادمة، بعد ان أتم سلاح الجو الأمريكى للمرة الأولى هذا الأسبوع أول رماية بالذخائر الحية لهذا النوع من المقاتلات في إحدى القواعد العسكرية الأمريكية. وجاءت تلك التجربة الاختبارية لسلاح الجو الأمريكي بعد تجربة سبقتها بالنيران للمقاتلات "إف - 35" نفذتها الوحدات الجوية التابعة للسلاح البحري الأمريكي وقوات المارينز – مشاة الأسطول – في سبتمبر 2018. وبموجب تلك التجارب العملية التي تتم في أجواء تشابه أجواء المعارك الحقيقية، تبين لمصنعى المقاتلة "إف - 35" في مؤسسة "لوكهيد مارتن" الأمريكية، أن ثمرة جهودهم البحثية والتطويرية التي بدأت قبل عشرين عاما قد أثمرت عن جيل خامس جديد من المقاتلات الذكية، في إطار برنامج تكلف إتمامه تريليون دولار. وفي خارج الأراضي الأمريكية، قامت المقاتلات الأمريكية "إف - 35" بأول عملية استهداف ضد مخابىء فلول "داعش" الإرهابي في العراق في الرابع والعشرين من أبريل الماضي فى منطقة وادى عشاي بشمالي العراق، وكذلك استهدفت مواقع معادية للتشكيلات الإرهابية ومخبأ ذخيرة تحت الأرض في منطقة جبل حميميم في سوريا في الثلاثين من الشهر الماضي. ومع تصاعد نذر الحرب وارتفاع حرارة التراشقات السياسية بين إيرانوواشنطن، سعت واشنطن إلى تعزيز قدراتها النيرانية الجوية في منطقة الخليج، وبدا أن للمقاتلات الأمريكية "إف - 35" دورا رئيسيا مرتقبا فى أية مواجهات محتملة فى منطقة الشرق الأوسط، ففى منتصف ابريل الماضى حطت أسراب من المقاتلات الأمريكية "ف - 35" في قاعدة العديد الأمريكية في منطقة الخليج العربي لتلحق بذلك بالقاذفات التكتيكية الأمريكية المتطورة "بي - 1 - بي" الرابضة في القاعدة الأمريكية منذ مارس الماضي وحاملة الطائرات الأمريكية "إبراهام لينكولن" الأكبر في العالم. وتستخدم واشنطن تلك القاعدة في توجيه عملياتها الجوية في أفغانستان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط ضمن مهام القيادة الوسطى الأمريكية ضد القاعدة وطالبان وفلول داعش، وربما ضد الأهداف الإيرانية إذا تصاعدت الأمور لما هو أسوأ. وفي العام 2017، حطت أولى أسراب المقاتلات "إف - 35"، التي تعد من مقاتلات الجيل الخامس في قاعدة "ليكينهيث" البريطانية، ضمن مهام قيادة العمليات الأمريكية في منطقة الباسيفيك، وحماية شركاء حلف شمال الأطلنطي، كما تتبع تشكيلات جوية من مقاتلات "إف - 35" القيادة الأمريكية لأفريقيا، والتي تتخذ من مدينة شتوتجارت الألمانية مقرا لها. وفي شرق أوروبا.. تبدت مؤشرات تدل على سعى بولندا بدأب للحصول على المقاتلات الأمريكية "إف - 35"، حيث أعلن وزير الدفاع البولندي، موريزس بالسكاك، مطلع الشهر الجاري أن بلاده تسعى إلى إبرام اتفاق مع الولاياتالمتحدة للحصول على مقاتلات "إف - 35"، كاشفا عن أن تحقق ذلك "ليس ببعيد". وأضاف أن بولندا تسعى إلى بناء قاعدة تصنيع أمريكية لهذا النوع من المقاتلات المتطورة على أراضيها، في إطار صفقة تتكلف ملياري دولار أمريكي. وأشار إلى قيام خبراء التسلح البولنديين بمعاينة المقاتلات "إف - 35" تمهيدا لإبرام صفقة الشراء التي تسعى بولندا بموجبها للحصول على 32 مقاتلة من هذا الطراز المتفوق، في إطار مخطط شامل ينتهي بحلول العام 2026، لرفع كفاءة القوات المسلحة البولندية يتكلف 185 مليار "زولوتي" أي ما يعادل 48.5 مليار دولار أمريكي. ويقول الخبراء إن بولندا ربما تسعى للاستعاضة بالمقاتلات من طراز "إف - 35" عن ترسانتها من المقاتلات الروسية