• «ليل خارجى» بالنسبة لى مغامرة أثبتت أننا قادرون على صناعة سينما جيدة بعيدا عن سطوة المؤسسات الكبرى • السينما المستقلة تعمل فى دائرة مغلقة.. وكثير من المنتجين لا يتحمسون لها • لم نحصل على أى دعم طوال مدة تصوير الفيلم باستثناء دعم عينى من إحدى الشركات العالمية • المجازفة من وجهة نظرى أنى أعمل مع فنان لست على اتفاق معه لمجرد أنه مشهور يعيش المخرج أحمد عبدالله حالة فنية خاصة مع عرض فيلمه «ليل خارجى» فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وينتظر بفارغ الصبر ردود أفعال جمهور المهرجان وآرائهم فى الفيلم، وفى حوار مع «الشروق» يتحدث عبدالله عن تفاصيل وكواليس أحاطت بالفيلم، والدعم الذى تلقاه، والسينما المستقلة التى اختار الانتماء إليها رغم كم الصعوبات التى يواجهها العاملون بها، وكيف يواجهون شركات إنتاج عملاقة تسيطر على السوق السينمائية المصرية. الفيلم انتهى تصويره مع بداية العام ولم يعرض تجاريا حتى الآن.. هل هى رغبتك أن يشارك فى مهرجانات قبل طرحه جماهيريا؟ المسألة لم يتم الترتيب لها بهذا الشكل، فالتصوير فى حقيقة الأمر انتهى تماما فى مارس الماضى، فضلا عن أن عمليات المونتاج والمكساج استغرقت وقتا طويلا، خصوصا أننا نطبق أفكارا مونتاجية جديدة فى هذا العمل ومن يشاهده سيلاحظ ذلك، ولذلك هو انتهى بالفعل قبل انعقاد مهرجان تورنتو بشهر واحد فقط، وحتى هذا المهرجان فقد شاهدوا نسخة العمل وليس النسخة النهائية له، واعتمدنا وقتها شكل مونتاج معين ولكنى غيرته لاحقا. أما فيما يتعلق بالعرض فى القاهرة السينمائى، فلا أخفى أننى كأى مخرج كنت أتمنى عرض فيلمى فى هذا المهرجان الذى شهد عرض كثير من أفلامى، ولكن هذه المرة مختلفة كليا لأنها المرة الأولى التى يعرض لى فيلم بالمسابقة الرسمية، وبصراحة عروض المهرجان تفرق معى جدا وأحبها لأنها تضمن لى معرفة ردود أفعال شرائح كثيرة من المشاهدين متنوعين بين نقاد وصحفيين وجمهور عادى، ومن المقرر أن يتم طرح الفيلم فى دور العرض بعد المهرجان بفترة قصيرة. ولكن الكثيرين يرون أن جمهور المهرجان ليس الجمهور الحقيقى للفيلم ولا يعبر عن مردود المشاهدة الفعلية فى دور السينما؟ هذا الكلام صحيح، ولكن هناك مهرجانات مثل كان وفينسيا يكون الموجود فيهم من النخبة السينمائية الذين لهم وجهة نظر تختلف كليا عن القاعدة الجماهيرية الأوسع، ولكن مهرجانات أخرى مثل القاهرة السينمائى وقرطاج وتورنتو تهتم بحضور الجمهور العادى، ونجد كثيرا من الناس العاديين يدفعون تذاكر ليشاهدون أفلاما فى المهرجان، وبالتالى فإن جمهور القاهرة السينمائى متنوع بين شرائح كثيرة للغاية، كلهم يهمنى جدا معرفة آرائهم. وكيف تم اختيار «ليل خارجى» للعرض فى المسابقة الرسمية؟ تحدثت مع إدارة المهرجان وقولت لهم إننى أرغب بشدة فى أن يعرض فيلمى بالمهرجان وخصوصا أنه ليس لدى أى عروض أخرى قبل القاهرة، وبالتالى فهو تتوافر فيه كل الشروط اللازمة للعرض فى المسابقة الرسمية، وبصراحة أنا محظوظ لأن مهرجان تورنتو السينمائى هو غير تنافسى لعدم احتوائه أصلا على مسابقة رسمية وبالتالى منح فيلمى فرصة جيدة للاختيار فى المسابقة الرسمية بالقاهرة السينمائى، وذلك على النقيض من فيلم «ديكور» الذى عرض عام 2016 بالمهرجان فى مسابقة أخرى لأنه سبق عرضه فى المسابقة الرسمية الدولية لمهرجان لندن. هل عرض الأفلام المستقلة فى المسابقة الرسمية للمهرجانات يكون منصفا لها ويعوضها عن المنافسة على صدارة شباك التذاكر؟ نحن فى دائرة مغلقة ونصنع هذه الأفلام لأنها اختيارنا، وبصراحة أنا أتحفظ على جملة سينما مستقلة، فالمخرج عندما يختار هذا الشكل من السينما فهذا اختياره لأن ظروف الإنتاج الموجودة فى السوق لا تسمح بعمل أشكال سينمائية أخرى ربما أحسن وأجود، فكثير من القصص وطريقة الحكى وشكل السينما الموجود فيما يطلق عليه «سينما مستقلة» لن تجدى كثيرا من المنتجين يتحمسون له لأن المنتج فى النهاية غرضه الأول الربح، وأعتقد أنهم لو انفتحوا أكثر وقرروا إنتاج 4 أو 5 أفلام تنتمى لهذه النوعية السينمائية المختلفة فسنجد انتشار هذه النوعيات على نطاق أوسع، وبصراحة هناك كثير من الأفلام التى سميت مستقلة وعند عرضها لاقت إقبالا كبيرا فى شباك التذاكر، والسينما المستقلة لو تحمس لها الموزعون بشكل أكبر للاقت نجاحا كبيرا. ونحن كصناع للسينما المستقلة سعداء جدا، لأنه بعد مرور 10 سنوات على ظهور هذه النوعية، فإنها نجحت فى الوصول لجمهور خاص بها، وأصبح هناك ما يمكن تسميته قاعدة جماهيرية، وأتصور أن الحسابات تغيرت كثيرا فى السنوات الأخيرة، ونراهن على الجمهور التواق لمشاهدة السينما المستقلة الذى يشجعنا على هذه المغامرة. أفهم من كلامك أن عرض أفلام السينما المستقلة فى المهرجانات منصفا لها ولكن ليس بنفس الدرجة كما كانت عليه فى بدايتها؟ أعتقد ذلك طبعا، والوجود فى المهرجان يسمح لنا بالحديث عن أعمالنا فى وجود جمهور كبير، وخصوصا أننا كصناع لهذه النوعية كثيرا ما لا نستطيع توفير الأموال الكافية للشق الدعائى، وبالتالى فإن العرض فى المهرجانات يسمح للصحافة والإعلام أن يتابعان الفيلم، وبالمناسبة نحن بعد انتهاء العرض فى القاهرة السينمائى، نستعد للذهاب إلى مهرجان مراكش بالمغرب. ما طبيعة الصعوبات التى واجهتها لإخراج «ليل خارجى» للنور؟ الحمد لله فإن «ليل خارجى» هو أكثر أفلامى الذى لم يواجه صعوبات، وبصراحة منذ البداية فإن شركة حصالة لمالكتها المخرجة هالة لطفى هى المنتجة ووفرت لنا كل التمويل اللازم فى حدود الممكن، وكان مفهوما بالنسبة لنا فى البداية أن ظروف التمويل طبعا ليست هى المتاحة مثل باقى الأفلام، ولكننا كنا نعوض هذا فى الوقت، بمعنى أننا كنا نأخذ وقتنا بالكامل وبدون استعجال فى إنهاء كل مراحل الفيلم، فربما شكل الإنتاج المختار هو المشكلة الوحيدة التى واجهتنا وتسبب فى طول مدة التصوير. معنى كلامك أنه عرضت عليك أشكال إنتاجية أخرى للفيلم ولكنك رفضتها؟ منذ البداية وأنا مقرر هذا الشكل الإنتاجى لفيلمى، وهو شكل أفتخر به ولا أعتبره عقبة أبدا لأنه اختيارنا، وبصراحة أردت أن أثبت لنفسى من خلال هذا الفيلم أننا قادرون على صناعة سينما جيدة بعيدا عن سطوة المؤسسات الكبرى، وبعيدا عن التمويلات الخارجية، فالفيلم تم تمويله بالكامل بالتعاون مع صناعه، وخصوصا أن الممثلين لم يحصلوا على نفس الأجر المعتادين عليه فى أفلام أخرى، والدعم الوحيد الذى حصلنا عليه كان من شركة للإلكترونيات، ولكنه كان دعما عينيا فى شكل كاميرات متخصصة ومعدات أخرى وفرت علينا كثيرا. وماذا عن التمويل الذى حصلتم عليه من مهرجان دبى؟ إلى أن انتهى تصوير الفيلم لم نحصل على أى دعم يذكر من أى جهة باستثناء دعم الشركة العالمية التى أشرت إليها سالفا، ولكن عندما انتهى تصوير الفيلم حصلنا على منحة إنجاز التى تعطى للفيلم لإنهاء مراحل ما بعد التصوير، وفى ذات الوقت حصلنا على منحة تصحيح ألوان من شركة متخصصة فى بيروت، وبالفعل سافرنا هناك لمدة أسبوع لإنهاء هذا التصحيح. وأوضح هنا أننى كمخرج لا يغرينى إطلاقا عمل فيلم يلحقه مباشرة فيلم آخر، فالأهم بالنسبة لى أن كل فيلم أخوضه أجرب فيه أمرا جديدا وإلا لن يكن هذا العمل مقنعا لى، فالمغامرة فى «ليل خارجى» أن أثبت لى أننا قادرون على عمل أفلام بهذا الشكل فى مثل هذه الظروف الإنتاجية. ألا تجد أن اختيارك أبطال شباب للفيلم ينطوى على مجازفة خصوصا أن بعضهم ليس لديه قاعدة جماهيرية كبيرة؟ لا أعتبرها مجازفة إطلاقا، لأننى أرى بعين المخرج من هو الممثل المؤهل لعمل هذا الدور سواء كان نجما أم لا، فالأهم بالنسبة لى من هو الأجدر على تجسيد الشخصية وفى ذات الوقت يوجد تعاون وتفاهم بيننا، وعليه اخترت كريم قاسم، ومنى هلا، وشريف الدسوقى، وكلهم أفتخر بهم جدا، وسعيد بالعمل معهم، والمجازفة الحقيقية هو أنى أختار ممثلا لعمل الدور لمجرد أنه مشهور ونحن لسنا على اتفاق، وأشير هنا إلى أن فيلمى له إيقاع مختلف لأنه يدور فى ليلة واحدة حول أبطال الفيلم الثلاثة الذين يقابلون فى طريقهم أشخاصا مختلفين هم ضيوف شرف مثل بسمة، وعمرو عابد، وصبرى عبدالمنعم، وعلى قاسم. وهل من حسن حظك أن فيلمك هو المصرى الوحيد المعروض فى المسابقة الرسمية؟ لا أنظر للأمر بهذا الشكل، لأنه توجد 7 أفلام مصرية معروضة فى المهرجان متنوعة بين روائى طويل وتسجيلى وروائى قصير فى الأقسام الأخرى، وهذا طبعا يخلق حالة مختلفة من التنافس.