وسط الحصار الذى تعيشه مصر من التلوث الذى يجتاح المياه والطعام والهواء جاء قرار الحكومة باستخدام الفحم فى توليد الطاقة ليزيد من هذا الحصار ليستهدف رئات المصريين الذين سيعانون بشدة مع ضخ أطنان هذا المصدر الردئ للطاقة داخل المصانع.. ورغم ارتفاع أسعار الفحم عالميا، إلا أن الحكومة لجأت إليه كمصدر رخيص القيمة مقارنة بالطاقات الأخرى دون أن تراعى صحة المواطنين الذين سيتأثرون دون أدنى شك من الانبعاثات التى ستخرج نتيجة استخدامه فى مصانع الأسمنت والحديد والصلب والصناعات الأخرى كثيفة الاستخدام للطاقة.. واشتهرت مناطق شبرا والمعصرة بوجود نسبة كبيرة من التلوث نتيجة وجود مصانع الأسمنت ومدى تأثر الساكنين بهذه المناطق بالأتربة الملوثة، والتى تستهدف رئاتهم وكثيرا منهم ما يصاب بالربو والتهاب الشعب الهوائية والرئتين وسرطان الرئة فى نهاية المطاف. اشتهرت مناطق شبرا والمعصرة بوجود نسبة كبيرة من التلوث نتيجة وجود مصانع الأسمنت ومدى تأثر الساكنين بهذه المناطق بالأتربة الملوثة، والتى تستهدف رئاتهم وكثيرا منهم ما يصاب بالربو والتهاب الشعب الهوائية والرئتين وسرطان الرئة فى نهاية المطاف.
واستعان بعض النشطاء البيئيين بدراسة عن استخدام الفحم فى الطاقة، حيث أثبتوا أن حرق الفحم يتسبب فى خروج أكثر من سبعين عنصرا ضارا متمثلاً فى غازات سامة ومعادن ثقيلة ملوثة وتظهر هذه المخلفات بعد حرقه لتتصاعد إلى الجو، وتسبب التلوث حيث سينتشر ثانى أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون والكثير من المعادن السامة مثل الرصاص فى الهواء ويزيد من نسبة الأمطار الحمضية والتى تتسبب فى تلف المنظومة البيئية والزراعية.
ولم تكترث الحكومة بتقارير المنظمات البيئية فى أوروبا جراء استخدام دول الاتحاد الأوروبى للفحم وحالات الوفاة التى يسببها كل عام، واضطرت إلى التفكير فى هذا الحل لترشيد النفقات داخل الموازنة العامة متجاهلة صحة المواطن وحقه فى استنشاق هواء صحى ونقى وهى أبسط حقوقه.
ويقول الدكتور محمد خليل حسن أستاذ القلب إن استخدام الفحم فى مصر سيؤدى إلى الكثير من الكوارث الصحية والبيئية نظرا لإهمال المصانع الاشتراطات البيئية خاصة أن كل ما يشغلها هو تحقيق الربح دون النظر إلى صحة المواطن المصرى الذى يتعرض للكثير من الملوثات نتيجة تجاهل الاهتمام بالبيئة.
وأشار حسن إلى أن عدم الاهتمام بالفلاتر التى تنقى الغاز الصادر عن حرق الفحم من أول اكسيد الكربون والكبريت سيعنى استمرار المهزلة البيئية التى يدفع ثمنها المصريون عاما بعد الآخر.
وأوضح حسن أن الذى سيدفع الفاتورة كاملة جراء الإهمال البيئى هو الجيل القادم، نظرا لأن الجو سيزداد تلوثا مع مرور الوقت حتى أصبحت مصر فى المراتب المتأخرة فى ترتيب الدول المهتمة بنظافة البيئة، فى الوقت الذى تمنح الدول الأوروبية اهتماما كبيرا بالمحافظة على النظام البيئى واستنشاق الهواء النظيف والنقى، لذلك نجد صحة الأوروبيين أفضل وإصابتهم بالأمراض التنفسية والصدرية أقل بكثير عن مصر.
وأوضح حسن أن مناطق شبرا والمعصرة ملوثة جدا نتيجة تواجد مصانع الأسمنت، والسؤال الذى يطرح نفسه ماذا سيحدث لهذه المناطق القريبة من تلك المصانع إذا ما تم استخدام الفحم فى توليد الطاقة؟!
وتابع حسن قائلا إن هناك اشتراطات لاستخدام الفحم فى الصناعة منها ضرورة الابتعاد عن المناطق المتكدسة بالسكان، والتى تقل فيها التهوية الجيدة، وبالتالى فإن استخدام الفحم سيكون أكثر خطورة عنه فى المناطق جيدة التهوية ونحن نتكلم الآن عن كارثة صحية يمكن أن تحدث إذا ما تم استخدامه فى مناطق المعصرة وشبرا القريبة من تلك المصانع.
ومن جهته قال الدكتور محمد عامر عميد كلية الطب السابق بجامعة الزقازيق إن استخدام الفحم فى الصناعة يحتاج إلى الكثير من الاشتراطات منها الابتعاد بالمصانع عن المناطق السكانية، لأن وجودها فى المناطق الملوثة قد يؤدى إلى تعرض المواطنين للاختناق.
