"إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    الثانية في أقل من 10 ساعات، إصابة إسرائيليين اثنين بعملية طعن في قضاء رام الله    لإشعال الثورة البوليفارية، مادورو يعلن عن قيادة جديدة للحزب الاشتراكي في فنزويلا    هونج كونج تنشئ لجنة تحقيق مستقلة لتحديد سبب حريق المجمع السكني    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    أمطار غزيرة تضرب الإسكندرية والمحافظة ترفع حالة الطوارئ (صور)    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    طقس اليوم الثلاثاء.. تحذير من فرص أمطار متوسطة    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر في بداية تعاملات البورصة العالمية    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    قطاع المعالجات التجارية يعقد جلسة مشاورات مع مكتب الأمانة الفنية لمجلس التعاون الخليجى بشأن تحقيق التدابير الوقائية على واردات البيليت    ترامب وماكرون يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا    مصر تلاحق أمريكا فى سباق الوجهات المفضلة للألمان    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    تقرير توغلات جديدة للجيش الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة السوري    معرض إيديكس 2025.. عرض قواذف وصواريخ تستخدم مع الطائرات المسيرة..والمدرعتين فهد وقادر 2 المجهزتين بمنصات إطلاق..ومنظومة اشتباك وتحكم عن بعد للمواقع الثابتة وأخرى للاستطلاع وإدارة النيران تعمل مع المدفعية..فيديو    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    الالتزام البيئي باتحاد الصناعات المصرية: نقدم مساعدات فنية وتمويلية للمصانع المصرية ونسعى لنشر الاستدامة البيئية    جيش الاحتلال يغلق مداخل الخليل الشمالية    وزير الزراعة: صادرات مصر من الفراولة مرتفعة هذا العام.. والأسعار ستتحرك بالزيادة خلال أيام    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    عاجل- شعبة المخابز تؤكد ثبات سعر رغيف الخبز المدعم عند 20 قرشًا وتحذر من أي زيادات مخالفة    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    "العوضي": تلاميذ مدرسة الإسكندرية الدولية المعتدى عليهم أكثر من 4 أطفال    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    هاني زهران: المحكمة الفيدرالية "مقبرة" ونسبة قبول طعن رمضان صبحي لا تتخطى 7%    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    لاعب الإسماعيلي السابق يطالب بإقالة ميلود حمدي    ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    كل ما تريد معرفته عن قرعة كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخبا    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    من الأكاديمية العسكرية إلى ميدوزا وإيديكس.. مصر ترفع جاهزية الإنسان والسلاح معًا    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرب الانتخابات الرئاسية
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 05 - 2017

الأسئلة بدأت تطرح نفسها بإلحاح على الفضاء السياسى المصرى عن الانتخابات الرئاسية، التى تقترب مواعيدها، وصورتها المتوقعة ومتنافسيها المحتملين.
فيما هو طبيعى أن ينظر أى مجتمع إلى أهم استحقاقاته الانتخابية بشىء من التساؤل عما قد يحدث فيه، أو يحدثه من تغيرات فى بنية القرار السياسى والتوجهات العامة.
وفيما هو غير طبيعى ألا تكون هناك أى إجابة عن شىء من التماسك والوضوح والإقناع، فالغيوم تتكاثر فى المكان حتى بدا البحث عن مرشح جدى ينافس الرئيس الحالى معضلة.
لماذا؟ وكيف وصلنا إلى هذه النقطة؟
إنه الخلل الفادح فى البيئة العامة، التى تغيب عنها قواعد التنافس الطبيعى بين الرجال والبرامج بحرية ونزاهة أمام الرأى العام.
إذا اختلت القواعد فإن أحدا فى العالم لا يمكن أن يأخذ هذه الانتخابات على محمل الجد، وسوف تبدو أمامه نوعا من الاستفتاء المقنع، التى لا تؤسس لشرعية ولا تضمن استقرارا.
فى الأحوال الطبيعية تتنافس القوى والتيارات السياسية على طرح مرشحيها قبل وقت كافٍ من المواعيد المقررة للانتخابات؛ أملا فى كسب ثقة الجمهور العام بما لديها من أفكار ورؤى، وتأخذ الماكينات الانتخابية دورها فى التعبئة والحشد وبناء التحالفات واكتشاف مناطق القوة والضعف.
هذه بديهيات لكنها فى الأحوال غير الطبيعية تستحيل إلى معضلات.
ولا أحد بوسعه أن يتوقع صورة الانتخابات المقبلة، فكل شىء سوف تحكمه حقائق اللحظة الاجتماعية قبل السياسية ومدى تقبل الرأى العام للضغوطات الاقتصادية على مستويات معيشته.
بمعنى آخر، فإن المسافة مازالت طويلة حتى مطلع عام (2018) حين تبدأ الإجراءات الدستورية للانتخابات الرئاسية.
بلغة الحقائق فإن المعارضة الاجتماعية أقوى من المعارضة السياسية وأشد أثرا محتملا فى مسار الحوادث.
ما بين الطبيعى فى طلب التنافس الانتخابى وغير الطبيعى فى البيئة العامة تتبدى حقائق الأزمة.
القضية ليست من ينافس الرئيس فى الانتخابات المقبلة بقدر ما أن تكون هناك قواعد حديثة تضمن سلامة الانتخابات ونزاهتها وبيئة عامة تضفى الثقة على العملية بأسرها.
هناك فارق جوهرى بين المجتمع المفتوح والمجتمع المغلق.
الأول: أكثر كفاءة على قراءة أحواله واكتشاف مناطق ضعفه وتصحيح مساره وتجديد نفسه بمد الأمل إلى المستقبل.
