مستحضرا إنجاز حرب أكتوبر 1973 وقصة السلام المصرى الإسرائيلى، دعا الرئيس حسنى مبارك إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضى الفلسطينية «قبل أن تضيع فرصة السلام مرة أخرى»، واعدا بأنه «إذا اختارت إسرائيل طريق السلام وتجاوبت بحسن نية مع استحقاقاته، فهذا من شأنه أن يشجع العرب على الثقة بنياتها، وذلك هو جوهر المبادرة العربية للسلام». جاء ذلك فى سياق الحديث السنوى الذى يدلى به الرئيس إلى مجلة القوات المسلحة فى ذكرى حرب أكتوبر، وأكد فيه أن إسرائيل لن تجنى ثمار السلام قبل الانخراط فى تحقيقه، وأنه «ليس هناك قائد فلسطينى أو عربى» سيقدم تنازلا عن القدس وحق عودة اللاجئين بالصورة التى تريدها إسرائيل. وقال مبارك: «على إسرائيل أن تختار بشجاعة بين السلام والأمن والاستقرار وبين استمرار الاحتلال غير المشروع للأراضى الفلسطينية والتشبث بمواقف ثبت عدم جدواها»، مضيفا «أن السلام قد يكون صعبا ولكن ليس مستحيلا». وحذر الرئيس إسرائيل من «أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار»، وقال: «إن المناورات والمرواغات لن تحقق مصلحة لأحد بل تهدد بعواقب وخيمة لجميع الأطراف وأولها إسرائيل». غير أنه أعرب عن الأمل فى أن تؤدى الجهود المبذولة حاليا من قبل الإدارة الأمريكية لاستعادة التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى، والتى تسهم مصر فيها بفاعلية، فى كسر الجمود الذى أصاب العملية التفاوضية طويلا، وقال: «أنا متفائل». فى الوقت نفسه، شدد مبارك على أنه يرفض «شكلا وموضوعا محاولة الإيحاء بأن مصر تقف مع الغرب وإسرائيل فى خندق واحد ضد إيران»، وذلك دون أن يخفى الرئيس قلقا مصريا من توجه إيران إزاء المنطقة أو أن يتراجع على مطلب طالما شدد عليه بأن تقوم إيران «بإثبات الطابع السلمى لبرنامجها النووى». فى الوقت نفسه لم يتراجع مبارك عن الموقف المصرى المشدد على ربط التعامل مع برنامج إيران النووى بتحرك أوسع لتحويل منطقة الشرق الأوسط خالية من كل أسلحة الدمار الشامل، ولم يخف القلق المصرى من طبيعة البرنامج النووى الإسرائيلى غير الخاضع لأى صورة من صور التفتيش الدولى. وعلى الصعيد الداخلى، جدد مبارك الالتزام بسياسات الإصلاح الاقتصادى، وقال: «هذه السياسات وما نفذناه من سياسات مالية ونقدية خلال السنوات الخمس الماضية ساعدنا على مواجهة الأزمة المالية العالمية دون خسائر تذكر»، وأعرب الرئيس عن ارتياحه لبدء انحسار تأثيرات الأزمة الاقتصادية الدولية على مصر ولكنه أكد أن الأزمة لم تنته بعد وأنه «من حق الشعب المصرى أن يعرف الحقائق كاملة دون تهوين أو تهويل». وشدد مبارك على أنه يتابع «شخصيا معاناة الناس من الأسعار والمواصلات وتكاليف المعيشة يوما بيوم»، مشيرا إلى جهود اقتصادية مكثفة تبذل لتجاوز هذه المشكلات خاصة من خلال جذب المزيد من الاستثمارات من ناحية ومواجهة «مشكلة زيادة السكان من الناحية الأخرى».