* مصر طوال تاريخها تدعم الأشقاء العرب فى المجالات الفنية والثقافية.. والمكافآت وزيادة عدد الحفلات تعوض العازفين عن انخفاض الراتب الأساسي * خريجو المعاهد الموسيقية لا تتناسب مع احتياجات السوق.. ونفتتح سلسلة أفرع للأكاديمية فى المحافظات بدأت بالإسكندرية * السفارات الأجنبية تدعمنا بقادة وعازفين لتعويض ما خلفه ارتفاع سعر الدولار قضية سفر الموسيقيين للعمل بالخارج سواء بشكل دائم أو غير منتظم أى فى صورة حفلات ومهرجانات تقام على مدى العام، ألقت بظلالها على الوسط الموسيقى والفنى خلال الفترة الأخيرة، نعم السفر إلى الخارج عرفه الموسيقيون من سنين طويلة، من خلال الفرق الموسيقية التى تصاحب كبار النجوم العرب، مثل محمد عبده وطلال مداح وعبدالله الرويشد ونوال، واحلام، ورابح صقر، وغيرهم، وهذه الحفلات قدمت للساحة الفنية عددا من القادة المصريين منهم عماد عاشور، ورضا رجب، ووليد فايد، وخالد فؤاد، وطارق عاكف، وحاليا هانى فرحات. لكن مع فتح الخليج لاسواق جديدة فى مجال الترفيه ووزيادة عدد المهرجانات والحفلات، ارتفع أجر الموسيقى فى الخارج وشكل عنصر جذب له، إلى جانب من يسافرون ويقيمون هناك للعمل فى مجالات التدريس أو التسجيلات، وهو ما بات يقابله وجود نقص فى الفرق المصرية بصفة عامة وليس التابعة فقط للدولة. لم نقصد خلال عرضنا للتحقيق الذى نشر الجمعة الماضى عندما ذكرنا الهجرة للعازفين كمفرد لغوى بمعناها الحرفى، لكن ذكرناها لتعبر عن حجم الأزمة، حتى لا يفهم البعض أن تناولنا مبالغ فيه. ولأن أزمة الموسيقيين تمس شريحة من فرق الدولة تحدثنا مع المسئولة الأولى عن الثقافة فى مصر، لكى نبحث معها حجم المشكلة وهل كنا مبالغين عندما قلنا إن سفر الفنان للخليج «تذكرة سفر بلا عودة أم أن هناك توصيفا آخر منها لهذه الازمة. الدكتورة إيناس عبدالدايم هى عازفة ومدير فنى للاوركسترا قبل ان تكون رئيسة سابقة لدار الاوبرا، ثم وزيرة حاليا للثقافة، وبالتالى فهى تعى حجم المشكلة من الألف إلى الياء.. طرحنا عليها كل ما طرحه الموسيقيون من آراء.. تقول عبدالدايم: فى البداية.. لابد أن أؤكد أن سفر الفنانين إلى الخليج ليس بالأمر الجديد، لكنه أمر متعارف عليه منذ فرة طويلة، لكن الملاحظ أن عدد الحفلات زاد نتيجة اهتمام دول الخليج فى السنوات الاخيرة بالثقافة والفنون. وانا شخصيا كفنانة ووزيرة للثقافة سعيدة بأن الفنان المصرى مطلوب فى كل مكان لأن سفره من اجل الحفلات له جانب فنى وآخر اقتصادى. الفنى هو نوع من الاحتكاك بمدارس فنية، سواء الفنانين الخليجيين أو الاجانب، اما الجانب الاقتصادى فهو دخل اضافى للفنان والبلد، لأن اغلب الفنانين يحصلون هناك على الأجر بالدولار، ونحن كدولة بالتأكيد نريد اكبر كم من الدولار يدخل مصر. ** لكن البعض يرى ان سفر الفنان إلى الخارج يضعف مستوى الفرق المحلية؟ أولا لابد أن أوضح أن أغلب الموسيقيين يسافرون لعمل حفل أو مجموعة من الحفلات ويعودن لمصر، والامر ليس هجرة. الشىء الثانى ليس فنانو الاوبرا فقط الذين يقومون بالسفر إلى الخارج، هناك فنانون آخرون ليسوا اعضاء بالاوركسترا او فرق الموسيقى العربية يسافرون، وبالتالى فالتأثير ليس كما يرى البعض، نحن لدينا فى وزارة الثقافة فرق مستقرة جدا. ** بعض العازفين من اعضاء الاوركسترا أو الذين تركوه أكدوا لنا أن هناك تراجعا فى عدد العازفين وصل إلى النصف؟ انخفاض عدد العازفين ليس سببه الوحيد السفر، لكن هناك عدد منهم يخرج للمعاش، والبعض الآخر يترك الاوركسترا لأنه يرى ان عدد البروفات كثير جدا، وكمّ البروفات هذا لا يمكن التدخل فيه لأنه متعارف عليه، والمايسترو يضع برنامجا سنويا لهذا الأمر، وهؤلاء الذين يرون أن عدد البروفات مبالغ فيه، يفضلون الاستقالة، وكثير منهم استقال لكنه لم يسافر وبعض الذين سافروا عادوا لمصر. ولو قرأنا قضية تراجع عدد العازفين من زاوية أخرى سوف نكتشف ان السبب الرئيسى فيه تراجع عدد خريجى المعاهد الموسقية باكاديمية الفنون، الاعداد الآن لا تتناسب مع احتياجات السوق، الدفعات فى بعض الآلات فى الماضى كانت تتراوح من 12 إلى 20 طالبا، الآن وصل الامر من 3 إلى 5، وبالتالى فالأكاديمية التى كانت الداعم الاول لفرق الاوبرا اوركسترا وموسيقى عربية وباليه، لم تعد تقدم الاعداد المناسبة. ** لكن البعض يرى أن هروب العازفين سببه الاول الدخل الشهرى للعازف؟ أولا العازف يحصل على راتب اساسى شهرى ثابت لا يمكن ان نقترب منه لأنه قانون دولة، ولأننا نرى أن الراتب لم يعد كافيا بالنسبة للعازف قمت خلال رئاستى للاوبرا بعمل عدة انظمة اخرى تدعم العازف أو الفنان ماديا أبرزها صرف مكافآت عن الحفلات التى تزيد عن البرنامج الاصلى لأى فرقة، بمعنى لو ان الفرقة مثلا لها فى الشهر 4 حفلات، نمنح الفنان مكافأة عن أى حفل يزيد، والحمد لله برنامج دار الاوبرا فى السنين الاخيرة تضاعفت حفلاته، بما فيها مهرجان الموسيقى العربية، الذى زادت حفلاته لاكثر من الضعف وكل هذا خلق فرص عمل لزيادة الدخل، وهناك عازفون يحصلون على اجور من وجهة نظرى جيدة. واتصور ان ما قمنا به خلال السنوات الاخيرة فى الاوبرا عجز رؤساء الاوبرا السابقون عن تحقيقة معنا. ** البعض يرى أن التأمين الصحى أو مكافأة نهاية الخدمة مشاكل تحتاج لحل؟ هناك نوعان من التأمين الصحى الاول يتبع الدولة، والثانى يتبع شركات تأمين خاصة، الاول ليس مناسبا للكل، ولذلك عملنا على توفير الثانى ايضا، لكن الاغلبية رفضت دفع نصيبهم فى الاشتراك، لأن هذا النظام يقوم على ان صاحب العمل يدفع جزءا والمستفيد يدفع جزءا آخر وهذا متعارف عليه، ولأن الاغلبية رفضت ألغينا الفكرة، لكن يظل التأمين الصحى الذى يتبع الدولة موجودا، أما مكافأة نهاية الخدمة فهى تخضع لقانون الدولة، والقانون يطبق على الكل. ** ماذا عن العازفين الأجانب؟ هذه قضية مهمة لأن العازفين الأجانب فعلا تراجع عددهم بسبب ارتفاع الدولار، لأننا لنا حد أقصى فى الأجر، ومع ارتفاع سعر الدولار أصبح الأجنبى يكلفنا أكثر، لأن العازف الأجنبى مطلوب منه، مأكل ومشرب ومسكن، كما أنه يجب عليه ان يدخر بعض الاموال لانه مغترب من اجل المال، فاصبح العائد المادى لا يناسب البعض، وبالتالى تراجع عددهم، وهذا التراجع من شأنه التأثير على مستوى الاوركسترا، لأن وجود الاجنبى له فائدة فنية ألا وهى الاحتكاك مع المصريين، وبالتالى كل منهما يرفع من مستوى الآخر. لكن هذه النقطة تحديدا عملنا على تداركها من خلال الاتصال بالسفارات الاجنبية وعمل بروتوكولات للتعاون معهم يقضى بأننا نستضيف العازف أو المايسترو أو المغنى أو راقص الباليه ونتحمل جزءا والباقى تتحمله سفارات هذه الدول. ** أعود بك لنقطة تراجع عدد المتقدمين لأكاديمية الفنون ما هى أسبابها وطرق العلاج؟ هناك تغيرات اجتماعية، أدت لهذا التراجع، كما أن الاضواء انحصرت عنها و لم تعد فى بؤرة الاهتمام خلال السنوات الاخيرة، والآن يعمل الدكتور اشرف زكى رئيس الاكاديمية على تدارك الامر. وما أحب أن أركز عليه هو ان الاكاديمية افتتحت فرعا لها بالاسكندرية هذا الفرع كان موجودا بالفعل لكنه لم يكن يمنح شهادة، الآن أصبح مثله مثل اكاديمية الفنون بالهرم يمنح نفس الشهادة والامتيازات، وهناك خطة لانشاء افرع اخرى للاكاديمية فى محافظات اخرى، وهناك جولة سوف يقوم بها الدكتور اشرف زكى للقاء بعض المحافظين من اجل هذا الامر، ايضا سوف نعيد الدراسات الحرة مرة اخرى، وانا شخصيا بدأت دراستى فى الاكاديمية من خلالها، لأن اسرتى كانت تريدنى ان ادرس دراسة عادية فى المقام الاول، وفعلا درست بشكل عادى ودخلت دراسات حرة، ثم استكملت دراستى الاكاديمية. وهذا الامر بالتأكيد سيكون له دور فعال فى زيادة اعداد الخريجين. ** البعض يرى أن من أسباب تراجع الأعداد فى أكاديمية الفنون صعوبة الاختبارات التى تسبق الالتحاق من قبل أساتذة الأكاديمية؟ هذا صحيح وأنا شخصيا ضد هذا، فالطالب طالما حضر اليك ووجدت ان مستواه 30% مثلا يمكننا بمزيد من العمل معه اثناء الدراسة ان نصل به لمرحلة افضل. ** بصفتك فنانة ألا ترى أن الأسواق العربية المفتوحة للعازفين تمثل خطرا؟ ليست خطرا، مصر طوال تاريخها وهى تلعب نفس الدور وهو مد الإخوة العرب بكل ما يطلبونه فى مجال الفنون، وعلينا أن ننظر لزيادة الحفلات والمهرجانات نظرة ايجابية، باعتبارها سوقا جديدة للفنان المصرى، لكن ما أطلبه من أى فنان هو أن يكون مدركا أن عليه دورا وواجبات للفرق التى يعمل بها، وأنا لست ضد سفرهم خلال الحفلات المختلفة التى تقام من وقت لآخر، بهدف زيادة دخلهم، لكن عليهم أن يكونوا حريصين على فرقهم الأم كحرصهم على السفر، هذا بالنسبة لاعضاء الفرق التى تتبع الاوبرا، خاصة اننى اعمل جاهدة على الارتقاء بالمناخ المحيط بهم من كل الوجوه لاننى فى الاساس منهم، وابنة الاوركسترا، لكن عليهم ان يساعدونا.