محافظ الجيزة: تنفيذ خطة تطوير شاملة للمنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير    محافظ سوهاج: يفتتح منفذ بيع اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين    10 مصابين في قصف الاحتلال لمنزل شمال غرب مدينة خانيونس    قرعة كأس الملك 2025.. من يواجه الهلال والاتحاد في الدور القادم؟    بركلات الترجيح.. بروسيا دورتموند يرتقي فوق فرانكفورت في كأس ألمانيا    متحدث الوزراء يكشف تفاصيل تطوير سوق العتبة ضمن إحياء المناطق التاريخية    شريف عامر عن افتتاح المتحف المصري الكبير: مصر على موعد مع التاريخ    المخرج محمد سامي عن أصعب الانتقادات: ريم أختي اشتغلت بضمير في البرنس.. بس الهجوم عليها ضايقني جدًا    اندلاع حريق بأحد المطاعم في أبنوب بأسيوط    رابطة الأندية: من المستحيل تأجيل مباريات الدوري المصري    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    باسم يوسف ل كلمة أخيرة: ما يحدث بين أمريكا وإسرائيل توزيع أدوار    كلها من مطبخك، وصفات طبيعية لتخفيف ألم المفاصل    البريد المصري يتيح سلفة ل 3 أضعاف المعاش بدون ضمانات    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    وزيرا خارجية الصين وكازاخستان يبحثان تعزيز التعاون الثنائي    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    رئيس جهاز حدائق العاصمة: 4000 أسرة مقيمة بالكامل.. وبدء ترفيق منطقة البوليفارد الترفيهية    فى ذكرى رحيله.. غانم السعيد: طه حسين لم يكن مجرد كاتب بل مشروع نهضة متكامل    هيئة الدواء المصرية تبحث مع شركة «وقاية» الإماراتية تعزيز منظومة إدارة المخلفات الطبية والدوائية    الصحة: فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    قبل يومين من عرضه.. زينة تنهي تصوير مسلسل ورد وشوكولاتة    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    رسميًا| مجلس الوزراء يعلن بدء التوقيت الشتوي اعتبارًا من الجمعة الأخيرة بالشهر الجاري    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    زلزال سينديرجي يعيد للأذهان كارثة كهرمان مرعش في تركيا.. تفاصيل    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيب!
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 09 - 2017

فى ذكرى رحيله السنوية، شهد الأسبوع الماضى عفارا وغبارا حول نجيب محفوظ وإبداعه الخالد. حلقة «توك شو» تثير جدالا قديما حول قلادة النيل التى مُنحها محفوظ عقب حصوله على نوبل 88، وهجوم رخيص من بعض المدعين الباحثين عن الشهرة تهاجم محفوظ وتصف إبداعه ب«الركيك» و«السينمائى» و«عديم القيمة»، أو يظهر على السوشيال ميديا من يدعى أن «الحرافيش» «مسلوقة»! وأنها لو لم تكن لنجيب محفوظ لما مرت مرور الكرام.. وهكذا على تلك الشاكلة من التنظيرات الجوفاء والأحكام اليقينية المبعثرة هنا أو هناك عن نجيب محفوظ وإبداعه.
فى النهاية نجيب محفوظ تراث إنسانى خالد ملك لكل من يقرأه، وهو ليس مقدسا ولن يكون، وهناك فعلا من لا يستسيغ كتابة محفوظ أو تأبت ذائقته على استقباله، وهذه حرية مطلقة لأصحابها لا يمارى فيها أحد ولا يستطيع.
لكن الغريب والمدهش حقا هو تلك الجرأة والثقة واليقين المطلق لدى البعض ممن يتحدثون بجهل عن الرجل وإبداعه. فى الغالب هم أبناء ثقافة السوشيال ميديا القائمة على الخفة والسذاجة والنقل المتسرع غير الموثق، ثقافة أسميها «ثقافة السبارس»، قوامها الخطف والتقاط القشور والادعاء الشكلى، ثقافة التلفيق والخلط والخزعبلات التى لا علاقة لها بفكرة عميقة أو بحث رصين أو توثيق علمى أو قراءة منهجية.
