طرحت «دار الشروق»، بالمكتبات، طبعات جديدة من أعمال الفيلسوف الراحل الدكتور زكي نجيب محمود، ومنها: «قصة نفس- حصاد السنين- قصة عقل». وعن «قصة نفس»، يقول الفيلسوف زكي نجيب محمود: «أردت بالكتاب حين أنشأته أن أصوِّر حياتي كما سارت بها عوامل الباطن، وكان حتمًا أن ألجأ إلى الرمز؛ لأن ثمة حقائق من الحياة الباطنية عند كل إنسان ما لا قِبَلَ لأحد بردها، ومع ذلك فهى مما لا يجوز الإفصاح عنه بحكم موازين المجتمع، وكان أول ما لحظته في نفسي حين بدأت العمل، وأظنه كذلك مما لابد أن يلحظه كل إنسان في نفسه لو أمعن النظر، هو أنني بمثابة عدة أشخاص في جلد واحد». وتابع «نجيب»: «فهنالك من تجرفه العاطفة ولا يقوى على إلجامها، ولكن هناك من جانبه من يوجه إليه اللوم ويحاول أن يشكمه حتى يقيد فيه الحركة التي تقذف به إلى الهاوية، على أن هذا الشد والجذب في داخل النفس بين عاطفة تشتعل وعقل يخمد اشتعالها، لا يمنع أن ينعم الإنسان بلحظات هادئة تتصالح فيها العاطفة والعقل فيسيران معًا في اتجاه واحد، وعلى هذا الإطار الثلاثي أقمت "قصة نفس"». أما «قصة عقل»، علق عليها في كتابه «قصة نفس»، قائلًا: «إن الجانب الذي أعنيه في هذا الكتاب هو سيرة العقل في حياتي؛ فهو الذي كان أداة الدرس والتحصيل، وهو الذي طفق طوال سنوات النضج يتصيد الأفكار من عند الآخرين حينًا، وحينًا يعمل على توليدها في ذهني، وهو الذي تولى الكتابة فيما كتبته، حتى لو كان المكتوب أدبًا خالصًا، فلقد كان الأدب الذي أنتجته من النوع الذي يستبطن أفكارًا في أطر يقيمها لتصلح حاملًا لها». وأضاف: «ومنذ أن أحسست بغياب الحياة العقلية من "قصة نفس" نشأت عندي الرغبة في أن أعقِّب عليها بتوأم لها أسميه "قصة عقل"، ولبثت تلك الرغبة حائرة، تظهر لحظة لتعود فتختفي، حتى أراد لي الله توفيقًا؛ فأخرجتها إلى دنيا الناس». ونجح زكي نجيب محمود في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ العربي في عبارات أدبية مشرقة، وفكّ أصعب مسائل الفلسفة وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليومية، واستطاع بكتاباته أن يُخرج الفلسفة من بطون الكتب وأروقة المعاهد والجامعات؛ لتؤدي دورها في الحياة.