وزير الكهرباء يبحث سبل دعم مشروعات الطاقة المتجددة بمحافظة الوادي الجديد    قصور الثقافة تكرم أفضل المواقع الثقافية لعام 2024 في احتفالية بروض الفرج    أول تعليق من السيسي على تصريحات ترامب بشأن سد النهضة    وزير البترول: 446 مليون دولار عائدات تنمية الثروة المعدنية خلال 2024-2025    مصر الرقمية تتصدر محركات البحث.. إليك كل ما تحتاج معرفته عن المنصة الحكومية الشاملة| فيديو    «الكرملين»: موسكو لم تتلق مقترحات من أوكرانيا بشأن الجولة الثالثة من المحادثات    حماس تنعى فرج الغول: كان مثالًا للعالم الملتزم والمقاوم الصلب    "هروب سياسي".. شوبير يكشف مفاجأة بشأن رحيل وسام أبو علي    كريم الدبيس: كولر أخلف وعده معي.. ومحمد هاني كان عارف إن زيزو جاي الأهلي    "سيغادر إلى إسبانيا".. إبراهيم عادل يستعد للانضمام لفريقه الجديد (خاص)    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر علي حريق كابل كهرباء بشبرا الخيمة| صور    محامي المجني عليه في واقعة «شهاب من الجمعية»: موكلي صوّر المتهم لحماية حقه    انتشال جثمان غريق من مياه كفر أبو حطب في الشرقية    السيسي: نقدر حرص ترامب على حل أزمة سد النهضة    حوار| بطرس دانيال: الدورة ال75 لمهرجان المركز الكاثوليكي استثنائية    ياسمين عبد العزيز تنشر فيديو من داخل استوديو التصوير    بعد 53 يوم.. أحدث أفلام كريم عبدالعزيز يحقق إيرادات 136.1 مليون جنيه (تفاصيل)    محافظ سوهاج يدشن انطلاق حملة 100 يوم صحة    الأرصاد: تغيرات مناخية متسارعة وراء سقوط الأمطار في يوليو    جهود قطاع «الأمن الاقتصادي» بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء15 يوليو 2025    "مخاوف من الزمالك ورحيل بلا قيود".. القصة الكاملة لأزمة أحمد عبدالقادر مع الأهلي    السفارة الأمريكية في بغداد تدين الهجوم على حقلي نفط بالعراق وتطالب بالتحقيق    إزالة 381 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالمنيا    بإطلالة أنيقة.. ميرنا جميل تتألق في أحدث ظهور (صور)    مدحت العدل يتصدر التريند بعد تصريحاته عن حفيدة أم كلثوم    قوائم انتظار مسابقات التعليم.. عبد اللطيف يشيد بمقترح "التنظيم والإدارة" وموعد التطبيق    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    بعد محمد شكري.. شوبير يكشف حقيقة ضم الأهلي لصفقات جديدة    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن دون تفعيل صفارات الإنذار    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    ب181 مليون جنيه.. اتحاد المهن الطبية يبدأ صرف معاش يوليو ل127 ألف مستفيد    «مش كل الناس بتحب البحر».. أبراج تعاني من الضغط النفسي في المصيف    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو في بداية التعاملات    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    واشنطن تفرض رسوما جمركية بنسبة 17% على الطماطم المكسيكية    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم الزراعة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    وزيرا دفاع ألمانيا والولايات المتحدة يناقشان ضرورة تنسيق خفض القوات الأمريكية في أوروبا    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    القانون يحدد عقوبة إقامة محجر على أراض زراعية.. إليك التفاصيل    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع «الشروق».. عمرو موسى يقدم رؤية تحليلية للمتغيرات السياسية المتلاحقة بالشرق الأوسط - «2»

• لا بديل عن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين مع بقاء المدينة المقدسة موحدة
• التاريخ لن يرحم ونحن بحاجة لموقف عربى جماعى من خلال الجامعة العربية بشأن الصفقات المطروحة للقضية الفلسطينية
• ما كان لواشنطن أن تنقل سفاراتها إلى القدس بدون حصولها على ضوء أصفر من هنا أو هناك فى العالم العربي
• أؤمن بأن السيسى والحكومة ووراءهما الوسط السياسى المصرى كله ضد التفريط فى أى شبر فى سيناء
• العرب مهددون فى ظل السياسة الأمريكية التى تعتبر إيران الخطر الأوحد من منطلق التسلح النووى فقط
• تقارب بعض العرب مع إسرائيل أراه مجرد «صحبة طريق مؤقتة»
دعا السيد عمرو موسى، الدبلوماسى والسياسى المخضرم، الدول العربية لأن تعلن موقفا محترما وقويا من القضية الفلسطينية، فى إطار المبادرة العربية للسلام التى أقرتها قمة بيروت سنة 2002 والشرعية الدولية، مشدد على أهمية عدم قبول العرب لأى صفقة غير متوازنة تحقق مكسبا فاعلا لطرف وخسارة كاملة للطرف الآخر «فلنبق القضية معلقة بدلا من الخسارة الشاملة الظروف الدولية تتغير، ولنحذر مكر التاريخ».
