14 يوليو.. القضاء الإداري ينظر طعن مرشح حماة وطن على استبعاده من سباق الشيوخ بقنا    40 طعناً أمام القضاء الإداري ضد مرشحي انتخابات مجلس الشيوخ 2025| خاص    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لافتتاح مكتب توثيق محكمة جنوب الجيزة    ترامب يحلم بنوبل    آلاف الإسرائيليين يحتشدون في تل أبيب للمطالبة بوقف الحرب وإتمام صفقة تبادل    رياضة ½ الليل| رحيل الثنائي.. التجديد للفيل.. اقتراب الحلم المصري.. والزمالك يستعيد «عيد»    نابولي يضغط.. وأوسيمين يرفض عرض الهلال ويُفضل غلطة سراي    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث مروع بقنا| صور    فيلم «سيكو سيكو» يصدم أبطاله.. تعرف على السبب    محمد هنيدي يكشف عن حالته الصحية وتحضيراته لعمل فني جديد| خاص    ستوديو إكسترا: يعرض فقرة خاصة من موقع سنترال رمسيس الليلة    «الصحة» تدعم مستشفى كفر الدوار العام بجهاز قسطرة قلبية ب 23 مليون جنيه    أطعمة تزيد تركيز طفلك في المدرسة    متمردون مرتبطون بتنظيم داعش يقتلون 66 مدنيا شرقي الكونغو    5 ليال لبنانية.. نانسي عجرم وناصيف زيتون ونجوى كرم وآدم يضيئون سماء مهرجان قرطاج في تونس    "استوديو إكسترا" توك شو جديد يجمع الشباب وأصحاب الخبرات الإعلامية ويدفع بدماء جديدة فى عالم التوك شو المسائى.. نانسى نور وآية عبد الرحمن يقدمان أولى حلقات البرنامج.. والسيناريست عمرو سمير عاطف أول الضيوف    محافظ جنوب سيناء: فتح وديان سانت كاترين أمام السياحة قرار شجاع    رئيس سبورتنج لشبونة: العبقري الذي نصح جيوكيريس سيجعل رحيله صعبا    سبورت: برشلونة يحدد سعر بيع باو فيكتور    حرائق تخرج عن السيطرة في واحة العوينات جنوب غربي ليبيا    مانشستر يونايتد يراهن على حارس برازيلي لإنقاذ الموسم    مودريتش: ريال مدريد سيظل بيتي للأبد    بعد افتتاحه بحضور كامل الوزير.. مجموعة العربي: نخطط لتصدير نصف إنتاج مصنع الزجاج الهندسي    وزير الصحة يوجه بتعزيز التواجد الميداني لقيادات الوزارة في المنشآت الطبية    الضرائب: تحميل الفواتير الإلكترونية من بوابة المصلحة مجاني تماما    اتفاقية بين أكت وكاشير لتحويل تجربة الدفع الإلكتروني في قطاع الضيافة بمصر    أحمد التايب لبرنامج المشهد: يجب الانتباه إلى أن الضفة أهم لإسرائيل من غزة    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    مانشستر يونايتد يحدد لبرشلونة سعر راشفورد    للسائقين احذروا.. عقوبة السير عكس الاتجاه الحبس والغرامة    هبوط أرضي أسفل كوبرى التجنيد ونائب محافظ القاهرة تتفقد أعمال إصلاح.. صور    توجيه وزاري بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة بالمحافظات    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بكودية الإسلام    صدمة| 3 سنين حبش لسارقي التيار الكهربائي فى هذه الحالات    وكيل وسام أبو علي.. السلاح المزدوج للاعب الذي استعمله مع الأهلي؟    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ننشر مؤشرات تنسيق الدبلومات الفنية 2025    7 شهداء على الأقل ونحو 40 مصابا فى غارتين إسرائيليتين على مخيم الشاطئ    البابا تواضروس يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    رائحة الجثة فضحته.. خفير خصوصي يقتل زوجته ويدفنها في مزرعة بالشرقية    حالة الطقس غدا الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    وكيل تضامن الغربية تزور مصابى حادث طريق المحلة كفر الشيخ الدولى    طارق الشناوي عن أزمة مها الصغير: «ما حدث تزوير أدبي واضح.. لكنها تلقت عقابها من السوشيال ميديا»    حصاد أسبوعي لنشاط وزير الشئون النيابية.. شارك في جلسات برلمانية حاسمة وأكد أهمية دعم الشباب والحوار المؤسسي    تأييد حكم المؤبد ل«ميكانيكي» بتهمة قتل والدته في الشرقية    الاتحاد السكندري يُعلن التعاقد مع ثنائي سيراميكا كليوباترا    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    القبض على تشكيلات عصابية تخصصت في السرقة بالقاهرة    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدهور غير مسبوق للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 09 - 2018

تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بشكل غير مسبوق منذ إقامة العلاقات الرسمية بينهما فى عام 1979. فما اتخذه الرئيس الأمريكى ترامب من إجراءات لرفع التعريفة الجمركية على واردات الصين أولا من الصلب، ثم توسيع نطاق الزيادة إلى ما يوازى 50 بليون دولار واردات متنوعة من الصين والتهديد بالمزيد مستقبلا لم يمر مر الكرام عند الصين. فبينما كان الاعتقاد السائد لدى ترامب وإدارته أن مثل هذا الإجراء سوف يعجل من استدراج الصين إلى مائدة المفاوضات بغية التوصل إلى تسوية لعجز ميزان المدفوعات الأمريكى المتفاقم معها، فإن خيبة أملهما كانت كبيرة. فبالإضافة إلى التجاء الصين إلى جهاز فض المنازعات بمنظمة التجارة العالمية على أمل توقيع العقاب على الولايات المتحدة وإلزامها بالتعويض، قامت الصين من جانبها هى الأخرى بفرض تعريفة جمركية إضافية على صادرات الولايات المتحدة إلى الصين بمبلغ مماثل.
