قصف إسرائيلي يستهدف مقراً للقوات الحكومية جنوب دمشق    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    رئيس لجنة الحكام يعلن عن موعد رحيله    شاهد، إداري الزمالك صاحب واقعة إخفاء الكرات بالقمة يتابع مباراة البنك الأهلي    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    أيوب الكعبي يقود أولمبياكوس لإسقاط أستون فيلا بدوري المؤتمر    أحمد الكأس : سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    التعادل الإيجابي يحسم مباراة مارسيليا وأتالانتا ... باير ليفركوزن ينتصر على روما في الأولمبيكو بثنائية بذهاب نصف نهائي اليورباليج    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حمادة هلال يهنئ مصطفى كامل بمناسبة عقد قران ابنته: "مبروك صاحب العمر"    أحدث ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: ننتظر نجاح المفاوضات المصرية بشأن غزة وسنرد بموقف عربي موحد    الصين تستعد لإطلاق مهمة لاكتشاف الجانب المخفي من القمر    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    سفير الكويت بالقاهرة: نتطلع لتحقيق قفزات في استثماراتنا بالسوق المصرية    في عطلة البنوك.. سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 3 مايو 2024    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جي بي مورجان يتوقع وصول تدفقات استثمارات المحافظ المالية في مصر إلى 8.1 مليار دولار    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    منتخب السباحة يتألق بالبطولة الأفريقية بعد حصد 11 ميدالية بنهاية اليوم الثالث    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    حار نهاراً والعظمى في القاهرة 32.. حالة الطقس اليوم    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بعد 10 أيام من إصابتها ليلة زفافها.. وفاة عروس مطوبس إثر تعرضها للغيبوبة    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    وصفها ب"الجبارة".. سفير الكويت بالقاهرة يشيد بجهود مصر في إدخال المساعدات لغزة    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    ترسلها لمن؟.. أروع كلمات التهنئة بمناسبة قدوم شم النسيم 2024    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    أدب وتراث وحرف يدوية.. زخم وتنوع في ورش ملتقى شباب «أهل مصر» بدمياط    سباق الحمير .. احتفال لافت ب«مولد دندوت» لمسافة 15 كيلو مترًا في الفيوم    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مياه الفيوم تنظم سلسلة ندوات توعوية على هامش القوافل الطبية بالقرى والنجوع    رغم القروض وبيع رأس الحكمة: الفجوة التمويلية تصل ل 28.5 مليار دولار..والقطار الكهربائي السريع يبتلع 2.2 مليار يورو    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    حدث بالفن | وفاة فنانة وشيرين بالحجاب وزيجات دانا حلبي وعقد قران ابنة مصطفى كامل    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    السيطرة على حريق سوق الخردة بالشرقية، والقيادات الأمنية تعاين موقع الحادث (صور)    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    «الصحة» تدعم مستشفيات الشرقية بأجهزة أشعة بتكلفة 12 مليون جنيه    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا.. عندما تفسد السياسة الاقتصاد «1»
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 08 - 2018

اهتمت وسائل الإعلام الدولية ومعها أسواق المال فى العالم بما أصاب الليرة التركية من تدهور شديد يوم الجمعة 10 أغسطس الماضى، عندما انخفضت العملة التركية بمقدار 18٪ فى يوم واحد. وقد جاء هذا التدهور فى إطار ما تشهده العملة التركية من خسارة لقيمتها بلغت نحو 40 ٪ منذ بداية هذا العام. وقد تعددت التفسيرات فى محاولة فهم وشرح ما يحدث للاقتصاد التركى حاليا. هذا الاقتصاد الذى تضاعف 3 مرات خلال السنوات العشر الأولى منذ وصول أردوغان إلى الحكم فى نهاية عام 2002. ويزيد من هذا الاهتمام ما بات يحتله الاقتصاد التركى من مكانة فى الاقتصاد الدولى حيث يحتل المركز ال ( 18 ) دوليا، وباقتصاد يبلغ نحو 909 مليارات دولار. وقد رأينا انخفاض قيمة العديد من العملات الأخرى كان أبرزها اليورو الذى فقد نحو 1٪ من قيمته تأثرا بما حدث لليرة التركية يوم الجمعة 10 أغسطس، مما يعكس درجة ومدى اندماج وتشابك الاقتصاد التركى مع الاقتصاد العالمى، وخاصة الأوروبى.
وقد جاء هذا الترابط بين الاقتصادين الأوروبى والتركى مع بدء تنفيذ اتفاق الاتحاد الجمركى بينهما فى نهاية ديسمبر 1995. هذا الاتفاق الذى جعل من دول الاتحاد الأوروبى الشريك الاقتصادى الأول لتركيا، فأصبحت تركيا تمثل اليوم رابع أكبر سوق للصادرات الأوروبية، فى حين أصبحت الأسواق الأوروبية تمثل أكبر مستوردا للبضائع التركية. هذا الترابط تعزز فى السنوات الأخيرة مع انخفاض سعر الفائدة على الإقراض إلى أدنى مراحله بعد الأزمة المالية العالمية فى 2008، واتجاه البنوك للإقراض بنسب فائدة متدنية للغاية. الأمر الذى شجع الشركات التركية على التوسع فى الاقتراض فى ظل ما كان يشهده الاقتصاد التركى من نمو متسارع، وشجع البنوك الأوروبية بدورها على الاستجابة والتوسع فى الإقراض. ونتيجة لهذا التوسع فى الإقراض والاقتراض، بلغت الديون التركية نحو 350 مليار دولار منها 82 مليار دولار للبنوك الإسبانية و38 مليار دولار للبنوك الفرنسية، وتأتى البنوك الألمانية فى المركز الثالث. لذلك نستطيع أن نفهم وندرك حجم الاهتمام والقلق الأوروبى مما يحدث حاليا فى تركيا، والذى يهدد بتكرار ما تعرضت له أوروبا من هزة اقتصادية عنيفة جراء الأزمة اليونانية قبل سنوات قليلة عندما عجزت عن تسديد ديونها. ونظرا لأن الاقتصاد التركى يمثل أربعة أضعاف الاقتصاد اليونانى، فقد انعكس هذا القلق على قيمة اليورو والذى شهد كما ذكرنا انخفاضا متأثرا بما يحدث فى تركيا.
