تحل علينا اليوم الذكري السابعة على رحيل معلم الأجيال نظير جيد روفائيل، المعروف بإسم البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، المولود في قرية سلام بأسيوط، في 3 أغسطس 1923. وفي ذكرى رحيله، ترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الحالي، قداس البابا شنودة تحت عنوان "شموع شهر مارس"، وتوافد آلاف الأقباط على دير الأنبا بيشوي، قاصدين مزار البابا شنودة الثالث؛ لنيل بركاته وتقديم الصلوات وطلبات شفاعته لحل مشاكلهم. وفي إطار ذلك، تستعرض «الشروق» في الأسطر التالية حياة البابا شنودة بوادي النطرون، وحبه الكامن لدير الأنبا بيشوي. لطالما كان دير الأنبا بشوي بوادي النطرون، مكان راحته الذي وجد فيه الاطمئنان وصفاء الذهن والتقاط الأنفاس، وملجأ له من الصخب الكامن داخله، فكان يلجأ البابا شنودة إلى هذا الدير كل فترة للاعتكاف، وغالبًا يكون للاحتجاج على أمر ما يرفضه. بدأت علاقة البابا شنودة بوادي النطرون، حينما أتى إلى العذراء مريم بطريق السريان في عام 1954، وكان يبلغ حينها ثلاثون عامًا، وبعد فترة قصيرة صار راهبًا بدير الأنبا بيشوي، باسم "أنطونيوس السرياني". وبعد أن اختاره البابا كيرلس السادس، أسقفًا للتعليم والكلية الإكليريكية في أواخر عام 1962، وأعطاه اسم "شنودة"، اضطر البابا شنودة إلى ترك منطقته المُحببة، ومغادرة وادي النطرون إلى القاهرة لتولي مهام مسؤوليته، لكن حنينه للمكان لم ينقض، فحينما وقعت خلافات بينه وبين البابا كيرلس، عاد إلى الدير ليقضي به نحو 9 أشهر، مزيلا شوقه وحنينه للمكان. وبعد رحيل البابا كيرلس عن الحياة، في 9 مارس 1971، خلفه البابا شنودة في منصبه ك«بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية»، ولكنه اعتاد على زيارة وادي النطرون من آن إلى آخر، خاصة في المناسبات الدينية. وبعد اشتعال الخلافات بينة وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أعلن السادات في سبتمبر 1981، إلغاء القرار الجمهوري بتعيينه بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لينتقل إلى دير الأنبا بيشوي. ورغم أن عودته إلى وادي النطرون كانت أشبه بالمنفى، إلا أنه لم يشعر بذلك، فكان يقول: "أنا هنا محبوس في الفردوس"، وفي ديسمبر 2011، كتب البابا شنودة وصية تفيد بدفنه في دير الأنبا بيشوي كونه المكان المقُرب لقلبه. وتوفي البابا شنودة في 17 مارس 2012، عن عمر يناهز 89 عامًا، ودفن في تابوت أهداه له بابا روما بندكت السادس عشر، في دير الأنبا بشوي بوادي النطرون، حسب وصيته. وبعد وفاته أقيم للبابا شنودة مزارًا بالأنبا بيشوي يتضمن رفاته وملابسه الرهبانية السوداء، ومتحف صغير يضم مقتنايات البابا شنودة، وسيارته الخاصة، وآلاف الصور الفوتوغرافية التي جمعته بعدد من الرؤساء العرب والأفارقة والأمريكان، وبعضًا من كتبه ومؤلفاته، وشهادات الدكتوراه الثماني التي حصل عليها من عدة جامعات دولية، وبعض الجوائز المهمة التي نالها من جهات دولية عدة.