وعلينا الاعتراف بداية أن المفاجأة جاءت فى رد الصين الذى اتسم بالندية على الولايات المتحدة. بل أكثر من ذلك فهناك شعور متزايد لدى الإدارة الأمريكية بأن الصين لها يدٌ فى الفشل الذريع، الذى مُنيت به سياسة الولايات المتحدة فى تعاملها مع كوريا الشمالية، الأمر الذى حدا بالرئيس الأمريكى إلى إلغاء زيارة وزير خارجيته لبيونج يانج قبل إتمامها بيوم واحد، بحجة أنه ليس هناك أى تحرك ملموس من قبل كوريا الشمالية، وفقا لما وعد به رئيسها الرئيس الأمريكى أثناء زيارته.
وفى هذا لا يتوانى كل بلد عن إلقاء اللوم على الطرف الآخر بالنسبة لتدهور العلاقة بينهما ووصولها إلى أدنى المستويات، وكل منهما يعمل على تحميل الآخر المسئولية كاملة، وبما يضاعف من خطر المواجهة فى المستقبل. ومن الواضح أن الوقت ما زال مبكرا لقيام أى من الدولتين باحتواء التصعيد. فإن الدولتين بصدد سباق الموت أو ما يطلق عليه صراع الأفيال دون مراعاة تداعيات مثل هذا الصراع على النظام الدولى وسائر دول العالم. فإن كلا من الرئيس ترامب والرئيس الصينى يتجهان حتما لا مناص إلى مسار تصادمى فى حالة عدم تراجع أيهما. فإذا ما تخلى أحدهما عن موقفه فسوف يعنى ذلك تراجعا ووصفه بالجبن وافتقاده لهيبته أمام العالم، قياسا بما نعرفه عما جرى بالنسبة لأزمة الصواريخ الكوبية بين الرئيس كيندى والرئيس السوفيتى خروشوف فى الستينيات، واضطرار الأخير إلى سحب الصواريخ من كوبا أمام التهديد بحرب نووية، وهو ما أدى إلى عزل خروشوف واستبعاده من رئاسة الاتحاد السوفيتى. فإن أحدا لا يفكر الآن فى خلق ظروف أكثر مواتاة للتغلب على المخاوف التى يحملها كل منهما للآخر.
***
ومما لا شك فيه أننا أمام معضلة، فيبدو أن الصين لا تأخذ الرئيس الأمريكى مأخذ الجد، وتقيم حساباتها على أنه إن عاجلا أم آجلا سيضطر إلى التراجع. فعلى الرغم من أن سياسات الحماية التى ينتهجها الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية ضد الصين تلقى رواجا بالداخل فى الوقت الحالى، فإن هذا ليس مقدرا له أن يدوم طويلا، لا سيما عند بدء التأثير الفعلى والملموس لسياسات الحماية من الجانبين فى الظهور، سواء كان ذلك بالنسبة لمدخلات الصناعة أو السلع الاستهلاكية، لا سيما الإلكترونية منها وارتفاع سعرها للمستهلك الأمريكى، أو وأكثر من هذا وذاك ارتفاع أسعار الصادرات الأمريكية إلى الصين، لا سيما السلع الزراعية، وانصراف المستهلك الصينى عن شرائها، بما يضرب فى العمق ولايات الوسط الأمريكى، التى تمثل الدعم الرئيسى لسياسة ترامب المعروفة بالشعبوية. فإن الصين تمثل اليوم السوق الثالثة فى المرتبة لصادرات الولايات المتحدة، حيث تأتى بعد الاتحاد الأوربى وكندا مباشرة، وأن قيام الصين هى الأخرى بزيادة التعريفة على الواردات الأمريكية سوف يؤثر على أسعارها داخل السوق الصينى ويؤدى إلى انصراف المستهلك الصينى عن شرائها.
