تتجه الأنظار كلها نحو قصر المرادية لمعرفة ما قد ستتمخض عنه الفترة الجارية في الساحة السياسية الجزائرية، وذلك قبيل يومين على استدعاء الهيئة الناخبة في الجزائر من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في حالة ما تقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري في شهر أبريل المقبل. وتتضارب الآراء بين المعارضة والموالاة في الجزائر، حول الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد، فتتذمر الأحزاب المعارضة مما تصفه بالغموض والضبابية التي خيمت على المشهد في البلاد، بينما تستغرب الأحزاب الموالاة مما تسميه ب"الاستعجالية" واستباق الأحداث لدى أحزاب المعارضة. واستبعد، رئيس الحزب الإسلامي، حركة مجتمع السلم، المعارض، عبد الرزاق مقري، احتمال تمديد العهدة، للرئيس الحالي، مشيرا في تصريحه لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إلى أن إضافة سنتين لن يكون الخيار الأمثل للسلطة. واعتبر مقري، أن كل مؤشرات الساحة السياسية بالجزائر في الوقت الراهن لا تلوح بالتمديد، خاصة "إذا فشلت طاولة الحوار بين المعارضة والموالاة في إيجاد حلول جذرية للمشاكل السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد". وأشار رئيس الحزب الإسلامي، إلى أن "المعطيات المتوفرة الحالية كلها تجتمع على دعوة الهيئة الناخبة في وقتها"، أي أن التمديد لسنة أو سنتين أصبح احتمالا ضعيفا، خاصة أنه لم يتم الإعلان عنه حتى الآن، "ولن يكون ذلك إلا في حال وقعت تطورات سياسية جديدة". ورجّح مقري كفة العهدة الخامسة، مشيرا "أتصور أن حظوظ ترشح الرئيس الحالي لعهدة خامسة ارتفعت"، معتبرا أن ذلك لن يكون آمنا للبلاد، "سيناريو عهدة جديدة سيكون صعبا وستلفه مخاطر كثيرة". ودعا إلى التريّث حتى ظهور القرار النهائي واتضاح معالم ما سيكون خلال الفترة الجارية، مشيرا إلى أن" الأيام القليلة المقبلة هي التي ستحسم القول والفعل". ومن جهته، استنكر المكلف بالإعلام في حزب العمال، المحسوب على المعارضة، جلول جودي، من عدم وضوح الرؤية في المرحلة الجارية، لما ستعيشه الساحة السياسية الجزائرية خلال الفترة المقبلة، قبيل الانتخابات الرئاسية في الجزائر. وأشار في تصريحه ل(د.ب.أ)، أن "هناك ضبابية كبيرة تسود الساحة السياسية حاليا"، معتبرا ذلك بإرادة جهات معينة، مبديا تخوفه مما سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة، بسبب هذا التكتم "على النوايا". وأضاف جودي أن "مبدأ الديمقراطية لن يسود إلا بانتخاب مجلس تأسيسي قادر على تكريس رأي الشعب وقوته في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد"، كما دعا إلى "استدراك كل ما فاتنا من وقت لأننا ضيعنا عديد المحطات". وطالب بإعادة النّظر، في الطريقة التي يسيّر بها النظام الجزائري البلاد، مشيرًا إلى أن "المشكل ليس في الأشخاص وإنما في النظام الذي ظهرت محدوديته جليا في الفترة الأخيرة"، موضحًا أن "تغيير الرّئيس وحده في الجزائر لا يكفي، فإذا بقي النظام وتغيّر الرئيس سيظل المشكل قائمًا". ومن جانبه، انتقد فؤاد سبوتة عضو مجلس الأمة، عن حزب جبهة التحرير الوطني "حزب الموالاة في الجزائر"، اتهامات المعارضة للنظام بالضبابية التي تعيشها الساحة السياسية في الجزائر. وأشار خلال حديثه ل(د.ب.أ) ، أن المعارضة "تحاول الظهور لتغطية غيابها طيلة الفترة الماضية"، وأضاف "أحزاب المعارضة يحاولون في كل مرة الاستثمار في وضع الجزائر وحساسية المرحلة التي تمر بها". وامتعض سبوتة، من اعتبار المعارضة الجزائرية لترشح الرئيس الحالي لعهدة خامسة، خطرا على البلاد، مشيرا إلى أنها تحاول بذلك لعب دور الوصي على الشعب الجزائري وتحاول الظهور بثوب الضحية". وذكر سبوتة، إن الأحزاب المعارضة تسبق الأحداث، مشيرا إلى أن الآجال القانونية لاستدعاء الهيئة الناخبة لا تزال قائمة، مضيفا "حتى الآن الدولة سائرة بعيدا عن أي خرق للقانون أو تجاوز للصلاحية الممنوحة للرئيس". ودعا المتحدث الأحزاب المعارضة إلى "اتخاذ أساليب أحدث بعيدا عن الطرق التقليدية للظهور في صورة البطل المدافع على مصالح الأمة، هذه المعارضة لو كان لها الامتداد الشعبي لكانت ببساطة هي من تسير شؤون البلاد". وعن توقعات حزب الموالاة حول ما إذا سيكون هنالك تمديد للعهدة الحالية، أو ترشح بوتفليقة للمرة الخامسة، قال سبوتة إن "الخيار عند الرئيس وحده، بعيدا عن الدخول في متاهات التكهنات، حتى الساعة، نحن ننتظر 16 من كانون ثان/يناير لاستدعاء الهيئة الناخبة في الآجال المحددة دستوريا". وعن توقعاته، قال "كل الاحتمالات واردة بما فيها التمديد، وللرئيس كامل الحق في الترشح لعهدة جديدة لاستكمال برنامجه السياسي والاقتصادي واستكمال إصلاحاته التي لا ينكرها إلا جاحد". وأضاف سبوتة أن حزب جبهة التحرير، "يساهم في تسيير شؤون البلاد ولديه أغلبية في المجالس المحلية ومجلس الأمة"، مضيفا أن حزبه يحمل "كل الإجابات لكل الأسئلة التي تطرح والتي يعتبرها البعض ضبابية". وعن ترشح بوتفليقة لعهدة جديدة قال المتحدّث: "الدستور يسمح له بالترشح وسنكون له جنودا في الحملة والذي يزايد علينا، يلتحق بالسباق الرئاسي وفيصلنا الميدان، واستمرار الرئيس في تسيير شؤون البلاد سيكون في مصلحة الجزائر". يذكر أن القانون الخاص بالانتخابات لعام 2016، في المادة 136، ينص على أنه يجب استدعاء الهيئة الناخبة بمرسوم رئاسي قبل 90 يومًا من يوم الاقتراع، مع مراعاة أحكام المادة 102 من الدستور التي تشير إلى الحالات التي يكون فيها رئيس الجمهورية غير قادر كليا على أداء واجباته، وتفصلنا على الموعد النهائي يومين، وتنتهي صلاحيات رئيس الجمهورية يوم 16 أبريل 2019.