بعد زلزال شرق كريت.. إرشادات هامة للتعامل مع الهزات الأرضية    عاجل- ترامب يلتقي أحمد الشرع في الرياض قبيل القمة الخليجية الأمريكية    موعد مباراة برشلونة وإسبانيول في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    تشكيل ميلان المتوقع أمام بولونيا في نهائي كأس إيطاليا 2025    حلول نموذجية واستعدادات مكثفة على شاشة "مدرستنا 3" اليوم لطلاب الثانوية العامة    الصحة العالمية توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بعد ظهور 9 حالات جديدة    الإسكان تتابع مشروعات توسعات وصيانة الصرف الصحي بمدن الشروق والعاشر    رياح مثيرة للأتربة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    سممها بقطرة، تجديد حبس المتهم بقتل خالته لسرقتها بالجيزة    جمعية الفيلم تنظم مهرجان العودة الفلسطيني بمشاركة سميحة أيوب    أحمد عيد عبد الملك مديراً فنيا لحرس الحدود    عبد الغفار يشهد توقيع بروتوكول بين المجلس الصحي والأعلى لأخلاقيات البحوث الإكلينيكية    الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية يلقي محاضرة عن تكنولوجيا الفضاء في جامعة القاهرة ويوقع بروتوكول تعاون مع رئيس الجامعة    سر غضب وسام أبوعلي في مباراة سيراميكا.. وتصرف عماد النحاس (تفاصيل)    مدرب سلة الزمالك: "اللاعبون قدموا أدءً رجوليا ضد الأهلي"    وزير العمل يستعرض جهود توفير بيئة عمل لائقة لصالح «طرفي الإنتاج»    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    انطلاق امتحانات الابتدائية والشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا (اعرف جدولك)    في الرياض.. الرئيس الأمريكي ترامب يلتقي نظيره السوري أحمد الشرع    سعد زغلول وفارسة الصحافة المصرية!    وزير الثقافة للنواب: لن يتم غلق قصور ثقافة تقام بها أنشطة فعلية    بيان رسمي من محافظة البحيرة بشأن الزلزال: توجيه عاجل لمركز السيطرة    "صناع الخير" تكرّم البنك الأهلي المصري لدوره الرائد في تنمية المجتمع    محافظ الدقهلية يتفقد التأمين الصحى بجديلة لليوم الثالث على التوالى    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    الاحتلال يزعم تدمير معمل لتصنيع المتفجرات في طولكرم    السعودية.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الرئيس الأمريكي: لدينا إطار لاتفاق متين للغاية مع الصين    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 بعد آخر تراجع    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الإقليمى    طريقة عمل اللانشون، في البيت زي الجاهز    نظر محاكمة 64 متهمًا بقضية "خلية القاهرة الجديدة" اليوم    الزراعة: تنظيم حيازة الكلاب والحيوانات الخطرة لحماية المواطنين وفق قانون جديد    القبض على الفنان محمد غنيم لسجنه 3 سنوات    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فتحي عبد الوهاب: عبلة كامل وحشتنا جدًا.. ولا أندم على أي عمل قدمته    وظائف للمصريين في الإمارات.. الراتب يصل ل4 آلاف درهم    فتحي عبد الوهاب: لم أندم على أي دور ولم أتأثر بالضغوط المادية    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    المُنسخ.. شعلة النور والمعرفة في تاريخ الرهبنة القبطية    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    مصطفى شوبير يتفاعل ب دعاء الزلزال بعد هزة أرضية على القاهرة الكبرى    دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وماذا بعد خروج بريطانيا من أوروبا؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 03 - 2019

ثلاث سنوات بعد التصويت بنسبة 52% للخروج من الاتحاد الأوروبي، ما زالت خطى المملكة المتحدة تتخبط – أحداً لا يعرف إلى أين؟ وما زالت عملية الشد والجذب بين كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لا ترخى ولا تتوانى. فالأخيرة ما زالت تسعى إلى إيجاد أفضل الطرق للخروج بأقل الخسائر، وما زال الاتحاد الأوروبي مصمماً على تلقينها درساً يكون عبرة ويظل راسخاً في الأذهان لأي دولة أخرى في حالة ما تراودها فكرة الخروج.
