كدت قيادات كردية سورية أن قضية استرداد الدول لرعاياها ممن انخرطوا في السابق في صفوف داعش ويجري احتجازهم حاليا لدى قوات سورية الديمقراطية (قسد) لا تزال تراوح مكانها، إلا أنها لفتت إلى أن بعض الدول بدأت في استرداد رعاياها من زوجات عناصر التنظيم وأبنائهم. وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، قال عبد الكريم عمر رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية إنه لا توجد بيانات نهائية بشأن عدد معتقلي التنظيم لدى قسد (التي يشكل المسلحون الأكراد أبرز مكون فيها)، وأرجع ذلك إلى الأوضاع على الأرض وتزايد أعداد المعتقلين يوما بعد يوم في ظل استمرار المعارك. وأضاف: "بالحملة الأخيرة لقوات سورية الديمقراطية ضد داعش جرى توقيف أعداد كبيرة: أعداد عناصر التنظيم السوريين الذين تم توقيفهم تجاوز الآلاف ... أما المقاتلين الأجانب المرتزقة فلدينا منهم تقريبا 800 معتقل، ولدينا أكثر من 1500 طفل وحوالي 700 امرأة". ولفت إلى أن "الأجانب الموقوفين ينتمون إلى 49 دولة، وهناك أعداد كبيرة من الموقوفين من دول الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا وتونس والجزائر والعراق وتركيا والسعودية والفلبين". وحول ما إذا كانت أي دولة قد قدمت طلبا للإدارة الذاتية لتسلم رعاياها من مقاتلي التنظيم، أجاب :"كازاخستان أخذت مواطنيها: وهم حوالي خمسة مقاتلين و11 امرأة و30 طفلا ... ولكن بقية الدول أخذت أعدادا فقط من رعاياها من النساء والأطفال وليس من المقاتلين الذكور ... فروسيا أخذت مجموعة من الأطفال والنساء الشيشانيات ... وإندونيسيا استردت عائلة كبيرة من حوالي 28 فردا: خمسة أخوة ذكور بزوجاتهم وأطفالهم، وهؤلاء لم يكونوا مقاتلين من داعش وإنما فقط رغبوا بالعيش في كنف دولة الخلافة ولما اكتشفوا حقيقتها هربوا إلى مناطقنا وتسلمتهم دولتهم منا ... كما تم تسليم سيدتين للسودان". ودعا القيادي الكردي المجتمع الدولي ومختلف المنظمات وكذلك الدول المشاركة بالتحالف ضد داعش "إلى تحمل مسؤولياتهم بالمشاركة في دعم نفقات التكلفة المعيشية للأجانب المحتجزين، وخاصة من النساء والأطفال، في ظل ارتفاع عددهم بما يفوق قدرة الإدارة الذاتية وقوات سورية الديمقراطية". واستنكر عدم قيام المنظمات الدولية بتقديم دعم للجهات الأمنية "التي تحتجز مقاتلي التنظيم من الذكور في سجون ومعتقلات أصبحت غير قادرة على استيعابهم مع ارتفاع الأعداد تدريجيا جراء هزائم التنظيم المتتالية". وأوضح عمر أن "النساء والأطفال الأجانب من عائلات داعش يتواجدون في ثلاث مخيمات هي الهول وعين عيسى وروج ... ويتم التعامل معهم بذات الطريقة التي يتم التعامل بها مع المدنيين الفارين من جحيم المعارك"، مشددا على أن هذا ينطبق أيضا على "النساء المتطرفات اللاتي كن يقاتلن ضدنا في صفوف التنظيم". وكشف عن أن المعلومات التي تم الحصول عليها خلال استجواب الموقوفين ساهمت في "إجهاض كثير من العمليات الإرهابية بأوروبا". من جانبها، نفت ماجدة أمين مسؤولة المخيمات بالحسكة ما تردد حول عدم توافر الأدوية والغذاء بشكل كاف للنساء والأطفال من زوجات وأبناء عناصر داعش بمخيم الهول، فضلا عن منعهن من استخدام الهاتف المحمول، وأكدت ل(د.ب.أ)، :"هذا ليس حقيقيا، ومنظمة الصليب الأحمر ومنظمات أخرى حقوقية تزور المخيم مرة كل أسبوع ويطمئنون على أحوالهم: نحن لا نفرق بين الخدمات التي نقدمها لهم وبين ما يقَدم للاجئين المدنيين ... فقط زوجات وأطفال داعش موجودون في قسم خاص بالمخيم لرفض المدنيين الاقتراب منهم". وكشفت أنه من الملاحظ بصورة قوية بشأن نساء التنظيم ونساء عائلات عناصره أنهن "لا يزلن يعتنقن نفس الأفكار المتطرفة ويعتقدن في التنظيم ودولة الخلافة". وقالت ليلوى العبد لله المتحدثة الرسمية باسم "حملة عاصفة الجزيرة" التابعة ل(قسد)، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "على الدول التي تريد أن تسترد رعاياها أن تتواصل معنا ونحن سنقوم بتسليمهم لها، ولكن حتى الآن أغلب الدول لم تتقدم لاستردادهم ... وعلى أي حال، هذا عبء، وأي دولة تريد حمل جزء من هذا العبء عن أكتافنا فإننا لن نتردد عن التعاون معهم". وأوضحت أن المعتقلين من مقاتلي داعش خضعوا لعمليات استجواب من قبل الجهات الأمنية في (قسد) بغرض الحصول على ما لديهم من معلومات، خاصة ما يتعلق منها بالمحتجزين لدى التنظيم. وفي شأن المعارك ببلدة الباغوز آخر جيب للتنظيم بمنطقة شرق الفرات، أشارت إلى أن: "الاشتباكات مستمرة وعلى أشدها". ونفت بشدة صحة الأنباء عن مفاوضات مع عناصر داعش في المنطقة من أجل السماح لهم بالخروج لمحافظة إدلب مقابل الإفراج عن عناصر قسد أو أي من المقاتلين الأكراد المحتجزين لدى التنظيم. وقالت: "لا صحة مطلقا لأية معلومات عن تفاوض، وبالطبع يهمنا أمر المحتجزين من قسد لدى هؤلاء المرتزقة، ولكن للأسف لم يتم حتى الآن العثور عليهم". وقالت: "بشكل عام، التنظيم في الرمق الأخير، فهو محاصر في بقعة صغيرة جدا، ولكنه للأسف يحتجز مدنيين لاستخدامهم كدروع بشرية، ما يعيق تقدم قواتنا". وحول تقديرات أعداد المدنيين المحتجزين لدى التنظيم، قالت العبد لله :"لا يوجد تقدير أو إحصائيات دقيقة عن عددهم ... ولكن قواتنا تفتح ممرات لخروجهم ... ولا تدخر جهدا في العمل على تحريرهم ونقلهم للمناطق المحررة". وقال القيادي بقسد ريدور خليل، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، :"المعركة مستمرة دون هوادة على آخر جيب لهذا التنظيم ... في هذه المرحلة، لم يعد هناك مجال للتفاوض مع داعش، ولا خيار أمام من تبقى من عناصره سوى الاستسلام لقواتنا".