وضرب عامر مثالا بما يحدث فى مناطق الصعيد والأرياف من استخدام الفحم فى التدفئة،حيث إذا تم ذلك فى مكان مغلق فإنه يكون عرضة لاختناق من يستخدمه لأن بها الكثير من المواد الضارة بالبشر.
وأشار عامر أن عنصر الفحم من العناصر التى لا يمكن أن تثق أنك أطفأت الحرارة منها بالكامل حيث تظل نسبة منه مشتعلة فى الداخل وغير مرئية، لذلك فإنه سيكون عرضة إما للأضرار الصحية أو الحوادث لذلك يجب تدريب العمالة بشكل دائم، كما ينصح بالكشف الدورى عن العاملين عن قرب فى أفران الفحم لملاحظة أى طارئ يظهر على صحتهم وبالتالى معالجة المشاكل مبكرا قبل أن تتفاقم.
وأوضح عامر أن الاهتمام بتوليد الكهرباء هو الدافع الرئيسى لدى الحكومة لاستخدام الفحم، ولكن لا يجب أن يدفع الشعب نتيجة ذلك بإصابة جهازه التنفسى بالمواد السامة التى تؤدى فى النهاية للقضاء على حياته وتلوث البيئة المحيطة به، خاصة أن الأطفال سيكونون أكثر عرضة للغازات السامة المنبعثة لأن نموهم لم يكتمل بعد.
واختتم عامر حديثه بأن الدولة يجب أن تراقب بصرامة عملية طرد المخلفات الناجمة عن حرق الفحم وتحوله إلى غازات سامة تصعد إلى طبقات الجو العليا، وتتسبب فى الأمطار الحمضية حتى لا تدفع الأجيال القادمة الثمن غاليا، خاصة أن الأبحاث العلمية قد أكدت تعرض الإنسان لنوبات الربو وسرطان الرئة وتأثر وزن الأجنة عند ولادتها بسبب استنشاق الأم للهواء الملوث بالغازات المنبعثة عن حرق الفحم واختلال وظائف الرئة ونموها لدى الأطفال لذلك فالأمراض خطيرة للغاية.
وقال الدكتور محمود أبو العيون أستاذ الباطنة إن عدم الاستخدام الأمثل للفحم سيؤدى إلى إصابة المواطنين ببعض النوبات القلبية، فضلا عن تأثر الدم الواصل إلى الدماغ مما قد يتسبب فى سكتة دماغية، واضطراب ضربات القلب وإصابة الجهاز العصبى ببعض الأمراض لأن الغازات السامة المنبعثة من الفحم تعمل على تهيج الجهاز العصبى إذا ما تعرض لها باستمرار وللأسف فإن مصر مليئة بالكثير من الملوثات.
وأشار أبو العيون أن الاهتمام بالبيئة ليس نوعا من الترف لدى الدولة بل يجب أن يكون هناك دور واضح لذلك وخطة بيئية للتخلص من الملوثات التى تطارد المواطنين فى كل مكان يذهبون إليه، وللأسف فإن أغلب الأمراض التى يتعرض لها المواطنون أسبابها الرئيسية من البيئة الملوثة التى يعيشون فيها خاصة أن استمرار التعرض للغازات سيؤدى فى النهاية إلى تحجر الرئة ويصيب المريض بالسرطان فى نهاية المطاف.
وطالب أبو العيون الحكومة بضرورة فرض إجراءات على المصانع المخالفة تردعها عن الإهمال فى صرف المخلفات الصناعية بطريقة آمنة، لأنه فى الفترة الأخيرة شهدت مصر قيام بعض المصانع بصرف مخلفاتها فى النيل والذى يعد المصدر الرئيسى للمياه والذى تدور حوله الأزمات فى أفريقيا حاليا.
وأوضح أبو العيون أن مراقبة الفلاتر التى ستستخدمها المصانع أمر ضرورى للحد من التلاعبات التى من الممكن أن يلجأ إليها ضعاف النفوس ممن يبحثون عن الربح السريع ويتغاضون عن تجديد الفلاتر، خاصة أن الرقابة يجب أن تكون يومية على المصانع التى تستخدم الفحم فى إنتاجها كبديل للكهرباء أو الغاز الطبيعى أو المازوت.
وتابع أبو العيون قائلا: إن على الحكومة مراقبة نسبة الأمراض التى يعانى منها المصريون بسبب التلوث وفتح الطريق أمام وزارة البيئة كى تأخذ صلاحيات المراقبة على المصانع وتوعية أصحابها بالمخاطر الحقيقية التى سيعانى منها الشعب جراء الإهمال فى صحتهم، لأن الشعب حاليا يخشى من ضعف الرقابة على هذه المصانع، خاصة أنه عندما يقام مصنع للأسمنت أو الأسمدة أو الكيماويات يعارض المواطنون إقامته لأنه سيلوث الهواء وإن كان لديهم ثقة فى الحكومة لما اعترضوا على إقامة مثل هذه المصانع.