يبدو أن المشاكل، التي تحاصر مجموعة «فولكسفاجن» الألمانية أكبر منتج سيارات في العالم لن تنتهي بعد، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية تعرضت المجموعة لسلسلة من الأزمات بدءًا من فضيحة التلاعب في نتائج اختبارات معدلات العوادم إلى استخدام قردة حية في إجراء اختبارات على تأثيرات العوادم، والتورط في ممارسات احتكارية، لكن المشكلة الجديدة، والتي يبدو أنها ستكون باهظة التكلفة أيضًا جاءت من اتجاه مختلف تمامًا وهو الخلاف حول أسعار المكونات التي تحصل عليها من إحدى الشركات الموردة الرئيسية والمملوكة لعائلة بوسنية ثرية. فشركة «بريفنت» لمكونات السيارات والمملوكة لأسرة «هاستورز» البوسنية الثرية تهدد بإقامة دعاوى قضائية ضد «فولكسفاجن» وتطالب بتعويضات كبيرة بدعوى انتهاك العقود الموقعة بين الجانبين. ويتعلق النزاع، بشركة المسبوكات «نيوه هالبيرج جوس» في مدينة «ساربرونكين» الألمانية، والتي استحوذت عليها مجموعة «بريفنت» منذ شهور، وهذه الشركة تنتج رؤوس أسطوانات المحرك والعمود المرفقي «عمود الكرنك» وعلب عمود الكرنك، وهي مكونات لا تستطيع «فولكسفاجن» الحصول عليها من أي موردين آخرين بسرعة. وقد استغلت «بريفنت» هذا الموقف، وطالبت بزيادات متلاحقة لأسعار منتجاتها حتى وصل السعر إلى أكثر من 10 أمثال السعر المتفق عليه من قبل، بحسب رسالة وجهتها «فولكسفاجن» إلى «بارباروس أرسلان» مدير «نيوه هالبيرج جوس»، واطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ»، ويمكن أن تصل الزيادة المطلوبة في الأسعار إلى ما يتراوح بين 150 و180 مليون يورو «174 و208 ملايين دولار» خلال الربع الثاني من العام الحالي فقط بحسب الرسالة. كانت الشركة الموردة، قد شككت في وقت سابق في وجود عقود ملزمة بينها وبين «فولكسفاجن»، لكن المجموعة الألمانية رفضت هذه الإدعاءات تمامًا، وقالت إن هناك عقود توريد ملزمة بين الشركتين وبدون موعد لنهايتها ولا شروط لإلغائها. وتقول مصادر مطلعة، أن علاقة «بريفنت» مع شركات صناعة السيارات الأخرى مثل «جنرال موتورز» الأمريكية و«بي.إم.دبليو» الألمانية و«بيجو ستروين» الفرنسية فعالة، لكن الأمور مختلفة بالنسبة لفولكسفاجن، حيث تعتمد فولكسفاجن على تعاون متوقع وموثوق به بصورة دائمة مع موردينا، لذلك فنحن نراجع علاقات العمل القائمة بانتظام، بحسب المجموعة الألمانية. ومازالت «فولكسفاجن» تعاني من أحداث 2015 في البرازيل، عندما قررت مجموعة «بريفنت» من جانب واحد وقف توريد منتجاتها إلى عميلتها الألمانية ثم زيادة الأسعار، وهو ما أدى إلى قرار «فولكسفاجن» بإلغاء العقد هناك، وتوقف الإنتاج في مصانع «فولكسفاجن» في البرازيل بسبب وقف التوريد لمدة 160 يومًا من الإنتاج الذي بلغ حوالي 140 ألف سيارة، ما أدى إلى منح 18 ألف عامل عطلة إجبارية. وفي عام 2016، أوقفت شركات أخرى تابعة لمجموعة «بريفنت» وهي «إي.إس أوتوموبيل جلوس» و«كار تريم» توريداتها، ما أدى إلى توقف عدد من خطوط الإنتاج في مصانع «فولكسفاجن» عن العمل، وجاء قرار «بريفنت» وقف التوريد كنوع من التحدي لقرار محكمة ألمانية يلزمها باستئناف التوريد. وتعد هذه الأزمة جديدة من نوعها بالنسبة لمجموعة «فولكسفاجن»، التي تتعامل مع حوالي 40 ألف مورد وتشتري مكونات بحوالي 80 مليار يورو سنويًا في مختلف أنحاء العالم. ولكي تحد من الأضرار التي تواجهها، كظمت «فولكسفاجن» غيظها ووقعت اتفاقيات توريد جديدة مكتوبة. وأخيرًا في أوائل أبريل الماضي، ألغت «فولكسفاجن» من جانب واحد عقود التوريد مع «إي.إس أوتومبيل جلوس» و«كار تريم» وشركة أخرى تابعة لمجموعة «بريفنت»، حيث وردت «بريفنت» بتسريح عدد من العمال وتقليل عدد ساعات العمل مع التهديد بمقاضاة «فولكسفاجن» والمطالبة بتعويض عن الأضرار التي تقول إنها لحقت بها. ومع ذلك يظل السؤال، ما هو الهدف الحقيقي لشركة «بريفنت» من كل تحركاتها؟، هناك تكهنات في القطاع حول رغبة الشركة البوسنية في تفكيك مصانعها واستغلال أراضيها في مشروعات عقارية وهو ما تنفيه الشركة البوسنية. وتقول مصادر داخل «بريفنت»، إنها تسعى إلى تعزيز ثقتها بنفسها في تعاملها مع شركات صناعة السيارات الكبرى، ويعني هذا ألا تستجيب الشركة لضغوط شركات السيارات عليها عند الاتفاق على أسعار التوريد، حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بصورة «بريفنت» أو هدد الوظائف لديها. والحقيقة، أن الأضرار وقعت بالفعل، فقد تم شطب 160 وظيفة في شركة «إي.إس»، وأصدرت محكمة إقليمية في مدينة «لايبتسج» الألمانية حكمًا يلزم «فولكسفاجن» بشراء 30% من إجمالي مشترياتها السابقة من إنتاج «إي.إس»، ولكن هذا الحكم يمثل هزيمة للشركة الموردة؛ نظرًا للكمية الكبيرة التي عرضت «فولكسفاجن» شرائها من «إي.إس» في وقت ساق لكن الأخيرة رفضت العرض.