وزير البترول: نقترب من بدء تنفيذ المسح الجوي الجديد لأول مرة منذ عام 1984    "التخطيط لمستقبل مشترك".. مصر والاتحاد الأوروبي يختتمان أسبوع البحث والابتكار المصري–الأوروبي 2025    الإعلام الإسرائيلى يتهم القاهرة "بالنفاق" واستغلال أزمة غزة لتصفية حساباتها مع إسرائيل.    بث مباشر مجانًا القنوات الناقلة لمباراة المغرب وعمان في كأس العرب 2025 وموعدها    غلق كلي لشارع 26 يوليو لمدة 3 أيام وإجراء تحويلات بديلة    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    اليوم ..ضعف المياه بمدينة طهطا في سوهاج لأعمال تطهير بالمحطة السطحية    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    رئيس الوزراء الهندي يعلن عن اتفاقية مع روسيا تمتد لعام 2030    من هو زعيم مليشيات غزة بعد مقتل ياسر أبو شباب    كأس العرب| إيقاف نجم البحرين 3 مباريات وتغريمه بعد الاعتداء على لاعب العراق    إيديكس 2025.. وزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدان عددا من اللقاءات الثنائية    انطلاق معرض "صنع في هندسة بنها" الاثنين المقبل    الدرندلى وحسام وإبراهيم حسن أمام البيت الأبيض قبل قرعة كأس العالم 2026    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    وكيل الجفالي يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    تحرير 231 محضر مخالفات تموينية وضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 5-12-2025 فى المنوفية    تعرف على أبرز حفلات ساقية الصاوي في ديسمبر    زي المطاعم، طريقة عمل رولات الدجاج المحشية    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    علي ماهر: تدريب الأهلي حلمي الأكبر.. ونصحت تريزيجيه بألا يعود    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    مراجعة فورية لإيجارات الأوقاف في خطوة تهدف إلى تحقيق العدالة    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سندباد مصرى».. فن صناعة الحضارة!
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 03 - 2019

فى مقال نشره بدورية (أخبار الأدب)، عام 2016، يحكى المؤرخ والمثقف ذو الضمير النزيه عماد أبو غازى أنه فى صيف 1967، وفى أعقاب هزيمة يونيو، وجهه والده (الفنان والمثقف الراحل بدر الدين أبو غازى) فى محاولة منه لإخراجه من حالة اكتئاب ما بعد الهزيمة، لقراءة ثلاثة كتب على التوالى؛ هى: «سندباد مصرى جولات فى رحاب التاريخ» لحسين فوزى، و«شخصية مصر» لجمال حمدان، و«أيام لها تاريخ» لأحمد بهاء الدين، عله يجد فى دروس التاريخ سلوى وعزاء.
وفى ظنى، انفرد «سندباد مصرى جولات فى رحاب التاريخ» بين هذه المجموعة من الكتب الذهبية (ويمكن إضافة عناوين أخرى لها) بمكانة خاصة، وانتشار واسع؛ كونه فعلا من أجمل وأمتع الكتب التى تروى تاريخ مصر منذ الفراعنة حتى العصور الحديثة، بطريقة فاتنة،‏ وكتابة جميلة جدا تحتفظ للتاريخ بحقائقه الواضحة، يقدمها فى أسلوب فنى سلس، ساحر وبديع.
بدأ المرحوم حسين فوزى كتابة «سندباد مصرى» فى أكتوبر عام 1954 وانتهى منه فى أكتوبر عام 1959، أى إنه من أسبق الكتب التى توجهت إلى قارئ عام مباشر خارج دائرة الكتب التاريخية المتخصصة الصارمة، لم يسبقه سوى كتاب أحمد بهاء الدين «أيام لها تاريخ» الذى صدر عام 1954. توجه حسين فوزى بكتابه ومادته التاريخية مباشرة إلى القارئ غير المتخصص؛ قارئ لا يعنيه النظر فى المصطلحات والمناهج والمفاهيم والتوثيق الشكلى الصارم؛ إنما يعنيه فى المقام الأول أن يتعرف ويعرف، أن يكتشف ويستكشف، ولو كان ذلك مقرونا بمتعة فنية فإنه يكون قد ظفر ظفرا كبيرا.
