مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    ختام فعاليات التدريب البحرى المشترك المصرى التركى ( بحر الصداقة – 2025)    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    سعر الدولار يواصل تراجعه اليوم الثلاثاء أمام الجنيه ويسجل 47.85 جنيه للشراء    المصرية للاتصالات تعلن تعيين تامر المهدي عضوًا منتدبًا ورئيسًا تنفيذيًا خلفًا لمحمد نصر    التخطيط: الناتج المحلى الإجمالى لمصر يُسجّل نموا 5% بالرُبع الرابع من 24/2025    نائب الرئيس الفلسطينى يرحب بجهود ترامب لإنهاء الحرب فى غزة    المؤتمر: تقدير ترامب للسيسي يؤكد مكانة مصر القيادية دوليا وإقليميا    160 ألف سلة غذائية.. تفاصيل قافلة "زاد العزة" ال44 من الهلال الأحمر لقطاع غزة    الأرصاد: طقس خريفى مستقر لنهاية الأسبوع.. وغياب الظواهر الجوية المؤثرة    بتهمة النصب والاحتيال.. ضبط كيان تعليمي وهمي بدون ترخيص بمصر الجديدة    جورج كلونى يثير القلق حول حالته الصحية.. والطبيب: هناك مشكلات أكثر خطورة    احتفاءً بالذكرى الثانية والخمسين لانتصار حرب أكتوبر .. "الجمسي".. قريبًا على قناة "الوثائقية"    رئيس الوزراء يتفقد وحدة المكتبة المتنقلة بقرية شمّا أشمون بالمنوفية    وزير العمل يصدر كتابًا دوريًا للتفتيش الميداني بتطبيق السلامة والصحة المهنية    افتتاح معرض منتجات التعليم الفني بالعاصمة الإدارية    الحكومة الإيطالية تدعم خطة ترامب للسلام في غزة    ماذا قال مدرب ريال مدريد عن كايرات؟    حسين الشحات: تعاهدنا على الفوز بالقمة.. وجميع اللاعبين يستحقون جائزة رجل المباراة    رغم إضافته للقائمة.. سلوت يوضح سبب غياب كييزا أمام جالاتا سراي    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر    رئيس الوزراء يتفقد مجمع خدمات المواطنين "المركز التكنولوجي" بقرية شمّا    النيابة تصطحب عاملا قتل صديقه بمدينة نصر لتمثيل جريمته    نقل 8 مصابين لمستشفى أكتوبر إثر انقلاب سيارة بطريق القاهرة – الفيوم الصحراوي    مصرع طالب أزهري صدمه قطار في قنا    رئيس الوزراء يبدأ جولة ميدانية لتفقد وافتتاح عدد من المشروعات بمحافظة المنوفية.. صور    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025    وكيل اقتصادية النواب يطرح مقترحات للقضاء على ظاهرة عجز المعلمين    الليلة.. نجوى كرم تحيي حفلًا غنائيًا في أوبرا دبي    الخميس.. افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما بالأوبرا    الضغط الخفي لمرض السكري على قلبك وكيفية الوقاية منه    ميدو ينعى والدة زوجته: "أمي الثانية.. اللهم ارحمها واغفر لها"    الأهلي يعلن إصابة طاهر محمد طاهر في مباراة الزمالك    رويترز: من المرجح أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماع الخميس المقبل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    مجدي طلبة: كوكا نجح في تحجيم خطورة بيزيرا.. وعودة الشحات أبرز مكاسب القمة للأهلي    التعليم: إلغاء قصة طموح جارية المقررة على طلاب الشهادة الإعدادية    رئيس مجلس الدولة الصيني: مستعدون لمواصلة التنسيق الاستراتيجي مع كوريا الشمالية    أولى جلسات دعوى تعويض ب100 مليون جنيه في واقعة حبيبة الشماع    مصير هدير عبدالرازق تحدده المحكمة.. مستأنف القاهرة الاقتصادية تنظر معارضة البلوجر على حكم حبسها    رسميًا.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 بعد قرار مجلس الوزراء    هالة صدقي تثير الجدل برسالة ساخرة عبر إنستجرام: "وجودنا في الدنيا كله أفجر حاجة"    لديه الحلول، ما شروط زيدان لتدريب مانشستر يونايتد؟    ما اكتفتش بالحضور متأخرة، شاهد ماذا فعلت ملك زاهر في العرض الخاص لمسلسل شقيقتها "ولد وبنت وشايب"    النوم بعد الأربعين.. السر المنسي لصحة الدماغ والقلب    السفير محمد كامل عمرو: خطة ترامب قد تكون بذرة صالحة للتسوية في غزة إذا ما نُفذت بنزاهة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    عاجل - ترامب: خطتي للسلام في الشرق الأوسط قد تشمل إيران    الأهلي يهزم الزمالك في القمة 131 ويشعل صراع الصدارة في الدوري المصري    سر بسيط من الطبيعة هيساعدك في تنظيم سكر الدم وتعزيز الطاقة    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    غير الحمل.. 7 أسباب لانقطاع الدورة الشهرية    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    ترحيب «مصرى- إماراتى» بمبادرة «ترامب» لوقف الحرب في غزة    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة الأستاذ جمال ..!
