أثارت الهجمات الإلكترونية الأخيرة التي ضربت العديد من الدول حول العالم مخاوف بشأن فقدان وكالة الأمن القومي الأمريكية السيطرة على أدوات القرصنة الإلكترونية المستخدمة في تلك الهجمات، والتي سُربت من الترسانة الإلكترونية للوكالة، في ظل عدم اعتراف الأخيرة بدورها في هذا الشأن. وفي تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن أدوات القرصنة الإلكترونية التي سُرقت من ترسانة وكالة الأمن القومي الإلكتروني قد استُخدمت مرتين خلال الشهر الأخير ضد مؤسسات بكل من بريطانياوأوكرانيا، مشيرة إلى التزام الوكالة الأمريكية الصمت في هذا الشأن وعدم اعترافها بدورها في تطوير تلك الأدوات، في الوقت الذي يقول مسئولون بالبيت الأبيض إن التركيز يجب أن ينصب على القراصنة أنفسهم وليس على مطوري الأدوات المستخدمة. في المقابل، يبدي المتضررون من الهجمات الإلكترونية غضبهم مع تصاعد الهجمات التي تستخدم أدوات وكالة الأمن القومي على عدة مؤسسات حول العام وفي الولاياتالمتحدة، منها مشافي وأحد المحطات النووية وعدد من الشركات، وسط قلق متنام من أن تكون وكالات الاستخبارات الأمريكية قد اندفعت في تطوير أسلحة إلكترونية لا تستطيع الحفاظ عليها من الأعداء أو إيقافها حال وقوعها في غير الأيدي المصرح لها باستخدامها. وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى تزايد الدعوات إلى أن تعترف الوكالة بدورها في الهجمات خلال اليوم الأخير، إذ دعا عضو الكونجرس تيد ليو الوكالة إلى المساعدة في وقف الهجمات والتوقف عن ادخار المعلومات عن نقاط الضعف في أنظمة الحواسيب، والتي تعتمد عليها أدوات القرصنة. فيما أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبض مايكل أنطون، أن الحكومة الأمريكية "تستخدم عملية منضبطة ورفيعة المستوى لصنع القرار بين الوكالات المختلفة للكشف عن نقاط الضعف المعروفة" في البرمجيات، "على عكس أي دولة أخرى في العالم"، بحسب الصحيفة. وأوضح أنطون أن الإدارة الأمريكية "ملتزمة بالموازنة بشكل مسئول بين مصالح الأمن القومي والسلامة العامة والأمن"، لكنه رفض التعليق على الأصل الذي خرجت منه أي من الشفرات المستخدمة في أدوات القرصنة، فيما ألقت واشنطن باللوم على أطراف أخرى في عمليات القرصنة، حيث اتهمت روسيا بالوقوف خلف الهجمات الأخيرة التي يعتقد أنها بدأت في أوكرانيا قبل انتشارها جول العالم، واتهمت كوريا الشمالية بالوقوف خلف عمليات القرصنة بفيروس "الفدية" الذي حمل اسم "واناكراي"، رغم عدم الإعلان عن أدلة لى ذلك. بينما تبقى هوية مسربي أدوات القرنة الأمريكية ومستخدميها في الهجمت الإلكترونية مجهولة، يؤكد مسئولون سابقون بالاستخبارات الأمريكية أنه لا شك في أن مصدر تلك الأسحلة الإلكترونية هو إحدى الوحدات داخل وكالة الأمن القومي. كما اتهم رئيس شركة "مايكروسوفت" براد سميث وكالة الأمن القومي، صراحة بكونها مصدر نقاط الضعف في أنظمة تشغيل الحواسيب التي تتسبب في كل الضرر الحالي، داعيا الوكالة الاستخباراتية إلى "النظر في الضرر الذي لحق بالمدنيين والذي أتى جراء الاحتفاظ بنقاط الضعف" واستغلالها. وقالت "نيويورك تايمز"، إن الأمر بالنسبة للوكالة الأمريكية- التي أنفقت مليارات الدولارات لتطوير ترسانة من الأسلحة الإلكترونية التي استخدمت ضد البرنامج النووي الإيراني وأنظمة الصواريخ الكورية الشمالية وعناصر تنظيم "داعش"- بأت أشبه ب"كابوس رقمي"، مشبهة ما جرى معها بأن تفقد القوات الجوية الأمريكية بعضا من صواريخها الأكثر تعقيدا واكتشافها أن أعداءها يستخدمونها ضد حلفائها، لكنها ترفض الاعتراف بذلك أو بأنها هي من صنعت تلك الصواريخ. ونقلت الصحيفة، عن مسئولين قولهم إن الضرر المحتمل من جانب "شادو بروكرس"، وهي الجهة المجهولة التي سربت الأسلحة الإلكترونية الأمريكية، قد يذهب أبعد من ذلك، حيث قد تُستخدم تلك الأسلحة في تدمير بُنى تحتية في دول حليفة أو في الولاياتالمتحدة نفسها. وفي مقابلة مع الصحيفة قبيل الهجمات الإلكترونية الأخيرة، قال ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" الأسبق: "لست متأكدا من أننا نفهم الإمكانية الكاملة لما يمكن أن يحدث، لكن هذه الفيروسات يمكن أن تتحول إلى مناطق أخرى لم تكن تقصدها، المزيد والمزيد"، مضيفا: "هذا هو التهديد الذي سنواجهه في المستقبل القريب".