هذا، ورغم إعلان الحكومة التركية عن اتخاذها لمجموعة من الإجراءات المالية بدءا من يوم الإثنين 13 أغسطس الماضى بهدف زيادة السيولة النقدية فى السوق، مثل تخفيض حجم الاحتياطى المودع فى البنك المركزى من قبل البنوك بما يؤدى إلى تحرير 10مليارات ليرة و6 مليارات دولار وما قيمته 3 مليارات دولار من الذهب، وكذلك قيام قطر بالإعلان عن ضخ ما قيمته 15 مليار دولار فى السوق التركية فى شكل استثمارات وودائع، إلا أن حالة من القلق مازالت تنتاب أسواق المال العالمية بعد أن تقوضت الثقة فى إردوغان وسياساته الاقتصادية. ورغم عدم الاتفاق بين المتابعين للشأن التركى عن موعد بداية انحسار الثقة بإردوغان وسياساته الاقتصادية، أو بدء تراجع أداء الاقتصاد التركى بعد الطفرة الكبيرة التى شهدها فى السنوات العشر الأولى من حكمه كما ذكرنا، إلا أن هناك شبه إجماع على مجموعة من السياسات والقرارات التى اتخذها إردوغان أخيرا وأدت فى رأيهم إلى الأزمة الحالية.
يأتى على رأس هذه القرارات التى اتخذها إردوغان أخيرا، تعيين صهره بارات البيراك وزيرا للمالية والخزانة، وهو ما أثار استياء مجتمع رجال المال والأعمال فى تركيا. ويحضرنى فى هذا السياق تذكر رد فعل مجتمع رجال المال والأعمال على تعيين على باباجان وزيرا للاقتصاد عندما كنت سفيرا فى أنقرة (2007 2010)، وهو الأمر الذى لقى ترحيبا شديدا منهم وعزز من ثقتهم وعلاقتهم بالحكومة ورئيسها آنذاك. يضاف لما سبق، اتجاه إردوغان لزيادة قبضته الرئاسية على محافظ البنك المركزى والتدخل فى سياسات البنك بعد التعديلات الدستورية الأخيرة. هذه التعديلات التى منحته سلطات وصلاحيات جديدة كرئيس للبلاد بعد أن تم تحويل النظام البرلمانى السابق إلى النظام الرئاسى الحالى بسلطات واسعة. ويأتى تدخل أردوغان هذا فى سياسات البنك المركزى بعد أن هاجم صراحة محافظ البنك المركزى السابق الذى رفض الانصياع له بتخفيض سعر الفائدة، مخالفا بذلك (أى إردوغان) رأى معظم الاقتصاديين بأهمية رفع سعر الفائدة من أجل مكافحة التضخم، ضاربين المثل بروسيا التى واجهت انخفاص سعر عملتها برفع الفائدة بنسبة 6،5٪ على سبيل المثال لا الحصر. وقد قام إردوغان بتعيين محافظ جديد موالٍ له مما زاد من قلق وشكوك رجال المال والأعمال فى سلامة سياساته وقراراته الاقتصادية وقدرته على تجاوز الأزمة أو الأزمات التى بات يمر بها حاليا وتؤثر على فرص الاستثمار وأداء الاقتصاد.
يزيد الأمر صعوبة، اتجاه البنك الفيدرالى الأمريكى إلى رفع سعر الفائدة على الدولار، وهو ما يؤثر بشكل سلبى على فرص الإقراض أو الاقتراض، ناهيك عن ارتفاع تكلفة خدمة فوائد بعض الديون. كما أن الاتجاه لرفع سعر الفائدة على الدولار قد أدى بدوره إلى تقوية مركز العملة الأمريكية فى مواجهة العملات الأخرى، وهو ما يعنى تلقائيا انخفاض قيمة هذه العملات، بما فى ذلك الليرة التركية. وقد أثبتت الأيام والأسابيع والأشهر الأخيرة مدى ضعف مركز العملة التركية واحتمال تعرضها لمزيد من التدهور مع كل ارتفاع قادم فى قيمة الدولار. ولذلك يتوقع المراقبون زيادة التضخم فى تركيا بمقدار 5٪ ليرتفع من 16٪ حاليا إلى 21٪ الشهر القادم.
كانت هذه بعض من الأسباب الاقتصادية والقرارات الداخلية التى دفعت الاقتصاد التركى إلى أزمته الحالية، ولكنها وحدها ما كانت تصل إلى هذا الحد الذى وصلت إليه لولا أسباب سياسية أخرى فاقمت من الأزمة التى بات يشهدها الاقتصاد التركى وفجرتها على الشكل الحالى، وهى الأسباب التى سنشرحها ببعض التفصيل وعلاقتها بالاقتصاد فى المقال القادم بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.