ويبقى خروج المملكة المتحدة لغزاً لا يجد أحد حلاً له. ويغلب اليوم الشعور بالندم على رجال الأعمال التي كانت السوق الأوربية تمثل سوقاً مفتوحاً لهم، وعلى أكثر من مليون عامل بريطاني كانت الدول الأوربية مكانا لعملهم ومأواهم، وعلى مئات الشركات التي كانت تعمل بكامل حريتها في جميع دول الاتحاد الأوروبي دون قيد أو شرط.
***
ويبقى السؤال مطروحاً لماذا تركت المملكة المتحدة ذلك كله ولصالح من؟ وعلى الرغم من ذهاب الكثيرين إلى ترجيح حُلم الشعب البريطاني لاستعادة أمجاد الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب عنها الشمس كسبب رئيسي، فإن هناك تحليل آخر - لا يقل وجاهة ولا يتعين إغفاله - وهو جشع أصحاب الملايين وأغنى أغنياء بريطانيا، الذين اشتاقوا إلى فرض الاحتكار على الاقتصاد البريطاني لمضاعفة أرباحهم بعد أن شعروا بغلبة المنافسة الأوربية التي نجحت في تهميشهم وتقليص أرباحهم. وقد أنفق أصحاب الملايين ببذخ لخداع المواطن البسيط لإقناعه بأنه إنجليزي قبل أن يكون أوروبي وأنه من الواجب عليه استرداد مجد أبائه وأجداده، مجد الإمبراطورية التي اندثرت منذ الحرب العالمية الأولى في أوائل القرن العشرين والتي في الواقع لا مكان لها من جديد أمام القوى الدولية المعاصرة.
وتبقى المملكة المتحدة بعد ثلاث سنوات من تصويتها للخروج عاجزة عن إبرام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. فقد رفض البرلمان البريطاني مرتين على التوالي مقترح تيريزا ماي رئيسة الوزراء، بحجة أن الضمانات القانونية الممنوحة بموجب مقترحها غير كافية لضمان انفصال المملكة انفصالا كاملاً عن الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن المخاوف التي تساور البرلمان البريطاني من الارتباط الدائم بالاتحاد الأوروبي حقيقية وليس من ضرب الخيال. فإن إبقاء الحدود مفتوحة بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، بما يعني المرور الحر عبر الحدود للسلع والخدمات والأشخاص لمسافة حوالي 500 كيلومتر حدوداً برية سهلة العبور، من شأنها الإبقاء على ارتباط قوي للمملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي من خلال اتحاد جمركي.
وكان من المفترض أن يكون هذا الاتفاق المعروف باسم الbackstop مؤقتاً وإلى حين التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي بين الطرفين بعد فترة انتقالية لمدة سنة ونصف وتحديداً بنهاية ديسمبر 2020 في حالة خروج المملكة المتحدة في 29 مارس، وهو ما لن يحدث شريطة أن يتمشى المجلس الأوروبي مع قرار البرلمان البريطاني.
وفي حين لم يوافق البرلمان البريطاني على خطة رئيسة الحكومة للخروج، وهو ما يبدو أقصى ما قد تحصل عليه تيريزا ماي من الاتحاد الأوروبي في شكل اتفاق، فإن البرلمان يرفض أيضاً المغادرة دون اتفاق، ومن ثم العودة مرة أخرى إلى المربع رقم 1، أي دون اتفاق ودون خروج. ويبقى البديل هو مد العمل بالمادة 50 من الاتفاقية العامة للاتحاد الأوروبي. وهنا علينا الاعتراف بوقوع بريطانيا في ذات الفخ، الذي عادة ما تنصبه للآخرين من خلال احترافها في تقديم الصياغات المطاطة، التي تبقى الأمور فيها دون حسم والتي تعارف على تسميتها في لغة الأمم المتحدة بالغموض البناء constructive ambiguity. فإن المادة 50 لا تنص على فترة الإطالة في حالة عدم الاتفاق أو حتى قبول مبدأ الإطالة نفسه. وعليه، فإن الدبلوماسية تلعب دورها من جديد ولعبة الشد والجذب لم تنته، وتبقى فترة الإطالة مطروحة للمساومة بين الطرفين. فهل معنى تأجيل خروج المملكة المتحدة لمدة ثلاثة أشهر أخرى ذو جدوى؟ وهل يعني ذلك إطالة الفترة الانتقالية التي من المفترض أن يتم خلالها التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي بين الطرفين إلى ما بعد ديسمبر 2020 كما كان متفقاً عليه؟
***
وقد يطرح البعض السؤال عمّا إذا كان هناك فائدة من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بالنسبة لمصر وما هو العائد على مصدرينا وصناعاتنا؟ وعلى كل، إن احتمال إطالة فترة خروج المملكة المتحدة بثلاثة أشهر، وحتى يونيو، يتيح الفرصة للدول التي تربطها اتفاقيات تجارة تفضيلية بالاتحاد الأوروبي أسوة باتفاقية المشاركة مع مصر. يتيح لها فترة أطول للتفاوض مع المملكة المتحدة على اتفاق تفضيلي مماثل لاتفاقية المشاركة للاستفادة من السوق البريطاني كسوق مفتوح وإنقاذ صادراتنا دون تعريفة أو بأقل مستوى للتعريفة. ومصر تربطها اتفاقية المشاركة مع الاتحاد الأوروبي، ومن ثم تتمتع صادراتها بمزايا تفضيلية لدخول الأسواق الأوروبية، بما في ذلك السوق البريطاني. ومن الطبيعي ستزول هذه الميزة عند المغادرة إن عاجلاً أم آجلاً. فإنه يتعين علينا إبرام اتفاق جديد مع المملكة المتحدة على نفس نهج اتفاقية المشاركة ضماناً لاستمرارية تمتع مصدرينا بمزايا اتفاقية المشاركة.