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2009

فى الشهر الماضى، أعلن رسميًا أن الرئيس مبارك سوف يزور الولايات المتحدة فى شهر أبريل المقبل.. ثم نشرت الصحف الأمريكية أن إدارة الرئيس أوباما قد اشترطت على الرئيس مبارك أمرين حتى تتم الزيارة: أولا الإفراج عن أيمن نور وثانيا إسقاط التهم عن سعد الدين إبراهيم والسماح بعودته إلى مصر، ثم دخل أقباط المهجر على الخط فطلبوا من الرئيس أوباما الضغط على الرئيس مبارك لتحقيق عدة مطالب للأقباط مقابل إتمام زيارته المرتقبة..
ثم تردد أن إدارة أوباما قد عادت وفرضت شروطا جديدة للزيارة منها إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين فى مصر.. ومع تزايد الضغوط والشروط أعلن رسميا أن الرئيس مبارك قرر تأجيل زيارته من شهر أبريل إلى شهر يونيو.. ثم حدثت مفاجأة غريبة.. فتم الإعلان عن أن الذى سيزور أمريكا قريبا ليس الرئيس مبارك وإنما نجله السيد جمال مبارك الذى سوف يصحب معه مجموعة من الوجوه البارزة فى الحزب والحكومة، وذلك بغرض الالتقاء بأعضاء الكونجرس ومن تيسر من المسئولين فى البيت الأبيض والتشاور معهم فيما يحدث فى مصر والشرق الأوسط. والحق أن زيارة جمال مبارك إلى الولايات المتحدة بهذا الشكل تطرح أسئلة عديدة:
أولا: ما هى الصفة الدستورية للسيد جمال مبارك، التى سيتحدث من خلالها باسم المصريين مع المسئولين الأمريكيين؟.. هل كونه ابنا للرئيس مبارك يعطيه الحق فى رئاسة وفد يضم وزراء ومسئولين ليتحدث باسم بلاده فى المحافل الدولية؟.. المعروف أن قرابة الرئيس ليست منصبا، وهى لا تمنح أى صفة دستورية إطلاقا، فالسيدة حرم الرئيس وأولاده لا يكتسبون بدرجة قرابتهم أى صفة تؤهلهم لمثل الذى سيفعله جمال مبارك فى زيارته لأمريكا.. نحن نفهم أن يذهب الابن بدلا من والده فى مناسبة اجتماعية أو فى واجب عزاء ولكن ليس فى لقاءات مع مسئولين دوليين يتوقف عليها مصير ملايين المصريين.. بأى صفة إذن يسافر جمال مبارك إلى أمريكا..؟.. الإجابة الحكومية الجاهزة هنا أن جمال مبارك لا يشغل منصبا فى الدولة هذا صحيح، لكنه أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى ومن حقه بصفته الحزبية أن يلتقى بمن يشاء..
وهذه الإجابة تستدعى تناقضًا أكبر.. فإذا كان جمال مبارك يسافر بصفته الحزبية فقط، فالمفترض أن ما يسرى عليه يسرى على الآخرين.. فهل يجوز للدكتور عبدالحليم قنديل ممثلا لحركة كفاية أو للسيد رئيس حزب الوفد أو لمرشد الإخوان المسلمين أو غيرهم من المعارضين، أن يسافروا إلى أمريكا ويلتقوا بأعضاء الكونجرس ليتشاوروا معهم فى الإصلاح الديمقراطى فى مصر؟!..
طبعا لو حدث ذلك لقامت الدنيا عليهم ولاتهمتهم الحكومة بالعمالة للأمريكيين والاستقواء بالأجنبى ولتمت محاكمتهم بتهم الإساءة إلى سمعة مصر والحض على كراهية النظام وإثارة البلبلة وتهديد السلم الاجتماعى، وغيرها من التهم المطاطة الجوفاء التى تستعملها الحكومة للتنكيل بمن يعارضها.. السيد جمال مبارك، حتى بصفته الحزبية، يتمتع فى هذه الزيارة بوضع استثنائى مميز فهو يتحدث عن مصر وباسمها بدون أن يفوضه أحد فى ذلك، ببساطة لأنه ابن الرئيس الذى يعد نفسه لكى يرث عنه الحكم.
