أثبتت شركات قطاع الأعمال المصرية قدرتها على اختراق أسواق القارة الإفريقية خلال السنوات الماضية مدعومة بتوجه الدولة لتعزيز تواجدها الإيجابي بالقارة السمراء والمشاركة في تنفيذ مشروعات ضخمة بعدد من دول القارة، وسط توقعات بتزايد حجم أعمال تلك الشركات في القارة، وخاصة مع ترؤس مصر للاتحاد الإفريقي في 10 فبراير الجاري. وتحرص وزارة قطاع الأعمال العام دائما خلال لقاءات الوزير مع أعضاء الحكومة ومجالس إدارات الشركات القابضة وممثلي الشركات الأجنبية وكذلك سفراء الدول على التركيز على ضرورة الانفتاح التجاري والصناعي على الأسواق الإفريقية، والتأكيد على ضرورة وجود ملاحة منتظمة مع القارة السمراء للمساعدة في تسويق منتجات الشركات التابعة لقطاع الأعمال. وفي هذا الصدد، قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام إن أحمد حجازي رئيس الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، إحدى الشركات التابعة للوزارة، سيقوم بزيارة تشاد خلال الأسبوع المقبل لبحث إنشاء مصنع للأدوية هناك بمدخلات مصرية الصنع بما يساهم في تصدير المستحضرات من الشركة القابضة إلى تشاد، ومنها إلى 5 دول مجاورة، وهو ما يأتي في إطار جهود الوزارة وشركاتها التابعة لمزيد من التوسع في الأسواق الإفريقية. وأضاف أن رئيس الشركة القابضة سيقوم خلال الزيارة ببحث تسجيل الأدوية والمستحضرات المصرية وتوزيعها في تشاد، مشيرا إلى أنه بحث مؤخرا مع ممثلي شركة "سانوفي" الفرنسية العالمية في مجال الصناعات الدوائية، تعزيز التعاون للمساعدة في التوسع بالقارة السمراء وربط جسور التعاون، وخاصة في القطاع الصحي. كما بحث وزير قطاع الأعمال مع الدكتور الأمين الدودو عبد الله الخاطري سفير جمهورية تشاد لدى مصر مؤخرا سبل التعاون المشترك، وخاصة في مجال صناعة الدواء، وأكد عمق وتميز العلاقات الوطيدة بين مصر وتشاد، والحرص على الارتقاء بمستوى التعاون في مختلف المجالات، وذلك في ضوء اهتمام القيادة السياسية بالقارة الإفريقية والعمل على توسيع دائرة التعاون مع دول القارة. واستعرض عددا من الأنشطة والمجالات المتنوعة التي تعمل بها الشركات التابعة للوزارة أمام الجانب التشادي، ومن بينها صناعة الأدوية، وشركات المقاولات، والنقل البحري والبري، والقطن والغزل والنسيج، مشيرا إلى أن الوزارة ستقوم بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية بملف التجارة والاستثمار المباشر مع السعي للاستفادة من اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين مصر وتشاد. ومن جانبه، أعرب السفير التشادي عن حرص بلاده على تنمية العلاقات مع مصر والاستفادة من الخبرات المصرية في المجالات المختلفة، خاصة النواحي التعليمية والصحية، والترحيب بالاستثمارات المصرية في تشاد مع تقديم كافة التسهيلات وتذليل أي عقبات أمامها، ووجه الدعوة إلى وزير قطاع الأعمال لزيارة تشاد لبحث تفعيل التعاون وتحقيق مزيد من التنسيق المشترك، الأمر الذي لاقى ترحيبا من جانب الوزير والاستعداد لنقل الخبرة والاستثمار إلى دولة تشاد. ومن جهة أخرى، قال وزير قطاع الأعمال "إنه يتم حاليا بحث تسيير خطوط ملاحة منتظمة إلى مراكز شرق إفريقيا التي تمثل البوابة الرئيسية للقارة، وكذلك توفير خدمات ومراكز لوجستية بواسطة شركات النقل والتجارة الخارجية، التابعة للشركة القابضة للنقل البحري والبري بهدف تعزيز حجم التجارة البينية مع إفريقيا، خاصة وأن التبادل التجاري حاليا بين الجانبين لا يتوافق مع حجم الإمكانيات والفرص المتاحة". وعن تواجد قطاع الأعمال المصري في السودان، قال "إن حجم الأعمال هناك ضئيل وينحصر في قطاع المقاولات، وسيتم العمل خلال الفترة المقبلة على تعزيزه في مختلف المجالات، موضحا أنه بحث مؤخرا مع المهندس أبو عبيدة محمد وزير الدولة السوداني والمدير التنفيذي لصندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان سبل تعزير التعاون، كما تم مناقشة المشروعات التي تقوم بها شركة (النصر العامة للمقاولات - حسن