ومما لا شك فيه أن المملكة المتحدة هي الأخرى راغبة في الحفاظ على علاقاتها المتميزة والوثيقة مع مصر واعتبارها سوقاً صاعداً قد يعوضها بعض الخسائر الناجمة عن انفصالها عن الاتحاد الأوربي. وأكثر من ذلك، فإن المملكة المتحدة على قناعة بأن مصر هي بوابتها إلى أفريقيا أكثر من المغرب التي تروج هي الأخرى لنفسها باعتبارها بوابة أفريقيا على الأقل لدول مثل إسبانيا والبرتغال وحتى فرنسا.
وفي هذا السياق، على رجال الأعمال المصريين الإسراع في إيجاد بدائل للتعاون مع الشركات البريطانية في السوق الأفريقي وفي إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية. ولماذا الإسراع؟ لأنه ببساطة لا يستبعد اهتمام دول أخرى مثل الهند والصين ودول أفريقية للتقرب إلى الشركات البريطانية لحثها وإغرائها للتعاون معها لخوض تجربة أفريقيا، التي أصبحت اليوم سوقاً مفتوحاً لأكثر من 1.200 بليون نسمة ترغب في التحرر والتطور من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية والمنتظر دخولها حيز التنفيذ في القريب العاجل.
وتتعاظم البدائل للتعاون مع الشركات البريطانية في مجال التصنيع المشترك وسلاسل الإنتاج ولكن أيضاً وهو ما قد يهم الاقتصاد المصري بالدرجة الأولى التعاون في مجال تجارة الخدمات وتحديث القطاعات الخدمية في مصر وتطويرها للمنافسة في السوق الأفريقي على أعلى مستوى. فقوة الاقتصاد البريطاني تكمن في قطاع الخدمات المالية وخدمات التأمين وخدمات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية باعتبارها كانت ولعقود طويلة بوابة أوروبا للشرق والغرب.
ويتعين علينا إيجاد الفرص الجديدة المتاحة من خلال مغادرة المملكة المتحدة واستثمارها على وجه العجلة حتى نكون من بين أوائل الدول التي تخترق الأسواق الأفريقية بعد أن قامت مصر ببذل جهوداً مضنية في التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة بين دول القارة.
فلا شك أن المملكة المتحدة تعيش أزمة سياسية غير مسبوقة في تاريخنا الحديث. ولدى الحكومة ورجال أعمالها على حد سواء شعورا بالقلق بالنسبة للعواقب الاقتصادية والتجارية التي سوف تلحق بالمملكة بعد خروجها. كما أنه مما لا شك فيه أن المملكة المتحدة ستقدر يد العون التي ستمتد لها في هذه الأوقات العصيبة. وإذا سعت مصر ورجال أعمالها إلى فتح جسور جديدة للتعاون وفي مجالات مختلفة، خاصة وأن المملكة المتحدة تعد إلى حد بعيد أكبر دولة مستثمرة في مصر وتستهدف اليوم تنويع استثماراتها، فإن التعاون بين البلدين سوف يعود حتماً بالمصلحة على الاثنين معاً، مصر والمملكة المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.