اقرأ أيضا:
في حوار مع «الشروق».. عمرو موسى يقدم رؤية تحليلية للمتغيرات السياسية المتلاحقة بالشرق الأوسط - «1»
ويطرح موسى – فى الحلقة الثانية من حواره مع الشروق« مشروعا خاصا بالقدس لا يستسلم لجعل المدينة المقدسة عاصمة أبدية لإسرائيل بعد نقل السفارة الأمريكية إليها، وفى هذا الصدد يقول إنه لا يصح التنازل عن القدس الشرقية أو نقبل بإخراجها عن مائدة التفاوض، ولا أرى مانعا فى أن تكون المدينة موحدة، ولكن تكون عاصمة لدولتين، وأن تكون الأماكن المقدسة تحت علم الأمم المتحدة، من الممكن أن يكون عمدة القدس إسرائيليا ورئيس المجلس البلدى فلسطينيا أو العكس، لضمان وحدة المدينة مع وجود عاصمة فلسطين فى شرق القدس.
واعتبر الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، االعرب مهددون فى ظل السياسة الأمريكية الجديدة التى تعتبر إيران الخطر الأول والأوحد وإن من منطلق التسلح النووى فقط. وأما باقى المشاكل التى يراها أهل الخليج ويؤيدهم العرب جميعا بنسب مختلفة بعضها يقترب من الصفر وأخرى تقترب من التأييد الكامل، تتعلق بالسياسات العدوانية أو سياسات الهيمنة التى يفتخر بها قادة إيرانيون علنًا، فلا تشكل فى رأيى أولوية أمريكية ولكن لا مانع من بعض التحركات والتصريحات المواتية وربما الخدمات العسكرية المأجورة.
وأكد رئيس لجنة الخمسين لكتابة الدستور المصرى أن علينا أن نتوقع الأسوأ فى هذه المنطقة التى نعيش فيها؛ فسوريا يحدث فيها الكثير من التطورات السلبية لوجود أكثر من تدخل أجنبى، مع تعارض المصالح فيما بينها، بالإضافة إلى امكانات وإرهاصات مواجهة إسرائيلية إيرانية.
* كيف ترى الوضع العربى العام وما هى الأسباب التى أدت إلى ما نحن فيه من تراجع؟
- لكى أوصف ما يعانيه العالم العربى فى اللحظة الراهنة يتوجب عليّ أن أعود إلى الوراء قليلا، لأرصد المؤثرات التى كان لها انعكاساتها على تغير الأوضاع العربية، فأقول إن التغيرات العربية كان لها إرهاصاتها المبكرة والوسيطة والحديثة، وأعتقد أن بداية عملية التغيير كانت مع حرب الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان التى بدأت سنة 1979، ووانطلاق التشكيلات المسلحة الملتحفة بالدين المدعومة من الولايات المتحدة بمباركة حكام عرب تولوا تصدير الشباب للدخول فى أتون هذه الحرب، وهو ما أدى إلى ظهور أفكار (وتطبيقات) الفوضى الخلاقة مبكرا.