ثانيا: إذا كانت هذه الزيارة حزبية وليست رسمية.. فلماذا تعمل السفارة المصرية فى واشنطن، بل ووزارة الخارجية كلها، ليل نهار من أجل الإعداد لزيارة جمال مبارك؟.. وهل كان السفير المصرى فى واشنطن أو وزير الخارجية أبوالغيط سوف يفعلان نفس الشىء لو طلب منهما رئيس حزب معارض أن يعدا له لقاءات مع المسئولين الأمريكيين..؟.. ثم هناك سؤال أهم.. من الذى يدفع نفقات هذه الزيارة؟.. هل تدفعها الحكومة المصرية من ميزانية الدولة أم يدفعها الحزب الوطنى أم يدفعها السيد جمال مبارك من ماله الخاص.؟.
وما هى الحدود بين مال الحزب الوطنى والمال العام الذى يقتطع من دافعى الضرائب المصريين؟.. فى الدول الديمقراطية يوجد قانون اسمه حرية المعلومات يتيح لكل مواطن معرفة كل ما تنفقه الحكومة بل حجم الثروات والمدخرات للمسئولين فى الدولة وأولادهم وأقاربهم، لكننا فى مصر لا يجوز لنا أن نعرف شيئا من ذلك.. فالسيد جمال مبارك يصطحب الوزراء فى طائرته ويسافر إلى دول العالم ليتحدث باسمنا بدون أن نفوضه أو نطلب إليه، وليس من حقنا أن نعرف من يدفع نفقات هذه الرحلات بل ليس من حقنا أساسا أن نعرف مقدار ثروات المسئولين فى الدولة وأولادهم وأنواع الأنشطة التى قاموا بها من أجل تكوين ثرواتهم.. نحن لا نعرف شيئا ولا يجوز لنا أن نعرف شيئا ولا يعتبر المسئولون فى الدولة أنفسهم ملزمين بأى توضيح أو تفسير للمصريين عن الطريقة التى ينفقون بها أموالهم.
إن هذه الزيارة تدل للأسف على أن السيد جمال مبارك قد بدأ فعلا فى ممارسة صلاحيات رئيس الدولة.. لأنه عندما زار الولايات المتحدة فى عام 2006، كانت الزيارة سرية ولما تم الكشف عنها بالمصادفة قيل آنذاك فى تفسيرها إن جمال مبارك كان ذاهبا إلى أمريكا لتجديد رخصة قائد طائرته الخاصة. أما هذه المرة فإن السيد جمال لا يتحرج من الإعلان عن زيارته ولقاءاته مع الإدارة الأمريكية ممثلا لمصر..
ووفقا لما ينشر فى الصحافة الأمريكية فإن جمال مبارك فى زياراته، السرية والمعلنة، لا يخرج ما يقوله للمسئولين الأمريكيين عن أمور ثلاثة: أولا يشرح لهم فكره الاقتصادى الليبرالى، ويؤكد أنه سيدخل ببلادنا، لأول مرة فى تاريخها، إلى عصر الاقتصاد الحر عندما يتولى الحكم، وهو يعتقد أن ذلك سيشجع الإدارة الأمريكية على دعم التوريث..
ثانيا: يؤكد لهم أنه لو أجريت انتخابات نزيهة فى مصر الآن فإن الإخوان المسلمين سوف يفوزون باكتساح وبالتالى سوف تجد أمريكا نسخة أخرى من حركة حماس تحكم مصر.. وهذا الكلام يعتقد الأستاذ جمال، فيما يبدو، أنه سوف يجعل أمريكا تتوقف عن المطالبة بالإصلاح الديمقراطى فى مصر.. أما الموضوع الثالث فهو أن الإصلاح السياسى فى رأى جمال مبارك يجب أن يأتى بعد الإصلاح الاقتصادى.. ولما كان إصلاح الاقتصاد يستغرق أعواما طويلة فلا مجال للحديث عن الإصلاح السياسى الآن.
كل هذا يثير الحزن على الحال التى وصلت إليها بلادنا.. مصر العظيمة، الغنية أكثر من أى بلد آخر بالطاقات والكفاءات والمواهب، يراد لها أن تتحول إلى مجرد إرث ينتقل من الأب إلى الابن وكأنها عقار أو مزرعة دواجن. والمصريون الذين ناضلوا طويلا وقدموا آلاف الشهداء من أجل الاستقلال والديمقراطية، لا يستشيرهم أحد فيمن يحكمهم أو فيمن يتحدث باسمهم وكأنهم أمة من الأطفال أو فاقدى الأهلية.. إن المعانى التى تحملها زيارة جمال مبارك إلى أمريكا تحمل إساءة بالغة إلى مصر والمصريين.
ونحن نرفض هذه الزيارة قبل أن تبدأ لأن فيها اعتداء على الحق الأصيل للمصريين فى أن يختاروا من يحكمهم ومن يتحدث باسمهم.. وأخيرا، فإن كل هذه الخطط والمناورات من أجل توريث الحكم لن تنجح أبدا ولسوف تنتصر الديمقراطية فى مصر كما انتصرت فى كل أنحاء العالم.. لأن الديمقراطية هى الحق. والحق لابد أن ينتصر..
العنوان الإلكترونى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.