صعود زعماء الاتحاد الأوروبي وآلاف المواطنين أحد جبال الألب، مع المستشار النمساوي، سيباستيان كورتس في وسطهم، هذه كانت رؤية النمسا للاحتفال ببدء رئاستها للاتحاد الاوروبي. جاء ذلك بعد بضعة أيام من رؤية مختلفة، شهدت تكدس قوات أمن ومروحيات على معبر حدودي جنوبي؛ لإظهار تصميم النمسا لرفض استقبال المهاجرين غير الشرعيين، والكل أمام حشد كبير من الصحفيين. وقد يبدو الحدثان، أنهما مبالغ فيهما، بعض الشئ، لاسيما في دولة معروف بأن لديها علاقة مع الاتحاد الاوروبي، تشهد توترًا وفتورا، لكنهما جزء من جدول أعمال فيينا لتحويل الاتحاد الاوروبي إلى تكتل موجه أكثر للشعب وتأمين التكتل، خلال رئاستها التي تستمر نصف عام وما بعد ذلك، وأقيم الحدث على جبل بلاناي وهو جبل في قلب النمسا. وبالقرب من القمة، التي يبلغ ارتفاعها 1906 أمتار، سلم بويكو بوريسوف رئيس وزراء بلغاريا، المنقضية رئاستها للاتحاد الاوروبي، بشكل رمزي القيادة إلى كورتس، كما حضر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الحدث. وتم تسليم المواطنين العاديين أغطية وسلال من أصناف الأطعمة المحلية، في نزهة شعبية واسعة النطاق، وأضفى حفل موسيقي ضم مئات الموسيقيين على الاحتفالات المزيد من البهجة. وقال مصدر داخل مكتب كورتس لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ»، إنه حدث موجه للشعب بشكل متعمد، مضيفًا أنه كان هناك قرار واع؛ لتنظيم الحدث، بدون المناخ التكنوقراطي لفيينا، لكن في الريف. وأضاف المصدر: «ليس هناك أي شك في أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون أفضل، في تلبية احتياجات مواطنيه». ويضغط الزعيم المحافظ كورتس وشركاؤه الأصغر في الائتلاف المنتمون لليمين المتطرف؛ لإجراء إصلاحات بالاتحاد الأوروبي، ستنتزع سلطات القرار السياسي من بروكسل، كما قال «كورتس» في خطاب مؤخرًا: «آمل أن نتمكن في أن نضع تركيزا أكثر حدة على مبدأ التبعية (خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبي)؛ لإقناع أوروبا بأن هناك مهاما، يتعين أن تتعامل معها المناطق والدول الأاعضاء، وأن هناك مهاما قليلة، لكن مع ذلك ذات أهمية، للاتحاد الأوروبي». وكان المستشار، 31 عامًا، الذي لديه شغف كبير بتسلق الجبال، قد فاز في الانتخابات الوطنية التي جرت العام الماضي، بالاعتماد على قصة التغيير والقيادة الحاسمة. وفي أحد مقاطع الفيديو لحملته الانتخابية، ظهر «كورتس» وهو يتسلق قمة في الليل ويصل إليها، مع شروق الشمس فوق الأفق. كما قال توماس هوفر المستشار السياسي، الذي لديه اتصالات بشخصيات ذات نفوذ والخبير الاستراتيجي في فيينا: «منذ سنوات، يستخدم كورتس أسلوب اتصال رمزيا بشكل نشط»، كما قال «هوفر» ل«د.ب.أ»، إن تدريبات الجيش والشرطة، التي جرت مؤخرًا كانت أيضًا جزءا من تلك الاستراتيجية الرمزية. وفي الحدود السلوفينية، تم إقامة منصة للمعاينة، للصحفيين للحصول على أفضل رؤية ل700 رجل شرطة وجندي، أظهروا كيف سيصدون موجة جديدة من المهاجرين. وكان طلاب شرطة، يؤدون دور المهاجرين، بينما ظهرت أصوات حشد صاخب، عبر مكبرات صوت. ويفخر «كورتس» بنفسه لدوره في إغلاق طريق الهجرة في البلقان أوائل عام 2016، عندما كان وزيرا للخارجية، بالتنسيق مع دول أخرى في المنطقة. وداخل الاتحاد الأوروبي، يعتبر «كورتس» من بين الزعماء الوطنيين، الذين يضغطون؛ من أجل إغلاق الحدود الخارجية للتكتل، أمام المهاجرين غير الشرعيين، وإقامة مراكز للنظر في طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي، وبالاضافة إلى ذلك يقول إن الاتحاد الاوروبي يتعين أن ينفق المزيد على المساعدات التنموية، حتى لا تشعر الشعوب في الدول الأكثر فقرًا، بالحاجة إلى الهجرة إلى أوروبا. وشعار رئاسة النمسا للاتحاد الأوروبي «أوروبا التي تحمي». وطبقا للخبير الاستراتيجي «هوفر»، فإن الرسالة، التي تريد أن ترسلها الحكومة هي «أننا يمكن أن نحقق تغييرا، ويمكن أيضا أن نغير أسلوب الاتحاد الأوروبي، عندما يتعلق الأمر بالهجرة». وعلى الرغم من، أن مهمة الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، من المفترض أن تكون مهمة التنسيق بين الدول ال28 بالاتحاد، بدلا من قيادة الدول سياسيا، يصور «كورتس» نفسه كقائد لسياسات الهجرة الصارمة. وفي الأيام الأخيرة، التقى بنظرائه من جمهورية التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا، الذين يعارضون نصيبا مساويا للاجئين عبر الاتحاد الأوروبي، وأعلن أيضًا أن برلين وفيينا وروما ستشكل «محور الراغبين» لتقليص الهجرة غير الشرعية. وأوضح «كورتس»، أنه يتوقع اتخاذ قرارات حول تلك القضية، في القمة غير الرسمية لزعماء دول الاتحاد الأوروبي، التي ستعقد في مدينة سالزبورج في سبتمبر المقبل. ويقدم الموقع خلفية مرئية رمزية مثالية، وتهيمن على مركز المدينة قلعة على أحد التلال، التي لم يغزوها جيش أجنبي في تاريخها الممتد ل940 عامًا.