ومنذ صدوره للمرة الأولى عام 1959، أصبح الكتاب ملهما بكل ما تعنيه الكلمة؛ تنفد طبعاته ويتجدد الإلحاح فى طلبه؛ على كثرة ما صدر من طبعات عن دار المعارف، أو ما صور عنها فى سلاسل النشر الحكومية المختلفة (طبع أكثر من مرة فى «مكتبة الأسرة»، وفى سلسلة «ذاكرة الكتابة» عن هيئة قصور الثقافة، وكانت آخر طبعة منه صدرت عام 2016 بمقدمة للدكتور عبدالمنعم محمد سعيد).
كان «سندباد مصرى» أول كتاب أقرأه بكامله فى التاريخ المصرى وأنا شغوف مبهور الأنفاس؛ أذكر أننى اشتريت الكتاب من إحدى دورات معرض القاهرة للكتاب، ثمنه 8 جنيهات (طبعة دار المعارف القديمة بشكل حروفها المميز ودقة الطباعة والمراجعة)، وكنت فى ذلك الوقت أقرأ ما يكتبه المرحوم جمال الغيطانى فى «يومياته» عن مؤرخه الأهم ابن إياس المصرى وكتابه «بدائع الزهور»، وعن اللحظة المأساوية فى تاريخ مصر حين دخلها السلطان العثمانى سليم الأول غازيا لتدخل مصر فى أنفاق كابية ومظلمة لم يبددها ومضات متفرقة ومتشذرة على مدى نحو 300 عام.
انبهر حسين فوزى منذ صباه بالأهرامات وأبى الهول والآثار المصرية القديمة، وربما كان هذا العشق الباكر للحضارة المصرية القديمة السبب فى دعوته الحماسية المنادية بالقومية المصرية التى اعتبرها المنبع والمصب فى تحديد مقومات الشخصية المصرية. وكانت هذه الفكرة هى المنطلق والدافع لتأليفه «سندباد مصرى»؛ يسجل على الورق اعترافات عاشق متيم بمصر، عشقه لها كان أنفاس وجوده، ومن أجلها كتب وحاضر وألّف وشرح الكثير من آرائه وأفكاره حولها..
بعض أساتذة التاريخ يصنفون «سندباد مصرى» بأنه كتاب خالص فى التاريخ، ولكنه التاريخ المتأدب؛ فهو عبارة عن لوحات ومشاهد قصصية لفترات تاريخية مصرية، مكتوبة ببراعة وحرفية أدبية عالية، بحيث تمثل فى مجملها قطعا فنية من الجمال والسمو الأدبى! صور ومشاهد من الحياة المصرية، عبر العصور؛ يسلط من خلالها حسين فوزى الضوء على الشعب المصرى ذاته وصناعته الأصيلة: صناعة الحضارة. وكان يرى أن التاريخ المصرى بحكم طوله وتنوع وسائل دراسته، مقطع الأوصال كأنه تاريخ أمم متعاقبة، لذا فإنه سعى فى «سندباد مصرى» إلى عرضه لنا فى قصة واحدة «متكاملة»؛ بطلها الشعب المصرى وحده.
ومن بين كل الكتب التى أخرجها فى سلسلة «سندبادياته» انفرد «سندباد مصرى» بذيوع لا يقارن بالكتب الأخرى على قيمتها وأهميتها وجمالها، ومن بينها كنزه المنسى وكتابه المبهر الفاتن الذى لم أقرأ مثله فى الأدب العربى الحديث، «حديث السندباد القديم»، والذى يستحق حديثا مستقلا..
(وللحديث بقية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.