علام)، التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام في السودان، وكيفية تذليل أية عقبات تواجه تنفيذ تلك المشروعات حرصا على العلاقات الأخوية والمتميزة بين البلدين. واستمع وزير قطاع الأعمال إلى شرح من الجانب السوداني بخصوص موقف المشروعات، التي تنفذها شركة النصر، والتي شملت عددا من مشروعات إنشاء الطرق، حيث أشاد الجانب السوداني بأداء الشركة سواء في المشروعات القائمة أو السابقة، وتم الاتفاق على تذليل أية عقبات تواجه تنفيذ تلك المشروعات حرصا على العلاقات الأخوية والمتميزة بين مصر والسودان، وتم التوصل إلى حلول مرضية تضمن مصالح وحقوق الطرفين، وكذلك استمرارية الأعمال التي تقوم بها شركة النصر بالتوازي مع تكثيف الجانب السوداني للجهود الرامية للانتظام في سداد مستحقات الشركة. وبالنسبة لقطاع الغزل والنسيج، أكد وزير قطاع الأعمال، خلال افتتاحه فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الدولي للملابس والمنسوجات "ديستنشن إفريقيا"، أهمية التوسع في السوق الإفريقية، وأن مثل تلك المعارض الدولية تسهم في التعريف بالمنتجات المصرية وفتح أسواق تصديرية جديدة، مشيرا إلى أن المشكلة التي تواجه مصر في زيادة صادراتها وتعاملاتها مع الدول الإفريقية تتمثل في اختراق تلك الأسواق في ظل ضعف الخدمات اللوجستية، الأمر الذي تعمل الوزارة عليه حاليا من خلال مشروع يتم فيه استغلال إمكانيات الشركة القابضة للنقل البري والبحري، والشركة القابضة للتأمين، بما يضمن بناء جسور مع إفريقيا بالتعاون مع القطاع الخاص لتسهيل وصول البضائع المصرية إلى إفريقيا وكذلك تأمينها. وفيما يخص شركة النصر للتصدير والاستيراد، التي كانت صاحبة الانتشار الواسع في قارة إفريقيا، وجه وزير قطاع الأعمال بضرورة إعداد تقارير كاملة ودقيقة عن مؤشرات الأداء لكل فرع على حده، ووضع تصور للاستغلال الأمثل لتلك الفروع خاصة المنتشرة في عدة دول إفريقية، وذلك من خلال استراتيجية ترتكز على قيام الشركة بتوفير حزمة من الخدمات اللوجستية للمصدرين والمستوردين تحقق هامش ربح مناسبا مع تحقيق التكامل بين شركات التجارة الخارجية وشركات النقل البحري والبري في إفريقيا. كما طالب بضرورة إعداد دراسة للأسواق المحتملة والسلع المطلوبة سواء من ناحية التصدير والاستيراد، وكذلك السعي للوصول إلى العميل المحتمل بدلا من انتظار قيام العملاء بالتواصل مع الشركة. وبالنسبة لأبرز التحديات التي تواجه العمل في الأسواق الإفريقية، وأهمها اللوجستيات والتمويل والتحصيل، أكد وزير قطاع الأعمال أن الوزارة تسعى للتغلب على تلك التحديات من خلال توفير خدمات لوجستية بواسطة شركات النقل والتجارة الخارجية التابعة للشركة القابضة للنقل البحري والبري، وكذلك العمل على توفير منتج تأميني من خلال الشركة القابضة للتأمين لمواجهة مشكلة التحصيل من أسواق إفريقيا. ولا تقتصر جهود مصر في إفريقيا فقط على الجهود السياسية والدبلوماسية، وإنما تشمل حزمة من الأمور تعزز فكرة التوجه المصري الإفريقي وتعطيها الحضور والفعالية، وتأكيدا على هذا بدأت القيادة السياسية المصرية من خلال رؤية ومخطط عام لتعظيم الإنخراط القاري على جميع المستويات من خلال الحضور الإفريقي الواسع والمؤثر في عدد من الفعاليات المصرية، خصوصا في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ والمؤتمرات الاقتصادية والعلمية، وفي التبادل السياسي، وفي اتفاقات التعاون مع الدول الإفريقية المختلفة التي تدخل حيز التنفيذ بشكل أسرع من ذي قبل. وتعتز مصر من خلال موقعها الجغرافي وعبر تاريخها الطويل دائما وأبدا بانتمائها الإفريقي، وتنشغل بقضايا القارة وتسعى باستمرار للتعاون والتنسيق مع أشقائها في الدول الإفريقية، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية بما يسهم في خلق الفرص التجارية والاستثمارية المشتركة لتوفير الاحتياجات التنموية المتزايدة للشعوب الإفريقية، وهو ما سيحظى بأولوية لدى مصر في ظل رئاستها للاتحاد الإفريقي عام 2019.