-القعيد : محفوظ تمني أن تخف المطاردة .. وقال لي "تبقي مصيبة لو فزت بالجائزة والحكيم علي قيد الحياة" شهدت قاعة عبدالرحمن الشرقاوي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة تحت عنوان "نجيب محفوظ و30 عامًا على نوبل" شارك فيها كلًا من النقاد: الدكتورة أماني فؤاد، والدكتور خيري دومة، وأدارها الأديب يوسف القعيد. وقال القعيد أن يوم الخميس 12 اكتوبر عام 1988 أعلن الفائز بجائزة نوبل، وهو نجيب محفوظ، عبر إذاعة ال BBC، حيث كان محفوظ في تلك الأثناء يستعد للذاهب إلي الحرافيش في بيت محمد عفيفي، كما كانت عادته كل خميس، فأبلغته وكالة الأهرام بحصوله على الجائزة، فذهب إليهم محفوظ ليستلمها، وخلال عودته إلى المنزل، ورغم قلة المواد الإعلامية في ذلك العصر، لم يستطع الدخول إلى بيته لكثرة الصحافيين والوكالات، فتحرك إلي "كازينو" بمنطقة قصر النيل، والذي كان يتردد عليه بشكل روتيني كل جمعة، حيث التقاه القعيد هناك، واتفق معه على أن يقابله في اليوم التالي لينشر له في مجلة المصور، التابعة لدار الهلال، ثم تحرك محفوظ في موعد تجمع الحرافيش، وذهب إليهم ليجد نفسه محاطًا أيضًا بالصحفيين وسط فرحة عارمة، وكأن مصر هي من فازت بنوبل وليس نجيب محفوظ. وذكر القعيد أن محفوظ كان يصف نفسه بالمطارد، وتمنى أن تخف تلك المطاردة يومًا ما، ولكن هذا لم يحدث، حيث سأله مرة في حديثه معه: ماذا كان سيحدث إذا فزت بالجائزة والكاتب توفيق الحكيم، الذي كان يأمل بشدة في الحصول على نوبل، على قيد الحياة؟ فقال له محفوظ "كانت تبقى مصيبة". فيما تحدثت الدكتورة أماني فؤاد بأن ما بين لحظة حصول نجيب على نوبل والآن تغيرات كثيرة، مضيفة أن تلك اللحظة إأشعر المصريين بالفخر الشديد لفوز نجيب محفوظ واللغة العربية بنوبل، إلا أنها أصابت كثيرين بسعار التشكك والغيرة، كما طالت الأقاويل شخص محفوظ ذاته، وتابعت أن هناك تغيرات بعد حصول محفوظ على الجائزة، أبرزها ازدياد التعريف به، وانفجار الأدب العربي بما يتضمنه من سمين وغث. وأوضحت أماني أن المنتج "المحفوظي" كان خليًا من التعصب، ويقبل التعدد، ويحارب التطرف، والإقصاء، وتساءلت عن: كيف تؤثر الطائفية والهوان السياسي والقتال في الدول العربية والإسلامية على حصول عربي آخر على جائزة نوبل، وأن من شروط الفوز بالجائزة أن يتسم الفائز بالقيم الإنسانية التي تأثر على البشر. وتابعت بأنه إذا أراد العرب الحصول على نوبل مرة أخرى، فيجب علينا دراسة النموذج المحفوظي. كما دعت فؤاد وزير التربية والتعليم أن يكون هناك توعية بنصوص نجيب محفوظ والكتاب العربي. وتساءل الدكتور خيري دومة في كلمته بالندوة، هل نجيب محفوظ يستحق نوبل؟ وتابع بأنه قبل محفوظ كانت الرواية فن جديد ناشئ، وكان الكتاب يقلدون الأدباء الغربيين، أما نجيب محفوظ فكان لديه وعي فلسفي، عبر عنه في مقالاته التي نشرت بعد رحيله، وأوضح دومة أن محفوظ أدرك أن الرواية فن هذا العصر، وكتب مقالة في معارضة العقاد الذي هاجم الرواية على حساب الشعر، فكتب محفوظ مقالة باسم "شعر الدنيا الحديثة". وتحدث دومة عن بدء كتابة الرواية لنجيب محفوظ، وأنه كان يحلم بأن يكتب 50 رواية تاريخية، يحكي فيها تاريخ مصر، لكنه ترك المشروع بعد 3 روايات، وأكمل أن الكاتب يحي حقي كتب في مقالة له أن نجيب تحول من النمط الاستاتيكي، إلي نمط ديناميكي متحرك، في رواية "اللص والكلاب" التي تتحدث عن ما يعوق البشر عن تحقيق العدالة. كذلك أشار الناقد رضا عطية، أن نجيب محفوظ، عمل عملية تعرية وكشف للذات، في أصداء السيرة التي تتحدث عن جدلية الحياة والموت، ومراحل تطور الانسان، وأن من تلك الرواية علمنا مفهوم نجيب محفوظ عن الموت وهو الانتقال لحياة أخرى جديدة.