الغارمات في السجون المصرية يمثلن من 20 إلى 25% من إجمالي السجناء «إليزابيث شاكر»: «أملك مشروع لحل مشكلة الغارمات عن طريق إلغاء الحبس واستبداله بالخدمة العامة» انتقلت قضية الغارمات من الشارع للبرلمان، بعد أن تقدم أكثر من نائب ونائبة بمشروع قانون؛ لإنهاء مشكلة الغارمات وبلغ الاهتمام ذروته بتدخل مؤسسة الرئاسة وتحملها لديون الغارمات. ومع زيادة الاهتمام بقضية الغارمة يطرح السؤال عن توصيفها القانوني وهل هي مجني عليها أما جانية؟ وكيف تتحول من مجني عليها لجانية؟، كلها تساؤلات الإجابة عنها تبدأ من داخل محلات البيع بالتقسيط، التي تعد المدخل الرسمي لبوابة السجن، خاصة وأنه شاعت مؤخرًا إحصائية تقدر عدد الغارمين والغارمات في السجون المصرية بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25% من إجمالي السجناء أي قرابة ال20 ألف سجين. «أنا وبنتي في السجن» «صفاء إبراهيم علي»، 45 سنة إحدى الغارمات لديها ولد و4 بنات تقول: «تقدم أحد الشباب لخطبته ابنتي ونظرًا لقلة المال لجأت لإحدى الشركات المعروف عنها التعامل بالأقساط، وهناك وقعت على إيصالات أمانة بالمبلغ الذي اشترت به أجهزة كهربائية، مضاف عليها قيمة الفوائد المقررة وفقًا للمدة الزمنية التي ستقوم بسداد المبالغ فيها». وأضافت «صفاء»، أنها لم تعد قادرة على سداد المبلغ والأقساط، خاصة مع إصابة إحدى بناتها البالغة من العمر 7 سنوات بالسل والحمى التيفويد وورم في الأمعاء، فوجدت نفسها محاصرة بين الديون ومصاريف المرض وسرعان ما تراكمت الديون نظرًا لتأخرها في سداد الأقساط وقيامها بالاقتراض والاستدانة من الغير، وأصبحت مطالبة ب10 آلاف أخرى، وحكم عليها بالحبس عام وغرامة 500 جنيه، وما زاد الأمر تعقيدًا أن ابنتها الكبرى أيضا حكم عليها بالحبس عام مماثل كونها هي الضامنة لأمها في جهاز شقيقتها. «لسنا شياطين» وإذا كانت «صفاء» غارمة، قد روت تجربتها فإن «محمود سليمان»، تاجر، يكشف ل«الشروق» تفاصيل العلاقة بين البيع بالتقسيط والغارمات، قائلًا: «لكي أؤمن على بضاعتي أطلب صورة بطاقة الضامنين، وصورة عقد السكن، وإمضاء المشتري على إيصال مجمع للمبلغ أو عدة إيصالات، وهناك من يمضونهم على إيصالات بيضاء؛ لاستغلالهم فيما بعد، بالإضافة إلى تحديد نسبة 30 أو 35% مقسمة على 20 شهرًا، ويمكن أن تزيد هذه النسبة ل 40 و45% عند بعض التجار» وأشار «محمود» إلى، أن التجار ليسوا شياطين، كما يحاول أن يشبهم البعض فهناك تجار يراعون الله والظروف الحياتية للغارمين إذ وجدوهم غير قادرين على تسديد الأقساط، ويتم جدولة المديونية وأحيانا أسقاط بعض المبالغ بتصرف بشكل أخلاقي وليس قانوني. «الاستعلام أولًا» ويستكمل «عاطف عدوي» الكلام عن عالم التقسيط، قائلًا: «إن أسعار الأجهزة الفترة الحالية في الزيادة وليست ثابتة، كما أن التجار مستغلين ذلك بالبيع بالسعر الذي يريدونه، وبالنسبة للبيع بالقسط يكون بنسبة 20%، وفي هذه الحالة يطلب من المشتري صورة البطاقة وصورة عقد الشقة»، وأشار إلى وجود أشخاص مسئوليتهم الاستعلام عن محل إقامة المشتري وصحة بياناته، ومن ثم إذا حدث خطأ في الاستعلامات تحمل المستعلم هذا، وأكد أنه صادف كثير من الحالات الممتنعة عن سداد الأقساط كاملة أو جزء منها، وحينها يتقدم بالإيصالات إلى المحكمة لرفع القضايا عليهم وأخذ حقه. وكشف «عاطف» عن وجود فئة معينة من المحامين يهتمون بها النوع من القضايا عن طريق سداد التاجر حقه والتعامل مباشرة مع المحكمة والغارم. «تصنف قضية أموال» وأبدى «كريم السيوفي» المحامي رأيه، حيث أكد أن قضية «الغارمات» لا تصنف كحالة اجتماعيه بل تصنف كقضية أموال عامة، وتنقسم قضايا الأموال في القانون إما قضايا نصب أو قضايا إيصالات أمانه أو قضايا شيكات، وهي من أنواع القضايا التي يجوز التصالح فيها كما أن الغارمات تختص بقضايا إيصالات الأمانة فعندما تتعسر الغارمة في سداد الإيصالات يقوم صاحب الشأن برفع جنحة ضدها، وتقوم المحكمة بإصدر حكمها. وأكد «السيوفي» ل«الشروق»، أن من ضمن العيوب القانونية الفادحة أن تستغل إيصالات الأمانة، ويكون بها شرعية وحماية جنائية، خاصة أن هذه القضايا من القضايا التي يكون نظرها أمام المحكمة المدنية كدين وليس كخيانة أمانه ولذلك بعض المحاكم عندما تعتبر إيصال الأمانة هو ضمان فإنها في هذه الحالة تحكم بالبراءة لصالح المتهمة. وذكر أن حكم الغارمات يكون بحد أدنى 24 ساعة وبحد أقصى 3 سنوات، وتكون العقوبة الحبس مع الكفالة وليس الحبس مع الشغل كبقية القضايا. «الطريق للبرلمان» وقالت إليزابيث شاكر عضو مجلس النواب، إنها تملك مشروع يستطيع حل مشكلة الغارمات ويستهدف أمرين، وهم إلغاء الحبس واستبداله بالخدمة العامة ومنح الغارم جميع الحقوق، التي تسلب منه في قانون العقوبات. وأوضحت أن المشروع يقوم على استبدال الحبس للغارمات بالعمل في المنفعة العامة والمصالح الحكومية، وقالت إن الغارمات ليسوا بمجرمين، وبالتالي حبسهم يؤذي المجتمع والأسرة، وبدون أي عائد، مشيرة إلى أن هناك معايير محددة لهذا القانون إذا انطبقت على الشخص فهو يعد غارم وإذا لم تنطبق فهو يعد مجرم. «مشروع جديد» أيضًا صرح النائب محمد أبو حامد، أنه قدم مشروع قانون جديد يقوم على تعديل المادة 341 عقوبات والمادة 232 إجراءات جنائية ويؤمن بقانون جديد وعقوبات جديدة، مؤكدًا أن مشروع قانون العقوبات البديلة لن يتعامل فقط مع قضية الغارمات ولكن يتعامل مع قضايا أخرى، مثل قانون التظاهر والمخالفات المرورية ويتعامل على أن هناك بعض جرائم ومخالفات إذا كان ارتكابها غير معتاد الإجرام لسبقة أولى وثبت للقاضي حسن النية وليس هناك إجرام متعمد، يلجأ لعقوبات بدلا من العقوبات المشددة.