ثقافة تتكئ بكل عنف على الجماهيرية الزائفة والأعداد الخزعبلية المتسترة وراء «التريندات» و«الفولورز» وما شابه ذلك.. وفى وسط هذا الركام الخانق، لا يوجد واحد من هؤلاء امتلك الحد الأدنى من الفهم السليم للغة التى يقرأ بها أو يكتب بها أو تأسس وعيه ونمت ذائقته بشكل طبيعى بموازاة قراءة نقدية عميقة (امتحان إملاء متواضع مع اختبار ثقافة عامة حقيقى كفيلان بكشف المستور).
وهكذا تجد طوائف من القراء (أو هكذا يدعون!) قراء درجة رابعة أو خامسة رديئة، تجد منهم بكل ثقة أكرر بكل ثقة من يحكم على محفوظ ورواياته الكبرى! أو يحكم على عمل مثل «الحرافيش» بكلام متهافت رخيص، كاشف وفاضح لجهل معيب، والأدهى أنهم قرروا أن يتصدوا لمن يحاول أن يكشف جهلهم أو يدافع عن القيمة أو يجدد التذكير بسيرة وإبداع محفوظ تحت لافتات «إنهم يقدسون محفوظ» أو «إنهم يتعبدون فى محرابه» إلخ تلك المقولات التى يراد بها باطل مقرف!
بالنسبة لى ولكثيرين فى مصر والعالم كله، نجيب محفوظ كاتب عظيم، لا لأجل نوبل، ولا لأجل أى شىء سوى كتابته وقيمة إبداعه، والتى توحى للقراءة الأولى بالقليل ربما للبعض بينما التركيز فى القراءة يحيلك إلى مستويات عديدة لفهم النص، هذه المستويات فى قراءة محفوظ وإبداعه لم تتكشف حتى هذه اللحظة.
نجيب محفوظ قيمة حقيقية؛ ولأنه قيمة فمن يقرأه بإمعان ووعى يعلم أنه لن يقدسه وأن أبرز ما فيه يحض على الإبداع والابتكار والتجاوز شريطة العمل على توفر الشروط التى تؤدى إلى هذا التجاوز!
ومن يقرأ نجيب محفوظ بِعلم لن يقدسه، لكن سيعرف قيمته وقيمة منجزه، ولهذا ينبغى أن يتوفر لمن يقرأه استعداد وإدراك سليم، وبغير ذلك فلن يتأتى له اكتشاف جوانب العظمة المحفوظية الخالدة.
كانوا يقولون فى الأمثال إن العيب إذا صدر من أهل العيب فليس عيبا! لكن الحقيقة أن العيب صار شعار حياة فى أوساط أصيبت بالعمى المعرفى آفتها الجهل ومرضها الكبر، تأبى أن تبذل مجهودا بسيطا للحكم على الأشياء كما هى عليه لا كما يريدون هم أن يصموها به.
العيب الحقيقى ليس فى أن تعبر عن رأيك إنما فى أن تكون عاجزا عن الدفاع عنه.
العيب أن تعلن رأيا تحاول أن تفرضه فرضا على الناس بحيثيات ناقصة، لا يصمد لأى تحليل عقلى ومنطقى ومنهجى وفق أصوله.
العيب هو الادعاء بامتلاك القدرة على إطلاق الرأى والحكم على الشىء من دون وعى ولا تحضر ولا ثقافة، ولا فهم..
العيب هو الظن بأن المخالفة لذاتها كفيلة بإعطائك القيمة.. وأن إنكار القيمة قيمة!
ورحم الله محفوظ وأدام علينا نعمة قراءته واكتشافه دوما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.