النساء والشباب يحسمون المعركة.. والصراع يتجسد حول العرق والهوية والنوع ومستقبل الاقتصاد. مخاوف من زيادة الانقسام في المجتمع الأمريكي وتحذيرات من حرب أهلية جديدة. يقترع الأمريكيون، الثلاثاء 6 نوفمبر، في انتخابات التجديد النصفي لاختيار جميع أعضاء مجلس النواب (435 عضوا) ، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (35 من اجمالي 100 عضو) وسط صراع حزبي وسياسي غير مسبوق في الولاياتالمتحدة أكدته مؤشرات الإنفاق على هذه الانتخابات والتي وصلت معدلات تاريخية ، ومخاوف متصاعدة من زيادة الاحتراب المجتمعي لدرجة الحديث عن حرب أهلية أمريكية جديدة ، فيما بدا للجميع أن لب الصراع يتمثل في الخلاف حول العرق والهوية والنوع وأن التصويت هذه المرة لن يكون حول مواقف المرشحين المتنافسين بقدر ما سينصب على الرئيس دونالد ترامب وسياساته وتوجهاته ولغة خطابه على مدى عامين تمثل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي هذه المرة ظاهرة غير مسبوقة على أكثر من صعيد ، فقد شهدت أكبر انفاق تاريخي للدعاية الانتخابية بلغت خمسة مليارات ومئتي مليون دولار أمريكي تبرعت بها شركات ومواطنون وجمعيات لصالح مرشحين وجماعات ضغط بهدف استمالة الناخبين لهذا الطرف أو ذاك ، ووفقا لمركز مشاريع السياسات الأميركي ، فإن هذا الرقم هو الأعلى في التاريخ حيث لم يتجاوز الإنفاق في السابق - مع احتساب فارق التضخم - أربعة مليارات ومئتي مليون دولار ، الأمر الذي يعنى الكثير من حيث زيادة جهود كل طرف لتحقيق مكاسب انتخابية مؤثرة. كما تشكل هذه المعركة الانتخابية حدا فاصلا لكل من الحزبين الكبيرين في الولاياتالمتحدة ، الجمهوري والديمقراطي ، من شأنه أن يؤثر بكل تأكيد على شكل العامين القادمين ، فإذا تمكن الديمقراطيون كما تقول استطلاعات الرأي من السيطرة على مجلس النواب ، فهذا يعني عمليا عرقلة خطط وأجندة الجمهوريين والرئيس ترامب وزيادة حالة الاستقطاب السياسي ، أما اذا حقق الجمهوريون مفاجأة جديدة وفازوا بالنواب فضلا عن مجلس الشيوخ ، فإن هذا سيعني تحطيم آمال الديمقراطيين والإسراع بتنفيذ ما تبقى من أجندة ترامب الانتخابية. ولهذا لم يتوان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن السفر والترحال في الولايات الأميركية المختلفة لوقف تقدم الديمقراطيين ومنعهم من السيطرة على مجلس النواب، بعدما اطمأن نسبيا إلى استمرار احتفاظ الجمهوريين بسيطرتهم على مجلس الشيوخ، داعيا الأميركيين إلى التصويت على سياساته ومواقفه وتوجهاته دون التركيز على مواقف وتوجهات المرشح الجمهوري الذي يسانده ترامب. وفي حين يحاول الجمهوريون التركيز على المنجزات الاقتصادية من تراجع معدلات البطالة وتحسن النمو الاقتصادي وزيادة الرواتب وانخفاض الضرائب ، إلا أن خطاب ترامب خلال جولاته الانتخابية الأخيرة سيطر على ما سواه بتركيزه على حماية أميركا من المهاجرين ومنع قافلة المهاجرين القادمة من أميركا اللاتينية باتجاه الولاياتالمتحدة ، وحماية الثقافة الأميركية فضلا عن كثير من التلميحات والإشارات التي اعتاد عليها ترامب ويعتبرها خصومه أنها تعزز من العنصرية والكراهية والانقسام داخل المجتمع الأمريكي. ترامب في عين البعض "بطل" يحمي أميركا يشير محللون سياسيون إلى أن ترامب يدرك تماما أبعاد معركته الحالية ، فهو يقدم نفسه للناخبين باعتباره (مسيحي ، محافظ ، أبيض) وهو مصطلح ثلاثي يدغدغ به مشاعر كثير من البيض المحافظين خاصة في ولايات الجنوب والغرب الأوسط الأميركي ، فوسط حشد انتخابي كبير بمدينة " تشارلوت" في ولاية "نورث كارولاينا" انتظرت آلاف السيدات وصول ترامب ومن بينهن "جوان فيليوت" التي عبرت عن سخطها وغضبها من الأوضاع قائلة إن ترامب وحده من يستطيع حماية الولاياتالمتحدة من الغزاة المهاجرين غير الشرعيين. وفيما يتفق خبراء الرأي العام والاستراتيجية السياسية في أن أكبر نقاط ضعف ترامب تتمثل في النساء بالنظر إلى ميل 65٪ منهن للتصويت ضد المرشحين الجمهوريين خاصة السيدات المتعلمات في المناطق الحضرية والمدن ، إلا أن الأمر ليس كذلك في كل المناطق ، فهو بالنسبة لبعض النساء "بطل" يقاتل من أجل حماية "أسلوب الحياة الأميركي" من الخطر الذي يمثله الحزب الديمقراطي بأفكاره الليبرالية التي يعتبرونها خطرا داهما. ويركز ترامب