سيناتور جمهوري لمدة تجاوزت ال30 عاما، ومرشح سابق لانتخابات الرئاسة، وطيار عانى ويلات التعذيب خلال أسره في حرب فيتنام على مدى 5 سنوات، فضلا عن حياة مليئة بالمواقف والأحداث؛ إنه جون ماكين، أحد أبرز الوجوه غير التقليدية في السياسة الأمريكية، الذي وافته المنية فجر أمس، عن عمر ناهز 81 عاما، إثر إصابته بسرطان في الدماغ. ول«ماكين» -المولود في 29 أغسطس 1936 بولاية أريزونا- تاريخ طويل من العمل العام في السياسية الأمريكية، حيث بقى عضو مجلس الشيوخ عن ولايته لأكثر من 3 عقود، اشتهر خلالها بأنه «متمرد» لا يلتزم دوما بخط الحزب الجمهوري. وبدأ «ماكين» -الآتي من عائلة من العسكريين، حيث كان والده وجده أميرالين في البحرية الأمريكية- حياته العسكرية كطيار حربي شارك في حرب فيتنام، حيث أصيب ووقع في الأسر لأكثر من 5 سنوات تعرض فيها للتعذيب، وأصبح لاحقا طوال حياته السياسية من أشد معارضي التعذيب، منتقدا بشدة وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» لعمليات الاستجواب «المشددة» التي أجرتها في عهد جورج بوش الابن. وأثناء احتجازه في الأسر، قال «ماكين» إنه تعرض للتعذيب مما سبب له تشوهات دائمة. وبعد عودته إلى الولاياتالمتحدة عند انتهاء حرب فيتنام، انتخب في مجلس النواب، ثم عام 1986 في مجلس الشيوخ، حيث احتفظ بمقعده منذ ذلك الحين. وواجه أصعب انتخابات تشريعية في نوفمبر 2016 إذ لم يغفر له قسم من الناخبين المحافظين انتقاداته لدونالد ترامب. وخسر «ماكين» -الذي عرف بصورة جمهوري مستقل يبدي آراءه بصراحة- في الانتخابات التمهيدية لحزبه عام 2000 أمام جورج بوش، ثم عاد وفاز بالترشيح الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2008، لكنه هزم أمام الرئيس السابق، باراك أوباما. وكان «ماكين» أحد صقور السياسة الأمريكية، يعتبر من أنصار نهج التدخل في السياسة الخارجية، مقتنعا بأن من واجب أمريكا الدفاع عن قيمها في العالم، وكان من أشد أنصار حرب العراق، وأيد زيادة القوات هناك تحت أمرة الجنرال ديفيد بتريوس، ومن الدعاة لدور عسكري أمريكي قوي في الخارج. لكن «ماكين» انتقد تعامل إدارة «بوش» مع الصراع في العراق، وعارض بشدة ترحيل المعتقلين إلى سجون سرية في دول تستخدم أساليب تحقيق غير قانونية، وعارض استخدام التعذيب معهم للحصول على معلومات، ونجح في تبني تشريع يحظر استخدام أساليب قاسية ولاإنسانية ومهينة في معاملة المشتبه بهم. وأدت هذه المواقف إلى تهميشه عاما بعد عام في حزب جمهوري بات يرغب في إعادة تركيز عمله على الأولويات الداخلية، وشهد بقلق خلال العقد الحالي صعود حركة «حزب الشاي» (تي بارتي)، وفق صحيفة «نيويورك تايمز». كما كان يدعو باستمرار إلى زيادة الميزانية العسكرية وترأس حتى وفاته لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. ودافع أيضا عن كثير من القضايا خلال حياته، من أبرزها إصلاح نظام الهجرة وقانون التمويل الانتخابي. وكان آخر ظهور علني ل«ماكين» في مبنى الكونجرس في ديسمبر 2017، لكنه استمر في نشر عدد من التغريدات والبيانات عبر حسابه على «تويتر»، حول مختلف القضايا التي تعرفها الولاياتالمتحدة.