بعد مرور عامين على انتخابات رئاسية أمريكية أوصلت رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب الى البيت الأبيض على نحو مفاجئ يصدر الناخبون الأمريكيون حكمهم على الاتجاه السياسي لبلادهم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي تتم الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني. وتواجه المنافسة الانتخابية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري باختبار عسير. فالديمقراطيون يرون فيها فرصة لا تعوض لاستعادة زمام المبادرة في الكونغرس لضبط ومراقبة سياسات الرئيس خلال ما تبقى من ولايته. أما الجمهوريون، وعلى رأسهم ترامب، فيعتبرونها مناسبة للحفاظ على أغلبية في الكونغرس وتأكيد شعبية ترامب ونجاح سياساته الاقتصادية، وبالتالي انتصار مقولته "أمريكا أولا" التي ساهمت في فوزه قبل عامين. لكن المؤكد هو أن هذه الانتخابات تعد استفتاء على عامين من ولاية رئيس لم يتوقف عن إثارة الجدل تارة بتصريحات وتارة أخرى بقرارات مست السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة بل قلبت بعضها رأسا على عقب. ورغم انخفاض شعبية الرئيس ترامب الى 40% حسب استطلاعات للرأي، لم تتمكن مؤسسات استطلاعات الرأي في الولاياتالمتحدة من استنتاج نتيجة محتملة مسبقة لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس إما باستمرار أغلبية الجمهوريين، أو بانتقال هذه الأغلبية الى الديمقراطيين. وتفاديا لسيناريو فوز الديمقراطيين بأغلبية في الكونغرس، قاد الرئيس ترامب، على غير عادة الرؤساء الأمريكيين، عددا كبيرا من التجمعات الخطابية والمهرجانات الانتخابية استمال خلالها الكثيرين بخطابات حماسية، أثار فيها قضايا خلافية هامة مثل الهجرة واللاجئين. وحذر الناخبين منن أن البلاد تتعرض ل"زحف مجرمين ضمن قافلة مهاجرين قادمة من أمريكا الوسطى". وأضاف أن فوز الديمقراطيين بأغلبية المقاعد في الكونجرس سيتبعه تدمير للاقتصاد الأمريكي وتدفق هائل للمهاجرين وانتشار مريع للجريمة. وشجعت لهجة الرئيس المناوئة للأجانب، مهاجرين شرعيين وغير شرعيين ولاجئين على حد سواء، على انتشار تغريدات ورسائل نصية وأشرطة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام اليمينة المتطرفة تسيئ في مضمونها الى مواطنين أمريكيين من أصول إفريقية رشحوا أنفسهم لمناصب في الولاياتالأمريكية. ولم يتوان معارضو الرئيس عن انتقاد أسلوب خطابته واتهموه "بإشاعة الخوف والعنصرية". إلا أن أغلب المرشحين الديمقراطيين تفادوا المواجهة المباشرة معه. وتناولت حملاتهم القضايا التي تمس الحياة اليومية للناخبين مثل الرعاية الصحية والمساواة الاقتصادية أملا في أن يؤدي الخطاب المتشدد للرئيس إلى نتيجة عكسية في صناديق الاقتراع. ترى هل سيتمكن خطاب الرئيس الذي يبعث على الخوف المبالغ فيه من قوافل المهاجرين من أمريكا الوسطى والكراهية للاجئين والتمييز بين الأعراق في المجتمع الأمريكي - حسب معارضيه - من استمالة أغلبية الناخبين لطرحه؟ الديمقراطيون يرون في استمرار سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والكونغرس سيناريو مرعبا يخشى أن يؤدي بالرئيس ترامب الى التمادي في سن سياسات تفرقة بين الامريكيين على أساس عرقي داخليا وبين أمريكا والدول الأخرى خارجيا. يبقى الأمل الوحيد للديمقراطيين في تقييد يدي ترامب هو أن يظل الناخبون الأمريكيون متمسكين بتقليد نتيجة الانتخابات النصفية والتي غالبا ما كانت تمنح الأغلبية للحزب المعارض لساكن البيت الأبيض