قال مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، إن جماعات التطرف والإرهاب زورت التاريخ، وقلبت الحقائق بصورة معاكسة مغايرة تماما لما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمنت مناهجها العلمية والتربوية مفاهيم العدوان والصدام وعقيدة وجوب قتل من لم يؤمن بالإسلام عند أتباعهم وأنصارهم ممن لم يستنر عقله بالمنهج النبوي الصحيح. وأضاف خلال كلمته في افتتاح أعمال "المؤتمر الوزاري الإقليمي الأول لتعزيز الحرية الدينية ودور التعليم والتسامح الديني في مكافحة الفكر المتطرف"، المنعقد في "أبو ظبي"، أمس، الأحد، أن من أهم المصطلحات التي وردت في عنوان هذا المؤتمر الكريم، مصطلح الحرية الدينية، وهو من المبادئ القرآنية الهامة التي أرساها الإسلام وحث عليها القرآن الكريم، وأن ما تحمله أمتنا الإسلامية بين جنباتها من القيم الأخلاقية والروحية ليمثل المعنى الأصيل لمفهوم الحضارة الإنسانية، التي تضع ترقية العقل والروح والفكر في مكانة أسمى وأعلى من أية منجزات مادية قد أنتجتها الحضارات المعاصرة. وأوضح المفتي، أنه على الرغم من وضوح هذا المعنى وثباته في جميع مراحل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم المباركة، فقد جاءت جماعات الضلال والفتنة بمفهوم عجيب غريب عن دين الإسلام وعن أخلاق رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك المفهوم يتلخص في دعوى أنه بانقسام الخلق إزاء دعوته صلى الله عليه وسلم إلى مسلمين وكفار انعقدت العداوة بين الفريقين، فجعلوا دعوة الإسلام دعوة صدام حضاري وكراهية أممية وعداوة دينية لكل من رفض الدخول في الإسلام. وأشار المفتي إلى أنه رغم ما لاقى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، من صد عن الإسلام وعداوة وتنكيل وحصار وتهجير ومصادرة أموال ورمي بالباطل، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمقابلة ذلك كله بالصفح وبذل السلام لا بالعداوة والبغضاء. قال تعالى: {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} [الزخرف: 89]، وقال تعالى: {فاصفح الصفح الجميل} [الحجر: 85]. وتابع بأنه ترتب على ما أسلفنا من إقرار مبدأ الحرية الدينية بشكل كامل كمبدأ قرآني إسلامي نبوي أن يكون هذا المبدأ قاعدة ثابتة راسخة في مناهجنا التعليمية والتربوية والتثقيفية، حتى تنشأ الأجيال عليها، وتتشربها العقول والأفئدة. وزاد: من هنا تأتي أهمية التعليم بكل ما يحمله ويعنيه مصطلح التعليم من شمول وسعة في محاربة التطرف والإرهاب، ونعني بالشمول التعليمي هنا كل مصدر يتلقى الإنسان منه علما أو قيما أو أخلاقا، ابتداء من الأسرة والوالدين مرورا بالمدرسة ثم المسجد ثم النادي ثم مواقع التواصل الاجتماعي، إلى آخر ما يصلح أن يكون مصدرا للتلقي والمعرفة وتكوين العقول الواعية الناضجة". واختتم مفتي الجمهورية كلمته الرئيسية في المؤتمر بقوله: "إن إدراكنا الواعي لضرورة أن تتقدم أمتنا الإسلامية لاستكمال مشاركتها الحضارية والإنسانية لن يتأتى أبدا في ظل شيوع أفكار ومبادئ وقيم الصدام والصراع والقطيعة بيننا وبين العالم".