ترافق مع ذلك أحداث وتأثيرات ثورة الخمينى فى إيران سنة 1979، ثم تولى أردوغان الحكم فى تركيا ثم غزو العراق، وصاحب كل ذلك توغل وتوحش سياسة الاحتلال الاسرائيلى فى فلسطين.
لم يكن هناك موقف عربى حاسم ضد إرهاب الميليشيات الملتحفة بالدين منذ البداية بل انقسم الموقف إزاءها، كما لم يكن هناك موقف عربى موحد إزاء الثورة الخومينية، بل اختلف الموقف العربى من الحرب العراقية الإيرانية، ورحب العرب وإن من منطلقات مختلفة بدخول أردوغان إلى حلبة السياسة، وظلت القضية الفلسطينية تراوح مكانها أو تتراجع دون رد فعل عربى جماعى حقيقى رغم الجهود الحثيثة التى بذلتها الجامعة العربية فى السنوات الأولى من القرن الجديد. كما لم يكن هناك عملية تنمية ذات وزن أو انطلاقات اقتصادية ذات أثر؛ الأمر الذى هيأ المسرح والرأى العام بصفة خاصة لفكرة التغيير وخطواته وهو ما استغلته قوى خارجية للمساعدة على إتمامه وتوجيه الأحداث بعد ذلك.
* ما الذى ترتب على عدم حسم العرب مواقفهم من هذه القضايا التى تتهدد الأمن القومى العربى بامتياز؟
- المعطيات التى أشرت إليها توا، والقائمة على عدم وجود موقف عربى عام تجاه القضايا الرئيسية فى المنطقة؛ أدت إلى استضعاف العرب؛ وبالتالى فإن مختلف السياسات الدولية التى تتعامل مع منطقة الشرق الأوسط أصبحت تتعامل على أساس أن هناك قوة شديدة البأس صاعدة فى إيران، وقوة شديدة الذكاء فى تركيا، وقوة محمية حماية كاملة من الولايات المتحدة مع قوتها العسكرية وتقدمها العلمى وهى إسرائيل، وأن باقى من هم فى المنطقة أى العرب – مجرد هباءٍ منثور، مع بعض الاستثناءات مثل مصر ذات التعداد السكانى الذى يفوق 100 مليون نسمة؛ وبالتالى يجب ألا تؤخذ بخفه؛ لأنه إذا حدث لمصر اضطراب ستكون النتائج رهيبة على المجتمع العالمى كله؛ ولذلك لابد من إنقاذ مصر بمعنى «ألا تغرق« لكن لا يسمح لها بأن تطفو بأريحية على السطح، وكذلك السعودية لدورها الإسلامى المركزى وكنزها النفطى الكبير وربما عدد قليل آخر من دول المشرق والمغرب العربيين.
* كيف تقيم سياسات الإدارة الأمريكية الحالية تجاه قضايا العرب الرئيسية؟
- نحن أمام متغير ضخم أدى إلى خلط الكثير من الأوراق فى العالم العربى، وهو السياسة الأمريكية الجديدة التى ترفع شعار «مصلحة أمريكا أولا«، وإذا كانت هذه السياسة لا تهتم بأراء حلفائها الكبار فى العالم، فهل يعقل أن تاخذ فى اعتبارها مصالح دول غير حليفة وأقل فى القدرة على التأثير مثل العرب؟.
العرب مهددون فى ظل السياسة الأمريكية الجديدة التى تعتبر إيران الخطر الأول والأوحد وإن من منطلق التسلح النووى فقط. وأما باقى المشاكل التى يراها أهل الخليج ويؤيدهم العرب جميعا بنسب مختلفة بعضها يقترب من الصفر وأخرى تقترب من التأييد الكامل، تتعلق بالسياسات العدوانية أو سياسات الهيمنة التى يفتخر بها قادة إيرانيون علنًا، فلا تشكل فى رأيى أولوية أمريكية ولكن لا مانع من بعض التحركات والتصريحات المواتية وربما الخدمات العسكرية المأجورة.
