كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن وجود خلل فى التوازن بين القيادة المدنية في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مقابل القيادة العسكرية، وذلك بعد تسارع وتيرة الاستقالات داخل الوزارة، عقب تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم. وأوضحت المجلة، أن هناك حالة من الأحباط سيطرت على المسؤولين المدنيين في وزارة الدفاع منذ تولي ترامب الرئاسة، حيث دفعت شخصيته ولهجته إلى ترك هؤلاء المسؤولين مناصبهم الرئيسية في الوزارة للضباط العسكريين الذين يعملون بالخدمة أو المتقاعدين. كما عبر العديد من موظفي وزارة الدفاع الحاليين والمتقاعدين، عن مخاوفهم من أن تؤدي كثرة الاستقالات إلى تقويض السيطرة المدنية على الجيش. وأظهر تقرير مستقل أجراه الكونجرس، لاستعراض استراتيجية الدفاع الوطني، "عدم التوزان النسبي بين الأصوات المدنية والعسكرية داخل وزارة الدفاع فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي بالغة الأهمية"، داعيا الوزارة إلى عكس هذا الاتجاه "غير الصحي". وأضاف التقرير، أن النهج البنّاء لأي من القضايا الأمنية الهامة، يجب أن يستند إلى علاقات مدنية-عسكرية سليمة، إلا أن الأصوات المدنية كانت ضعيفة نسبيًا في القضايا التي كانت في خضم سياسة الولاياتالمتحدة للدفاع والأمن القومي، مما أدى إلى تقويض مفهوم السيطرة المدنية. وأوضحت "فورين بوليسي"، أن تدهور القيادة المدنية لوزارة الدفاع يعود إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وقال المسؤول السابق في وزارة الدفاع براين ماكيون، إن تخفيض الميزانية بموجب قانون مراقبة الميزانية لعام 2011 أدى إلى سلسلة من حالات التجميد والتخفيضات في الخدمة المدنية، مما أدى إلى استنزاف القوى العاملة وساهم في تدني الروح المعنوية. وبحسب "فورين بوليسى"، على الرغم من أن هذا التدهور بدأ منذ سنوات، إلا أن وتيرته تسارعت تحت قيادة ترامب. بدورها، قالت كوري شاك، نائب المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن تلك الاستقالات، خاصة في المكاتب التي تركز على قضايا التحالف، خاصة في أوروبا، مرتبطة جزئياً بسياسة ترامب الخارجية المتقلبة ومعاملته لحلفاء واشنطن. وأضافت كوري، أن هناك خوف الآن من أن تؤدي استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، أو الإطاحة به إلى استقالة الموظفين المدنيين البارزين في البنتاجون. ولفتت المجلة، إلى وجود مشكلة أخرى، وهي نهج ترامب المعادي تجاه الخدمة المدنية الأمريكية بشكل عام، مشيرة إلى أن المسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية يشعرون بإحباط شديد من سماع ترامب يتحدث عن الخدمة المدنية كدولة عميقة وأعداء ومنافسين. وذكر مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الرقابة المدنية على الجيش "كانت ضعيفة بالفعل في الإدارة السابقة، وأعتقد أنها فقدت مكانتها في الآونة الأخيرة. إنه لشيء مخز أن تعمل في مكتب حيث لا أحد يستمع إليك". ولفتت المجلة إلى، أن الكثيرين يعتقدوا أن الخلل في القيادة المدنية، مقابل القيادة العسكرية في البنتاجون يضر بقدرة الإدارة الأمريكية على صياغة السياسة. يشار إلى أن ما لا يقل عن تسعة من كبار المسؤولين، غادروا الإدارة الأمريكية في العام الماضي، بمن في ذلك سالي دونيلي كبيرة مستشاري ماتيس، وألبريدج كولبي الذي شارك في قيادة تطوير الخطة الإستراتيجية الأولى للإدارة، وهي إستراتيجية الدفاع الوطني. وفي أكتوبر الماضي، غادر ثلاثة من كبار القادة العاملين في السياسة الدولية وهم: مساعد وزير الدفاع للشؤون الدولية روبرت كارم، ونائب وزير الدفاع للشؤون الإفريقية، آلان باترسون، ونائب وزير الدفاع لشؤون أوروبا وسياسة حلف شمال الأطلسى "الناتو"، توماس جوفوس، كما استقالت نيكي هايلي من منصبها كمندوبة أمريكية دائمة في الأممالمتحدة وهى إحدى أشرس المدافعات عن تصورات ترامب، في خطوة أثارت صدمة داخل البيت الأبيض. وبقيت الوظائف الرئيسية الأخرى في مكتب وزارة الدفاع شاغرة أو مملوءة بالقائمين بالأعمال، بما في ذلك مساعد نائب الوزير. ويعتبر مكتب وزير الدفاع هو الذراع المدنية للوزارة، ويقوم بدوره الهام في مساعدة الوزير في تطوير السياسات وتخطيط العمليات وإدارة الموارد، ورغم أن مكتب وزير الدفاع هو في حد ذاته مكان تقليدي يقضي فيه الموظفون تقريبًا حياتهم المهنية بالكامل، إلا أنه بدأ يفقد قيمته على جميع المستويات، وفقا ل"فورين بوليسي".