قبل أن يصبح ملكاً للنرويج، حارب هارلد الخامس لمدة تسع سنوات للزواج من المرأة التي يحبها، وكانت سونيا هارلدسون من عامة الشعب، وهو ما جعل من علاقتهما في ذلك الوقت فضيحة، لكن هارلد لم يكن يريد أي امرأة أخرى، وفي النهاية تزوجها. لقد شهد هذا العام 2018 احتفال الزوجين الملكيين بالعيد الذهبي لزواجهما، وبعد 50 عاماً من الزواج، تبدو الطبقة الأرستقراطية في أوروبا مختلفة كثيراً عما كانت عليه في ذلك الوقت. كاثرين ميدلتون وميجان ماركل في بريطانيا، والأمير دانيال في السويد، والملكة ماكسيما في هولندا، لقد أصبحت الزيجات بين أفراد من العائلات الملكية وأشخاص من عامة الشعب هي الأمر الطبيعي، ولكن هناك استثناءات، منها على سبيل المثال الملك فيليب ملك بلجيكا وزوجته ماتيلدا، ويعد فيليب هو واحد من القلائل من أبناء جيله الذين تزوجوا من داخل الطبقة الأرستقراطية، ولكنه كسر التقليد إلى حد ما. وتقول ليونتين جرافين فون شميتو، وهي ألمانية خبيرة في الشؤون الملكية تنحدر من الطبقة الارستقراطية الألمانية: «نظرا لأنها كونتيسة، لم تكن ماتيلدا أيضاً مناسبة بشكل تقليدي كان من المناسب حقاً أن تكون من عائلة ملكية أخرى». وحتى في العائلات العادية، لم يكن الزواج مرتبطاً ارتباطاً وثيقا دائماً بالحب، وفي العائلات الملكية، كان هذا الارتباط أقل، وعندما كانت الزيجات تتم بين الملكيين، كانت هناك أشياء أخرى على المحك، مثل الحفاظ على السلطة، وتعزيز التحالفات الدبلوماسية وتوسيع الأراضي، لكن اليوم، حيث لم يعد الملوك يمتلكون النفوذ السياسي الذي كانوا عليه في السابق، ظهرت عوامل جديدة. وتقول فون شميتو إن التعليم الجيد، على سبيل المثال، والقدرة على أداء الدور الملكي الحديث، وكذلك الارتباطات الاجتماعية، كلها أمور مهمة. وبالطبع هناك حب، لكن يجب على العروس أو العريس أيضا التحلي بالحصافة والدبلوماسية والإلمام بالبروتوكول الملكي.، وتقول فون شميتو :«لقد أدرك هارلد أن سونيا مناسبة بشكل جيد لهذا». والتقى هارلد عندما كان وليا للعهد بابنة رجل أعمال في عام 1959، وكان الزواج في البداية غير وارد. وتوضح فون شميتو قائلة :«هارلد سار بالفعل ضد التيار، في النهاية هدد بعدم تولي العرش»، لكن والده الملك أولاف الخامس، رضخ وأبلغ الحكومة بموافقته. وأقيم حفل الزفاف في عام 1968، ولكن مع ضجة أقل من الزفاف الملكي الكامل، وبحضور عدد أقل من الضيوف، حيث قاطع الكثيرون الحفل، ومع ذلك كانت رياح التغيير تهب عبر الأسر الملكية. وفي عام 1976، أصبحت الألمانية سيلفيا سومرلاث ملكة السويد بعد زواجها من الملك كارل السادس عشر جوستاف، وكانت استراتيجية كارل جوستاف للزواج منها هي الانتظار حتى يصعد هو نفسه إلى العرش ويوافق على أنها مناسبة بنفسه، حسبما يقول المؤرخ ليونارد هوروفسكي. ومنذ ذلك الحين، أصبحت زيجات العائلة الملكية السويدية بشكل حصري تقريبا خارج الطبقة الارستقراطية في البلاد. كما أدى اتجاه الزواج من أجل الحب إلى تغيير هيكل عائلات الطبقة العليا، وفي حين كان التوافق في الماضي يتجاوز الحدود الدولية لعقد الزيجات المرتبطة بالقواعد والبروتوكولات، فإن العديد من أفراد العائلات الملكية يتزوجون الآن من بلدانهم الأصلية. وتقول فون شميتو إنه ليس الجميع سعداء بهذا، موضحة: «من المثير للاهتمام أن الارستقراطيين الألمان بشكل خاص، الذين لا يتمتعون بأي سلطة على الإطلاق والذين محيت مكانتهم، يجدون مشكلة في ذلك»، مضيفة أن هناك دوائر معينة تنظر إلى التطورات في الأسر الملكية الحديثة بتشكك. وترى الخبيرة، وهي كونتيسة بالرغم من أن ذلك بالاسم فقط، أنه «بالنسبة للبعض، الأمر هو الاقتراب للغاية من الشعب». كما يقول هوروفسكي أن هناك العديد من العائلات الأرستقراطية في ألمانيا لديها قوانين عائلية «ومازالت تطبق حتى اليوم»، وحتى إذا أصبح الزواج من شخص عادي أمرا طبيعيا ، فهناك دائما بعض النقاشات المحيطة بالقلة المفضلة. وعند النظر إلى ماكسيما، على سبيل المثال، وهي الآن ملكة هولندا، فقد كان هناك بعض الجدل حول والدها، السياسي الأرجنتيني خورخي زوريجيتا، بسبب دوره في الديكتاتورية العسكرية في بلاده، ونتيجة لذلك لم يكن موضع ترحيب في الحفل عندما تزوجت ابنته من فيليم ألكسندر. وقبل أن تتزوج ميجان من الأمير هاري وتصبح دوقة ساسيكس، أثار المراقبون المحافظون والصحف الشعبية اليمينية ضجة حول وضعها كممثلة مطلقة مختلطة عرقيا، وتقول فون شميتو إن :«هذا يلقي الضوء على التاريخ بأكمله».