أصدرت الدائرة العاشرة بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار محمد ماهر أبو العينين، حكما نهائيا -غير قابل للطعن- ألزمت فيه الدولة -ممثلة في وزارة الصحة- بتحمل جميع نفقات انتقال المريض المستحق للعلاج بموجب قرار علاجه على نفقة الدولة سواء بمفرده أو بصحبة مرافق، بوسيلة انتقال خاصة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته. وقالت المحكمة -في حيثيات حكمها- إن كفالة الرعاية الصحية وتقديم الخدمات الصحية يعد أحد أهم التزامات الدولة تجاه المواطنين، إذا ما قامت مبررات وضوابط الالتزام به، فإذا امتنعت الدولة عن الوفاء بهذا الالتزام فإن هذا الامتناع يشكل قراراً إدارياً سلبياً مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء. وأضافت المحكمة أن المشرع تناول بالتنظيم قواعد وإجراءات نظام علاج المواطنين على نفقة الدولة بما يضمن سريان هذا النظام على المصريين الذين لا تشملهم مظلة أي تأمين صحي أو علاجي عام أو خاص، وبعد التحقق من عجز المواطن مالياً عن مواجهة أعباء تكاليف علاجه، ويصدر القرار بعلاج أحد المواطنين على نفقة الدولة بعد التحقق من استحقاق المواطن لهذا العلاج. واستطردت المحكمة: «ولما كان انتقال المريض الصادر بشأنه قرار بالعلاج على نفقة الدولة من محل إقامته، إلى المكان المخصص والمحدد لتلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته يمثل واقعاً لازماً لا يمكن فصله بحال من الأحوال عن ضرورة وحتمية تلقيه ما يحتاجه من العلاج والرعاية الطبية المقررة لحالته الصحية، والتي يكشف عنها صدور قرار بعلاجه على نفقة الدولة، ومن ثم يكون التزام الدولة بأداء جميع نفقات انتقال المريض المستحق للعلاج بموجب قرار علاجه على نفقة الدولة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته أمراً حتمياً ولازماً، وإلا كان تقرير أحقية المريض للعلاج دون تحمل الدولة نفقات الانتقال المشار إليها ضرباً من العبث بل قد يحمل تهديداً بالخطر على حياة المريض». وتصدياً لخلو النصوص القانونية من تقدير لمصاريف الانتقال للمريض المستحق للعلاج أو وضع ضوابط لهذا التقدير، وخلوها أيضاً مما يفيد منح اختصاص لأي جهة إدارية أو جهة خبرة في وضع تقدير ملزم في هذا الشأن، قالت المحكمة إنها بوصفها الخبير الأعلى في المنازعة تضع ذلك التقدير بحيث يأتي ملائماً لكل حالة على حدى، وذلك من واقع ما تنطق به الأوراق وآخذا في الاعتبار بعد المسافة من محل إقامة المريض المستحق للعلاج إلى مكان تلقي العلاج وما طرأ من تغييرات واختلاف على مصاريف الانتقال خلال فترات الاستحقاق وغير ذلك من الاعتبارات التي يتم على أساسها هذا التقدير في ضوء ما هو معلوم للمحكمة.