من هنا علينا أن نتوقع الأسوأ فى هذه المنطقة؛ فسوريا يحدث فيها الكثير من التطورات السلبية لوجود أكثر من تدخل أجنبى، مع تعارض المصالح فيما بينها، بالإضافة إلى امكانات وإرهاصات مواجهة إسرائيلية إيرانية.
إننى من المقنعين بأن التوزانات حربا أو اتفاقا ستكون أولا فى سوريا، وهذا يمكن ترجمته فورا إلى تراجع فى منسوب الاهتمام بالقضية الفلسطينية والحل السلمى، باعتبار أن الأمريكان وغيرهم يلمسون تراجع الاهتمام العربى بهذه القضية الرئيسية. وهنا أشدد على أن الإدارة الأمريكية ما كانت لتندفع نحو نقل سفاراتها فى إسرائيل إلى القدس لو كان العالم العربى له موقف آخر، وأتجاسر بالقول بأنها ما كانت لتقدم على هذه الخطوة بدون حصولها على ما اعتقدت أنه ضوء أصفر من هنا أو هناك فى العالم العربى.
* رغم كل ما ذكرت من خطورة السياسات الأمريكية الجديدة على القضايا العربية.. لكن الواقع على الأرض يقول إن هناك اندفاع عربى تجاه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟
- الولايات المتحدة هى الدولة الأعظم فى النظام الكونى الحالى، وليس من الحكمة أن يقف العرب منها موقف العداء الشامل بل يجب العمل على تحقيق أفضل العلاقات معها.
رغم كل ما حدث ونعرفه جميعا بالنسبة لفلسطين والعراق وغير ذلك، لكنى أقول أيضا أن موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب وسياساته الجديدة خلقت أزمات بينه وبين أوروبا ومع الصين ومع روسيا وغيرهم، ولذلك لا غرابة إذا وجدنا أيضا أزمات بين السياسة الترامبية والعالم العربى.
وكما تحاول أوروبا وروسيا والصين وغيرهم التوصل إلى حلول وسط تمثل مكسبا للجميع.. فلماذا لا نعمل على ذلك أيضا؟ ولماذا نتحدث عن هذا الذى نسميه الاندفاع أو الهرولة من جانب العرب بينما الحلفاء الأقرب إلى أمريكا تاريخيا والدول الاخرى التى تربطها مصالح عظمى بالولايات المتحدة (ومنها الهند، وباكستان والبرازيل واندونسيا وغيرها) لا تمارس اندفاعا أو هرولة أو استسلاما وإنما تتخذ مواقف واضحة عاقلة و«محترمة».
مواقف تقوم على تقييم المصالح الحقيقية والدفاع عنها، وخلق مصالح مشتركة بالمعنى الحقيقى لكلمة «مشتركة«. هذا ما أدعو إليه واعتبره السياسة الأفضل والاعقل والتى من شأنها تحقيق مصالح وأمن الجميع فى إطار المعقول والمقبول.
* بمناسبة ترامب.. بماذا تقترح على متخذى القرار فى فلسطين والعالم العربى فيما يخص القضية الفلسطينية بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟
- فى رأيى على الدول العربية أن تعلن موقفا محترما وقويا من القضية الفلسطينية، وفى إطار المبادرة العربية للسلام التى أقرتها القمة العربية فى بيروت سنة 2002 والشرعية الدولية، ولا أرى أن نوقع على أو نقبل صفقة غير متوازنة تحقق مكسبا فاعلا لطرف وخسارة كاملة للطرف الآخر، فلنبق القضية معلقة بدلا من الخسارة الشاملة الظروف الدولية تتغير، ولنحذر مكر التاريخ.