فزيادة التعريفة الجمركية سيعود بالضرر الأكبر على الصناعة والعمالة الأمريكية بل وصادراتها. وليس أدل على ذلك من الإجراء الذى سبق أن اتخذه الرئيس بوش الابن أوائل هذا القرن، أى فى عام 2002، عندما أراد هو الآخر تهذيب الصين، فقام برفع التعريفة الجمركية على الحديد والصلب بنسبة 3% فقط. وسرعان ما تراجع عن هذه الزيادة فى غضون سنة واحدة، لإضرارها بالصناعة الأمريكية وإفقادها نحو 200 ألف وظيفة. هذا، ولم تكن الصين فى ذلك الوقت لتجرؤ على اتخاذ أى إجراء انتقامى ضد الولايات المتحدة، وهو ما لبثت أن اتخذته هذه المرة، فلا شك أن الضرر سيكون مضاعفا على الولايات المتحدة.
ولا شك أن الرئيس ترامب بانسحابه من اتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادى، التى كان الرئيس أوباما يعتبرها من أكبر نجاحاته مستهدفا عزل الصين فى منطقتها جنوب شرق آسيا، وهى السياسة التى تُعرف بسياسة «اختراق آسيا»، أسوة بالسياسة الألمانية المعروفة للرئيس براندت باختراق الشرق، التى أدت فى النهاية إلى إنهيار حائط برلين. فضلا عن سياسة الرئيس ترامب العدائية على الملأ تجاه الصين فإن ذلك لا شك قد أفقد الولايات المتحدة قيادتها وقوة الدفع فى آسيا بالإضافة إلى الزخم السياسى للرئيس الأمريكى، الذى كان قد اكتسبه باراك أوباما.
كما أنه مما لا شك فيه أن السياسة الحاسمة التى ينتهجها الرئيس الصينى شى جين بينج، بما تمثله من ثقة بالنفس وثقة بما وصلت إليه الصين من قوة عظمى تضاهى الولايات المتحدة فى قوتها، تعطى للرئيس الصينى كل الحق فى الإعلان عن إعادة تشكيل نظام تجارى دولى جديد أكثر عدالة وإنصافا للدول النامية، منتقدا التحريص على شن حرب تجارية يخرج منها الجميع خاسرين ومذكرا بالكساد العالمى الكبير فى ثلاثينيات القرن الماضى وتداعياته الوخيمة على دول العالم ككل. وصرح بذلك الرئيس الصينى أخيرا فى قمة دول البريكس المنعقدة فى أواخر يوليو عام 2018 فى جوهانسبرج بجنوب أفريقيا.
***
فلابد أن نعترف بأن التحول الهائل الذى تشهده الصين اليوم يعكس رؤية الرئيس شى جين بينج، وأنه لا يتراجع أمام التحديات بل يواجهها سواء كانت فى الداخل أو الخارج. وتعكس إجراءات مثل إنشاء بنك الاستثمار فى البنية التحتية الآسيوية والإسهام مع دول البريكس فى إنشاء بنك التنمية الجديد فى شنغهاى برأسمال مقدر 100 بليون دولار لإقراض الدول النامية، وغيرها من المبادرات فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ذلك كله يجعل من الصين دولة قائدة، تعمل على تثبيت أقدامها على الصعيد الدولى وبما يظهر رغبتها الصادقة فى التفاعل مع النظام الدولى والدول الأعضاء.
ومع ذلك، فيتعين علينا أن نذكر، أنه على الرغم من أن سجل الأشهر القليلة الماضية لا يدعو إلى التفاؤل، ومضى الرئيس ترامب فى سياساته، التى يصفها البعض بأنها لُغز وإن تبقى مثار اهتمام الجميع، فإنه يبدو أن الشغل الشاغل للرئيس الأمريكى الآن هو تسجيل نقاط على حساب الآخرين فى سياساته التجارية وسياساته الخارجية لصرف الأنظار عن فضائحه الداخلية، التى من الواضح أنها لا تنتهى. ويشيع ترامب أنه لو حاول أحدٌ عزله، فإن تداعيات ذلك على الاقتصاد الأمريكى ستكون مروعة. وهو فى ذلك محق، فإن الاقتصاد الأمريكى فى أحسن حالاته اليوم، والدول لا تتردد فى عقد الاتفاقيات مع الولايات المتحدة. فمن كان يتصور بعد كل الانتقادات التى شنها الرئيس ترامب على المكسيك أثناء حملته أن يسارع الرئيس الحالى انريكى نيوتو متخليا تماما عن شريكته كندا إلى إبرام اتفاق ثنائى مستقل مع الولايات المتحدة، وذلك قبل تولى الرئيس المكسيكى الجديد أوبرادور(اشتراكى)، الذى تم بالفعل انتخابه فى أول يوليو 2018، قبل أن يتولى الحكم رسميا فى أول ديسمبر هذا العام.
غير أن هذه قصة أخرى، سوف نعود لها قريبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.