العتيقة من طرازات "سوخوي 22" و"ميج 29". كذلك طلبت سنغافورة شراء أربع مقاتلات "إف - 35" من الولاياتالمتحدة، وتدرس شراء ثماني مقاتلات أخرى من هذا الطراز "الفئة الثانية" ذات القدرة على الإقلاع العمودي والأفقي، حسبما تقتضيه ظروف العمليات القتالية، بسعر يترواح بين 90 إلى 115 مليون دولار للمقاتلة الواحدة. وفي زيوريخ.. حيث تقام الآن فعاليات الموسم السنوي للطيران 2019، والذي تختتم أوائل يوليو القادم، وعلى هامشه أعلنت الحكومة السويسرية عزمها على تحديث أسطولها الجوي الحربي بشراء مقاتلات متطورة من الإنتاج الأمريكي في مقدمتها المقاتلة الشبح "إف - 35"، في إطار برنامج من المقرر استكماله بحلول العام 2030 يتكلف 8.2 مليار دولار، ومن الطرازات الأخرى التي تسعى سويسرا للحصول عليها في إطار خطة تحديث قواتها الجوية المقاتلات الفرنسية "رافال"، والمقاتلات "يوروفايتر تايفون" من الإنتاج الأوروبي ومؤسسة "أيرباص"، وكذلك المقاتلة الأمريكية "إف - 18 سوبر هورنت" التي تنتجها مؤسسة "بوينج" الأمريكية. وتعد المقاتلة الشبح هى أغلى مقاتلة في العالم، وقد أطلق عليها هذا الإسم نظرا لقدرتها المذهلة على تفادي التقاطها راداريا. وقالت مؤسسة "لوكهيد مارتن" الأمريكية التي تنتجها إن موازنة تطوير طرازاتها جاءت أعلى بواقع 22 مليار دولار عن الموازنة التقديرية الأولية لإنتاجها سنويا، وبينما بدأ مشروع تطويرها قبل خمسة أعوام بلغ متوسط عجز الموازنة التقديرية الأولية بنهاية الأعوام الخمسة نحو 73 مليار دولار، حيث تكلف برنامج تطويرها فعليا حتى نهاية الربع الأول من العام الجارى 1.196 تريليون دولار. وأرجعت لوكهيد مارتن هذا الفارق إلى اعتبارات التضخم وارتفاع كلفة الإنتاج، إلا أنها تتوقع انخفاض كلفة إنتاج المقاتلة الجديدة بمعدل 15 في المائة سنويا، أي بما يعادل 8 مليارات دولار سنويا بعد الوصول إلى مراحل الإنتاج التجاري الأوسع نطاقا لها، وزيادة مبيعاتها التي لا تزال محدودة إلى حد كبير. وكان "البنتاجون" قد خفض من عدد المقاتلات الشبح التي ينوي شراءها في موازنة العام 2021 بواقع 17 مقاتلة بسبب ارتفاع التكلفة والاكتفاء بشراء 81 مقاتلة فقط، انتظارا لانخفاض أسعارها، وبرغم ذلك لم يتخل عن خطته الاستراتيجية الرامية إلى شراء 2456 طائرة شبح "إف - 35"، منها 1763 طائرة لخدمة سلاح الجو الأمريكي، و420 طائرة لخدمة قوات مشاة الأسطول، و273 طائرة لخدمة الأساطيل الأمريكية. كما تسعى الإدارة الأمريكية إلى التسويق لبيع 700 مقاتلة من هذا الطراز إلى الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة. وفي منتصف أبريل الماضي، تحطمت قبالة سواحل اليابان مقاتلة "شبح" وسقط حطامها على عمق 1500 متر تحت سطح الماء، وتسعى "لوكهيد مارتن" إلى الوقوف على سبب الحادث، وعما إذا كان نتاج عيوب فنية، لاسيما وأن المقاتلة المنكوبة قد انقطع اتصالها برادارات التوجيه على مسافة 85 ميلا من قاعدة "مياساوا" التي تقع في جزيرة "هونشو" بشمال اليابان، ويقدم الأسطول السابع الأمريكي العون في هذا الصدد. وتنظر لوكهيد مارتن بقلق إلى هذا الحادث الذي يعد الثاني من نوعه، بعد تحطم مقاتلتين من طراز الشبح في 18 سبتمبر الماضي تتبعان قوات مشاة الأسطول الأمريكيب في ولاية كارولينا الشمالية، ويقول المراقبون إن تكرار مثل هذا النوع من الحوادث، سيتطلب إنفاقا أكبر على تحليل مسبباتها، وإجراء ما يلزم من بحوث تطويرية لتلك المقاتلات.