وفى هذا الصدد لا يصح التنازل عن القدس الشرقية أو نقبل إخراجها عن مائدة التفاوض، ولا أرى مانعا فى أن تكون المدينة موحدة، ولكن تكون عاصمة لدولتين، وأن تكون الأماكن المقدسة تحت علم الأمم المتحدة، من الممكن أن يكون عمدة القدس إسرائيليا ورئيس المجلس البلدى فلسطينيا أو العكس، لضمان وحدة المدينة مع وجود عاصمة فلسطين فى شرق القدس، ويكون فيها القصر الرئاسى الفلسطينى الذى يستقبل فيه رئيس الدولة زواره ويشهد مراسم الاحتفالات الرسمية والأعياد القومية...إلخ، ومن الممكن أن تكون بعض مؤسسات الحكم الفلسطينى الأخرى فى أحياء أو أماكن أخرى يقررها الفلسطينيون أنفسهم.
* ولكن هل العرب قادرون على فرض هذه الصيغة بالنسبة إلى المدينة المقدسة؟
- إننى أتحدث عن موقف عربى تاريخى يمثل نقطة مضيئة وسط الظلام العربى والإقليمى السائد. نعم العرب قادرون على ذلك أى نحن قادرون متى توفرت الجدية والفهم الصحيح والتقدير الرصين لاحتمالات الحاضر والمستقبل.
التاريخ لن يرحم، ومن ثم فموقف عربى جماعى من خلال الجامعة العربية بشأن الصفقات المطروحة أمر ممكن وضرورى، ثم إن لدينا المبادرة العربية (بيروت 2002) وهى شاملة وتفتح نوافذ للتفاوض والتفاهم وعقد صفقة معقولة معتدلة تعالج مشاكل القدس والمستوطنات واللاجئين والدولة، وتتعهد بإنهاء النزاع والاعتراف بإسرائيل وتطبيع الحياة معها، هذه هى الصفقة التى يجب أن تكون.
* هذه هى الصفقة كما يجب أن تكون من وجهة نظرك.. ولكن ماذا عن «صفقة القرن« التى سيعلن الرئيس الأمريكى تفاصيلها قريبا.. هل تتوقع حدوث حد أدنى من تسوية عادلة بموجبها؟
- لا أعتقد أن هذه الصفقة الغامضة المعروفة باسم «صفقة القرن» ستؤدى إلى تسوية؛ فالمسرب منها يتعامل مع إزالة الاستيطان بطريقة رمزية، ويقال إنهم سيعرضون على الفلسطينيين 50% من أراضى الضفة الغربية، مع غزة، لكن تبقى القدس كاملة تحت السيادة الإسرائيلية ولا مكان للاجئين ولا حدود واضحة للدولة الفلسطينية، والأمن كله فى يد إسرائيل. على كل فإن إطار الصفقة وتفصيلاتها تبقى إلى الآن محلا لتسريبات وتأويلات واختبارات وأرجو أن تكون الدول العربية المعنية ونحن منها، بل أثق، فى أنها لن تقبل بصفقة ظالمة، وأن تصر على طرح صفقة عادلة.
* كيف يتصرف العرب إزاء هذا الإجهاز على القضية الفلسطينية بموجب هذه الصفقة؟
- المركز القانونى للفلسطينيين قوى، والتأييد العالمى لهم واسع ومتزايد، وهنا أرى أن يصدر قرار واضح من الجامعة العربية بشأن هذه الصفقة، يشدد على أنه ليس صحيحا أن قوة الأمر الواقع تجاوزت قضايا القدس واللاجئين والحدود، إن قوة الأمر الواقع لم تتجاوز هذه القضايا وإنما جارت على القانون الدولى والقانون الإنسانى. يجب علينا التشبث بالموقف القانونى القائم وهو أن الأرض الفلسطينية محتلة والقدس الشرقية محتلة، وأن الحل يمكن فى صفقة متوازنة يقبلها منطق الحقوق والالتزامات المتقابلة مع حق الأمن للجميع وفى إطار مظلة دولية.
