قاهرة المعز.. المحروسة.. مدينة الألف مئذنة.. القاهرة الخديوية.. باريس الشرق.. كلها مسميات مدينة واحدة تحمل ملامح مختلفة، رسمتها حضارات عديدة، ما جعلها تسلب قلوب الباحثين، ولم يستطيعوا المرور عليها دون لحظة تأمل طالت، وأصبحت سنوات كتبوا خلالها آلاف الأوراق، يصفون فيها شوارعها وأماكنها وأشخاصها، كل حسب رؤيته، وفى أزمنة مختلفة، ولكن ما اتفقوا عليه جميعا، هو سحرها، وأثرها غير المفسر فى النفس. والكتاب الذى نعرض له لن نستطيع القول إنه أحد هذه الدراسات أو المؤلفات، ولكن هو مجموعة من رؤى هذه المدينة فى عيون كبار الرحالة، الذين مروا عليها، وأسرتهم، جمعها «محمد بن سعود الحمد» تحت عنوان «القاهرة فى عيون الرحالة». ومنهم «ابن جبير 1144 : 1207» أحد أوسع الرحالة العرب فكرا، والذى أرخ لأهم جوامع القاهرة فى وقته «جامع عمرو، وابن طولون، والأزهر، وجامع الحاكم»، وتكلم عن قلعة الجبل حيث عاصر بناء أسوارها. ومن أشهر رحالة الإسلام الذين ذكرهم الكتاب، وأرخوا للقاهرة «ابن بطوطة 1304 : 1377» الذى اهتم المستشرقون برحلته، وبذلوا جهودا كبيرة فى البحث عن النسخ الأصلية لكتاباته، و«عبداللطيف البغدادى» الذى عبر عن إعجابه بالتراث والآثار وفنون العمارة التى ورثتها الحضارة الإسلامية من الفرعونية، وقال عنها: «وإذا رأى اللبيب هذه الآثار، عذر العوام فى اعتقادهم عن الأوائل، بأن أعمارهم كانت طويلة، وجثثهم عظيمة. أو أنه كان لهم عصا إذا ضربوا بها الحجر، سعى بين أيديهم» ومن المؤرخين العرب ينتقل بنا الكتاب إلى رؤى أهم الرحالة الأوربيين الذين تأملوا هذه المدينة، ويعرض لرحلاتهم التى بدأت فى الانتشار بين القرنى الرابع والخامس عشر الميلادى، مثل الألمانى «فيلكس فابرى» الذى قال إن مساحتها تعادل مساحة باريس سبع مرات، والفرنسيان «فان دى جوز» الذى اهتم بمساحتها واستيعابها للكثافة السكانية. حيث كان يعتقد أنها أكبر مدينة عرفها فى العالم، و«سيجولى» الذى تصور أن المسحراتى أحد رجال الدين الإسلامى، ثم ينتقل بنا إلى القرن السابع عشر وكبار مؤرخيه مثل «الجبرتى» و«سافارى» الذى تفنن فى تصوير مصر، وحكى بشكل أدبى رائع عن لياليه القمرية على ضفاف النيل، ثم يتوقف الكتاب عند مكتشف الكتابة الهيروغليفية، ومؤسس علم المصريات العالم الشهير «جان فرنسوا شامبليون 1790 : 1832 «الذى يرى الكاتب أنه صاحب فضل فى تحدث أطلال الفراعنة عن إبداع المصرى القديم. ويختتم الباحث ما جمعه بفصل سماه «انطباعات سعودى عن القاهرة، فى القرن الحادى والعشرين» قدم فيه لأهم وأكبر شوارع وميادين القاهرة، مثل شارع محمد على، ووسط البلد، وشاطئ النيل.