شهد سباق رئاسة اليونسكو خلال الساعات الماضية حماسا متزايدا مع بدء العد التنازلى لإسدال الستار لبدء أولى جولات التصويت بعد غد الجمعة، واستعدادا للحظات الحسم عرض وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى إستراتيجيته وبرنامجه لإدارة المنظمة فى حال فوزه بهذا المنصب الأممى. وواكب ذلك التحرك من جانب المرشح المصرى استمرار فى الجدل الإعلامى الغربى حول ترشيحه للمنصب، فبينما كتبت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أن حسنى يعد الأوفر حظا فى السباق على منصب، وجه الفيلسوف والكاتب الفرنسى بيرنار هنرى ليفى دعوة إلى قادة العالم لما سماه «الاحتجاج على ترشيح حسنى» معتبرا أن وصوله لهذا المنصب الأممى يشكل تهديدا لما تمثله اليونسكو من قيم للعدالة والحريات. فبتسليط الضوء على حملة المرشح المصرى، أعربت مصادر مواكبة لحملة وزير الثقافة فاروق حسنى عن الارتياح إزاء ردة الفعل على الكلمة التى ألقاها حسنى أمام اليونسكو أمس فى معرض تقديمه لخطة عمله ورده على الأسئلة المقدمة من الأعضاء ال 58 المستحقين للتصويت المقرر جولته الأولى الجمعة. وقال مصدر تحدث ل«الشروق» من باريس بشرط عدم ذكر اسمه: «لقد كانت ردة الفعل لما قاله حسنى إيجابية فى مجملها، وهناك شعور عام بين الدول التى وعدت بالتصويت للمرشح المصرى بأنه أبلى بلاء حسنا». وأضاف المصدر: «هناك شعور عام بأن حسنى كان واثقا من نفسه، وبدا كمن يخوض معركة انتخابية وهو مطمئن لحظوظه الوافرة ولقد تسبب هذا الأداء فى زيادة القبول العام للمرشح المصرى ولكنه لم يغير المواقف منه، سواء من معه أو من هو ضده، بصورة جذرية». وحسب المصدر فإن «الولاياتالمتحدة التى تحاول عرقلة ترشح حسنى ما زالت على موقفها وكذلك المنظمات اليهودية التى عارضت ترشيحه بالرغم من سحب إسرائيل لحملتها المكثفة ضده كما أكد (رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للرئيس حسنى مبارك فى القاهرة خلال لقائهما هذا الأسبوع». وأوضحت المصادر التى تحدثت ل«الشروق» عبر الهاتف من العاصمة الفرنسية مقر اليونسكو فإن هناك اطمئنانا إلى أن حسنى «سيمر بسلاسة من اختبار الجولة الأولى» والعمل يتم بالفعل للتحضير للجولة الثانية. ويتنافس حسنى على منصب مدير اليونسكو مع 8 مرشحين، تقدر مصادر باليونسكو أن أبرزهم المرشحة النمساوية بنيتا فيريرو فالدنر التى تواجه هى الأخرى بصعوبات تتعلق بعضويتها السابقة، كوزيرة للخارجية، فى حكومة بالغة اليمينية ببلادها. وقالت المصادر المواكبة لحملة حسنى «إن العمل مستمر والاتصالات واللقاءات التى يجريها حسنى من باريس التى سيبقى بها حتى انتهاء جولات التصويت المتتالية مستمرة». وكانت مصادر داخل حملة حسنى قد أشارت فى وقت سابق إلى أن تركيز الحملة ينصب الآن على الجولات التالية والتى قد تصل إلى أربع جولات. وقال مصدر رفض ذكر اسمه «ما نعمل عليه الآن هو أن نضمن أن من وعد بالتصويت لصالح حسنى فى الجولة الأولى سيلتزم بهذا الوعد وأن الأصوات التى ستفقد مرشحيها فى الجولة الأولى ستذهب إلى حسنى فى الجولات التالية». وكان فاروق حسنى قد عرض فى الساعات الماضية أمام المجلس التنفيذى لليونسكو إستراتيجيته وبرنامجه لإدارة المنظمة فى حال فوزه بهذا المنصب الدولى المهم والذى يدعو إلى التسامح بين الأديان والأشخاص والتصالح والحوار بين الثقافات والحضارات وذلك استعدادا