أود التأكيد أيضا على أن القضية الفلسطينية لن تموت بهذه المناورات، وستعيش معنا، ربما لعقود متتالية 50 سنة حتى 100 سنة قادمة، فتشريد الشعب الفسطينى والاستيلاء على أرضه ومقدراته وإنهاء وجوده كمجتمع وطنى خطأ ضخم حدث فى هذه المنطقة وسيظل الضمير العربى والاسلامى والمسيحى والإنسانى واليهودى الحقيقى المحترم يقول إن هناك شيئا خطأ تاريخيًا بل جريمة حدثت للفلسطينيين؛ ولذلك لابد أن يكون الموقف العربى من القضية الفلسطينية واضحا ومحترما لأن التاريخ لن يرحم أحدا. لابد أن نرفض الظلم الواقع على الشعب الفلسطينى، إننى أفهم ان نقبل الحل الوسط أو المعقول، ولكن لا نقبل الظلم والقهر.
* هناك أحاديث عن مشروعات لتبادل الأراضى بموجب صفقة القرن، بعضها يتحدث عن دخول جزء من سيناء ضمنها.. هل سبق وطرح على مصر مثل هذا الطرح وقت أن كنت وزيرا للخارجية؟
- لم يحدث على الإطلاق أن طرح علينا مثل هذا الكلام على الأقل حتى نهاية عملى وزيرا للخارجية، الرئيس مبارك لم يكن ليقبل هذه الأطروحات، لقد أدار الرجل معركة دبلوماسية شرسة لاسترداد طابا ذات المساحة الصغيرة جدا، فكان بديهيا ألا يقبل أى مساس بأى شبر آخر من أرض سيناء. وأؤمن بأن هذا الموقف هو أيضا موقف الرئيس السيسى والحكومة وورائهما والوسط السياسى المصرى كله.
* هل هناك فرص لمحاولة فرض سيناريوهات تبادل الأراضى علينا فى المستقبل؟
- كل شيء أصبح متوقعا فى هذا العالم الخطير الذى نعيش فيه، لكن الأمر يتوقف على قوة مصر، أعنى هنا بالقوة.. القوة الشاملة للدولة عسكرية وشعبية ومجتمعيه وعلى رأسها النخبة الوطنية المثقفة، وجزء من هذه القوة يتطلب الربط السريع لسيناء كلها بالوادى والدلتا عبر برنامج جاد وطموح لإعمارها، والاهتمام بسكانها، وجعلها منطقة جاذبة للعيش للكثير من سكان وادى ودلتا النيل، وهو ما بدأت إرهاصاته بالفعل عبر مشروعات الطرق والأنفاق المتعددة التى تربط سيناء ببقية الوطن المصرى، وهو ما يجب الترحيب به ودعم السياسات التى تقف وراءه.
* كيف ترى «الهرولة« العربية – بتعبيرك الشهير فى اتجاه إسرائيل فى الفترة الأخيرة رغم سياساتها المتشددة تجاه الفلسطينيين؟
- أرى أن ما يتردد عن تقارب عربى - إسرائيلى (جزئى) فى اللحظة الراهنة سببه الأساسى مواجهة الخطر الإيرانى، لكننى أقول للعرب إن هذا التقارب ما هو إلا «صحبة طريق مؤقتة«؛ لأن إسرائيل لديها مصالح مع إيران ولديها مصالح مع تركيا ولها محددات استراتيجية لا تلتقى مع المصالح الاستراتيجية العربية، وإن عاجلا أو آجلا ستلتقى الخطوط الإسرائيلية مع هذه القوى الإقليمية وسيكون ذلك على حساب العرب بلا شك؛ فالرابط بين إسرائيل وتركيا وإيران كقوى كبرى فى الشرق الأوسط هو الطمع فى فرض النفوذ على الأغلبية السكانية والجغرافية فى هذا الإقليم والمتمثلة فى العالم العربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.