في خطاباته المتكررة على أن النساء ترغبن في تحقيق الأمن ، وهو يحذر من تشجيع المهاجرين ومن ازدياد الجريمة ومن انهيار اقتصادي إذا استعاد الديمقراطيون زمام سيطرتهم على الكونغرس. أما نقطة ضعف ترامب الثانية فتتمثل في الشباب ، حيث يمثل الشباب دون السادسة والثلاثين أكبر كتلة انتخابية بين الشرائح العمرية الأخرى ويصل عددهم الى 70 مليون صوت انتخابي يميل معظمهم إلى الأفكار الليبرالية التي يحملها الحزب الديمقراطي خاصة في المدن وبين الفئات المتعلمة فضلا عن الأقليات في ظل ما يصفه الاعلام الأميركي بقنواته الرئيسية والصحف الأكثر تأثيرا، بمحاولات ترامب تقسيم المجتمع الأمريكي وإحداث الانقسام داخل فئاته المتعددة. مخاوف من حرب أهلية وفي ظل هذا الوضع ، تسود حالة من التشاؤم المشهد السياسي الأميركي، فقبل أيام قليلة شهدت البلاد عنفا متصاعدا تمثل في إطلاق نار على معبد يهودي في مدينة بيتسبرغ ، ومقتل أمريكيين أفارقة في ولاية كينتاكي وموجة من الأظرف المتفجرة أرسلها شخص أبيض من فلوريدا ، مستهدفا قيادات ديمقراطية ووسائل إعلام أمريكية تنتقد ترامب ، وهو ما اعتبره البعض نذير خطر بأن المناخ السياسي يشجع على العنف. خلال الشهر الماضي ، خرجت صحيفة "المحافظون الأميريكيون" بعنوان يقول "الحرب الأهلية تلوح في الأفق" ، كما كتب أحد أنصار ترامب مقالا على موقع "تاون هول" تخيل فيه اندلاع حرب أهلية جديدة وتوقع خسارة الحزب الديمقراطي لهذه المعركة ، وفي ذات الوقت نشرت صحيفة "الفيدرالي" مقالا افتتاحيا دافع فيه كاتب المقال عن حدوث انفصال داخل الولاياتالمتحدة الأميركية. وبالرغم من اعتقاد البعض أن الحديث عن حرب أهلية أمر بعيد عن الواقع في دولة تتوافر فيها أجهزة أمنية قوية ومسيطرة وتكنولوجيا مراقبة متطورة ، إلا أن هذا الهاجس يكتسب زخما مع الأيام ، وعبرت "كارولين لوكينزماير" رئيس المعهد الوطني للحوار المدني في جامعة أريزونا عن دهشتها من أن المناقشات التي يجريها المعهد حول الخلافات السياسية في الولاياتالمتحدة تشهد سجالات وتوقعات باندلاع حرب أهلية أميركية جديدة . ويشير خبراء تخصصوا في الصراعات العنيفة في دول أجنبية إلى انهم يرون نذر خطر داخل الولاياتالمتحدة وأمورا مشابهة لما يجري في دول أجنبية أهمها "تهديد الخصوم السياسيين". وتقول "شيري بيرمان" أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرنارد إن الأمر المفزع أن من لا يقبلون النقاش بهدف الوصول إلى حلول وسط يتزايدون عددا وهو ما يعني احتمالات متصاعدة للإنزلاق نحو تصرفات عنيفة أو مسلحة، كما يحذر "مايك جوبنز" وهو باحث في شئون العنف السياسي من أن العنف يندلع عادة حين يشعر الناس أنهم عاجزون عن العمل مع غيرهم ممن ينتمون لجماعات مختلفة والتركيز بدلا من ذلك على هوية واحدة سائدة وهو ما نراه حاليا في الانقسامات السياسية الحزبية الأميركية ولهذا اذا استمر الوضع الحالي دون انفتاح على الطرف الآخر فإن الأمر يبذر بالدخول في مرحلة صراع عنفي. ولا يعد الاستقطاب السياسي بعيدا عن التاريخ الأميركي ، فقد شهدت البلاد خلال حرب فيتنام وبالتحديد بين يناير 1969 وأبريل 1970 أكثر من 4300 تفجيرا وفقا لصحيفة نيويورك تايمز ، وذلك بسبب الخلافات الشديدة التي قسمت المجتمع الأميركي وأدت الى انتشار الدماء في الشوارع. إحصائيات مهمة في مجلس النواب عدد المقاعد التي تجري عليها الانتخابات 435 عدد المقاعد التي تضمن الأغلبية 218 —————— عدد مقاعد الجمهوريين الحالية المعرضة لخطر الخسارة 4 مقاعد من المحتمل بقوة خسارتها 13 مقعدا تميل نحو الخسارة. 28 مقعدا تشهد تنافسا قويا —————— عدد مقاعد الديمقراطيين الحالية المعرضة لخطر الخسارة مقعد واحد من المحتمل خسارته بقوة مقعد واحد يميل نحو الخسارة مقعد واحد يشهد تنافسا قويا يتوقع الديمقراطيون الفوز ب 194 مقعدا شبه مضمونه لهم —————— في مجلس الشيوخ عدد المقاعد 100 تجرى الانتخابات على 35 مقعدا فقط عدد مقاعد الجمهوريين المعرضة لخطر الخسارة 4 مقاعد فقط تشهد تنافسا قويا عدد مقاعد الديمقراطيين المعرضة لخطر الخسارة مقعد واحد يميل نحو الخسارة خمسة مقاعد تشهد تنافسا قويا يسيطر الديمقراطيون على 49 مقعدا حاليا بينما يسيطر الجمهوريون على 51 مقعدا. يتوقع الجمهوريون الاحتفاظ بسيطرتهم على مجلس الشيوخ.