كشفت منظمة السلام الأخضر "جرينبيس"، المعنية بالبيئة في العالم، أن مرتفعات مبومالانجا ومروجها المليئة بالأزهار البرية في دولة جنوب إفريقيا تعد من أكثر مناطق العالم تلوثا، رغم أنها مغطاة بالنباتات الخضراء المنتشرة على مساحات واسعة. وقالت "جرينبيس" في تحليل لصور أقمار صناعية نشرته أخيرًا، إن مرتفعات مبومالانجا تعد أكبر مساحة متصلة في العالم ملوثة بغاز ثاني أكسيد النيتروجين NO2 المميت. لافتة إلى أن المنطقة بها العديد من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، والمملوكة لشركة "إسكوم" الوطنية في جنوب إفريقيا. وتقوم منظمة "السلام الأخضر" بتحليل يومي لصور الأقمار الصناعية التي جمعت بواسطة القمر الصناعي "كوبرنيكوس سينتينال- 5P" في الفترة من أول يونيو إلى 31 أغسطس. ويقول باحثون تابعون للمنظمة إن كميات الغاز التي تم رصدها شكلت أعمدة من الغازات في طبقات الغلاف الجوي للأرض، مشيرين إلى أن الفترة التي رصدت فيها معدلات التلوث الأعلى حدثت خلال الفترات التي تتزايد فيها أنشطة توليد الكهرباء في دولة جنوب إفريقيا. وبينت المنظمة أن الصين نافست جنوب إفريقيا في مسألة التلوث بغاز ثاني أكسيد النيتروجين السام، حيث احتلت الصدارة كأكبر دولة في العالم من حيث عدد البقع الملوثة بغاز NO2 المميت، وتلتها منطقة الشرق الأوسط التي حلت في المرتبة الثالثة عالميا، ثم الاتحاد الأوروبي، فالهند، والولايات المتحدة، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. والمعروف أن انبعاث غاز ثاني أكسيد النيتروجين يتزايد بسبب تصاعد انبعاثات المناطق الصناعية، وعوادم السيارات، وحرق المنتجات الزراعية. ويتكون غاز ثاني أكسيد الكربون السام جراء حرق الوقود تحت درجات حرارة عالية، أو بسبب حرق الوقود الذي يحتوي على نيتروجين. وينجم عن ذلك الغاز في مستوياته المنخفضة التهاب العيون والأنف والحلق والرئتين، بينما يتسبب التعرض له لفترات أطول في إصابة الإنسان بأمراض تنفس مزمنة، فضلاً عن أن انبعاث غاز ثاني أكسيد النيتروجين مصحوبًا بالرطوبة في الأجواء يتسبب في سقوط ما يعرف ب"الأمطار الحمضية". كما يتصاعد غاز ثاني أكسيد النيتروجين السام مع أدخنة التبغ والسجائر المشتعلة، الأمر الذي دفع مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أضانوم غيبريسوس، إلى الإعلان أن تلوث الهواء بما يعرف ب"التبغ الجديد" يتسبب في قتل سبعة ملايين إنسان كل عام. ونظرا لاعتماد جنوب إفريقيا على الاستخدام المكثف للفحم في توليد الطاقة، فإن مستوى انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين يفوق بأكبر من 10 مرات نظيراتها في الصين واليابان. وتقول "جرينبيس" إنه على الرغم من إمكانات جنوب إفريقيا الكبيرة على صعيد مصادر الطاقة المتجددة، فإن شركة "إيسكوم" الوطنية لم تشرع في الاعتماد على تلك المصادر إلا في الآونة الأخيرة. ومن المعروف عن مدينة "إمالاهليني"، التي تعني باللغة المحلية "موقع الفحم" وتعد أكبر مدينة في منطقة مبومالانجا، أنها الأسوأ في معدلات التلوث في جنوب إفريقيا. وكشفت دراسة أجرتها جماعة مراقبة البيئة "جراوند وورك" في عام 2014، أن توليد الكهرباء في محطات تعمل بالفحم يتسبب في أكثر من 50% من الحالات المرضية التي تعرض على المستشفيات وحالات الوفاة الناتجة عن أمراض التنفس في المنطقة. وتبين تحليلات الطقس والمناخ أن الرياح باتت تحمل الهواء الملوث من الغرب إلى جوهانسبرج، كبرى مدن جنوب إفريقيا، والعاصمة بريتوريا. وتقول مديرة حملة المناخ والطاقة لجنوب إفريقيا في منظمة "جرينبيس"، ميليتا ستيل: "نظرا لأن أحزمة الفحم في جنوب إفريقيا خفية عن العيون لغالبية الشعب في البلاد، فإنه من اليسير الادعاء أنها ليست موجودة في الأساس، لكن الواقع يؤكد أن استخراج الفحم وحرقه تصاعدت آثاره بصورة كبيرة على الناس الذين يقطنون في المنطقة".