لانطلاق انتخابات اليونسكو يوم 18 سبتمبر الحالى. وقال حسنى فى كلمته إن هناك حاجة إلى تأسيس قاعدة عريضة بقدر المستطاع تهدف إلى تجديد اليونسكو ودعمها دعما طموحا حتى يتسنى لها القيام بدورها الريادى فى سياق يهدف إلى توسيع مدى التعاون الدولى. وأضاف أن دعم اليونسكو لأفريقيا يجب أن يصبح أكثر قوة بأخذ الرؤى التى يقدمها التعاون بين الجنوب فى الاعتبار. وأكد حسنى أن اليونسكو قادرة الآن على العمل بصورة أكبر فى مجال دعم حوار الحضارات والثقافات وهو بعد أساسى فى دعم السلام. وأوضح أنه لبلوغ هذه الغاية لابد أن يدخل هذا الحوار بصورة أكثر عضوية فى جميع القطاعات. وكان مسئولون داخل حملة المرشح المصرى قد أكدوا ل«الشروق» أن حملة الاتهامات ضد حسنى بمعاداة السامية والانتماء إلى توجهات قمع حرية الرأى آخذة فى التراجع «بعد» جهد كبير بذل لتوضيح موقف حسنى الذى يلتزم حسب مقتضيات عمل وزير الثقافة المصرى بالانحياز لرأى جموع المثقفين المصريين الرافض للتطبيع قبل إنجاز السلام الشامل والذى لا يمثل الصوت الرافض للحريات على الإطلاق داخل أو خارج المجتمع المصرى». جاءت هذه التطورات فى الوقت الذى تواصل فيه الجدل الغربى حول ترشيح حسنى، فقد أوضحت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أنه على الرغم من الجدل الذى أثاره ترشحه لهذا المنصب، فإن حملة فاروق حسنى لليونسكو تقوم على فكرة المصالحة، مشيرة إلى أن الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى «صديق مصر» لا يعارض ترشيح حسنى لليونسكو، وكذلك رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. جاء ذلك فى الوقت الذى طالب فيه الكاتب الفرنسى بيرنار ليفى قادة الدول ال58 الأعضاء فى اللجنة التنفيذية فى اليونسكو برفض ترشيح حسنى للمنصب الدولى. وكتب بيرنار فى صحيفة «هافينجنتون بوست» الأمريكية الإلكترونية مقالا قال فيه إن ترشيح حسنى الذى بقى فى منصبه كوزير للثقافة فى بلاده لمدة 20 عاما يشكل تهديدا لما تمثله اليونسكو من قيم وأفكار إنسانية. وأكد أن اليونسكو ليست مجرد منظمة دولية عادية وإنما هى الحامية لكل ما يعبر عنه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان من قيم الحرية والعدالة والسلام العالمى واحترام لحقوق الإنسان. وشدد بيرنار فى مقاله على ضرورة أن تتحد هذا الدول ومعها مصر من أجل حماية المنظمة المرموقة من الانهيار. كما أوضح الفيلسوف الفرنسى أن إحدى النقاط التى تزيد من موقف حسنى سوءا هى المقارنة التى ستجرى بينه وبين سلفه كويشيرو ماتسورا المدير العام الحالى لليونسكو الذى قام حتى الآن بدور بارز فى منصبه ونجح فى التعبير بدقة عن الأفكار التى تمثلها المنظمة الدولية. ولم تكن انتقادات الفيلسوف الفرنسى هى الوحيدة فى هذا السياق فقد سبقتها صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى نفس النهج حيث كانت قد واصلت أمس الأول حملتها ضد حسنى حيث نشرت مقالا تحت عنوان «حارق الكتب رئيسا لليونسكو» جاء فيه أنه قبل أيام قليلة من اختيار الرئيس الجديد لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة تحدثت الأخبار القادمة من مصر عن اعتقال أكثر من 150 شخصا بتهمة المجاهرة بالإفطار فى شهر رمضان، الأمر الذى يثير شكوكا قوية حول إمكانية اختيار مرشح مصر لرئاسة المنظمة الدولية المعنية بالثقافة والعلوم فى العالم.