والثانى: يفضى إلى كتم التفاعلات وانتقالها من فوق السطح إلى ما تحته، فلا نعرف ما قد يحدث حتى تداهم العواصف المسرح كله واضعة المستقبل بين قوسين كبيرين.
أحد الأسباب الرئيسية للشعور بوطأة الأزمة فى مصر أن المجتمع ينسحب باطّراد من وضع مفتوح باسم ثورة «يناير» إلى وضع مغلق باسم استعادة «الدولة».
بصيغة المجتمع المفتوح أجريت انتخابات نيابية ورئاسية واستفتاءات عامة على قدر من النزاهة على الرغم من خروقات شابتها بعد «يناير».
كان ذلك إنجازا سياسيا هائلا ضخ دماء الثقة العامة فى سلامة الإجراءات الانتخابية وسط المصريين العاديين، فوقفوا بعشرات الملايين فى طوابير الاقتراع كما لم يحدث فى تاريخهم كله.
غير أن التجربة تعرضت للتجريف السريع، فقد أجريت الانتخابات العامة بلا دستور يضبط قواعد اللعبة ويضمن مدنية الدولة وألا يجرى التنكر للوسائل الديمقراطية التى تصعد بها أى قوة سياسية للسلطة.
من غياب القواعد تقوضت «يناير» وجرى اختطاف تضحياتها ورهاناتها على التحول إلى دولة ديمقراطية حديثة حتى أطل على المشهد من جديد سؤال عمره اثنا عشر عاما: من ينافس الرئيس؟
فى عام (2005) خاض الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» انتخابات بين أكثر من مرشح، لكنها بدت ك«استعراض الرجل الواحد» نتائجها معروفة سلفا ولا تتوافر فيها مقومات أى تنافس جدى وفق قواعد تضمن حيدة أجهزة الدولة.
لم يؤسس ذلك لأى شرعية، وتصاعد فى المجال العام سؤال: «مصر إلى أين؟».
قيمة أى انتخابات عامة فيما تضيفه إلى خزان الشرعية، وهذه مسألة حرية لا قسر، واختيار لا إجبار، وبيئة عامة تتقبل الاختلاف فى الرأى وتقبل الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وفق القواعد الدستورية.
البيئة العامة قضية القضايا فى أى انتخابات لها صدقية واحترام.
الخوف من خوض الانتخابات خشية أن يلحق المرشحون أضرارا باهظة من سمعتهم العامة وحياتهم الخاصة جراء حملات اغتيال معنوى حاجز أول دون تقدم شخصيات لها ثقل للسباق الانتخابى وخشية التعرض للملاحقة التالية حاجز ثان.
فى مثل هذه الأجواء يصعب الحديث عن انتخابات من ذلك النوع الذى يعرفه العالم الحديث ولا يعترف بغيره.
أسوأ التوقعات أن يتحول الانتخاب التعددى إلى استفتاء مقنع بنسبة تتجاوز ال(90٪)، فهذه أرقام لا تعكس حقيقة ولا تؤسس لشرعية.
كما أنها تحجب حقائق التفاعلات الداخلية، التى تراجعت بمقتضاها شعبية الرئيس على نحو كبير لا يمكن إنكاره.
قيمة المجتمع المفتوح فى قدرته على التصحيح والتصويب وطرح بدائل للسياسات والمسارات كما حدث فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
فى تلك الانتخابات حصد «إيمانويل ماكرون» أكثر من (66٪) وعدت النسبة استثنائية بالنظر إلى الخطر الذى مثلته منافسته فى جولة الحسم «مارين لوبن» على القيم الجمهورية.
مع ذلك فإن النسبة التى حصلت عليها «لوبن» بدت استثنائية هى الأخرى وعبرت عن قطاع محبط وكبير وعد الرئيس المنتخب أن يحاوره.
لكل رقم معلن فى الانتخابات الفرنسية كأى انتخابات أخرى نزيهة له معنى يشير إلى مواطن القوة والضعف فى بنية مجتمعها.
من ذلك أن أقصى اليمين بخطابه الشعبوى، الذى يحرض على الأجانب والأقليات، تتمركز قوته التصويتية فى المناطق الريفية الأقل حظوظا بمقاييس جودة الحياة.. بينما تتمركز القوة التصويتية، التى منعت صعوده، فى المدن الكبرى حيث تميل أغلبية سكانها للاندماج فى الاتحاد الأوروبى والانفتاح على العالم.
إذا ذهبت الانتخابات هنا إلى استفتاء مقنع فلا صدقية لأى رقم ولا شرعية لأى إجراء.
على الرغم من ترشح «ماكرون» ضد المؤسسة الحزبية بجناحيها الجمهورى والاشتراكى فإنه فى حقيقة الأمر يجدد المؤسسة باسم الثورة عليها.
وهذه تفاعلات طبيعية، أيا كانت شراستها وإحباطاتها، ضمن سياق دستورى ووفق قواعد لا يملك أحد الخروج عليها.
المشكلة هنا أنه لا توجد مؤسسة حديثة، والأحزاب شبه متقوضة بالكامل، وما تبقى يصارع معركة الوجود، والبيئة العامة مرشحة لتدهور إضافى ومكلف.
أخطر ما يقال لمصادرة فكرة التنافس أنها تضر بالدولة واستقرارها، وهذا اجتراء على الشرعية الدستورية حيث تنص المادة الخامسة على أنه «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته».
المعنى أن التعدد من صلب النظام السياسى ومصادرته خروج عن الشرعية، فضلا عن أنه لا يلخص الدولة.
الكلام بذاته يضعف الدولة ويصورها كيانا هشا، كأنها لا تقوى إلا بالقمع والتنكيل وعدم احترام الدستور.
فى مثل هذه الأحوال غير الطبيعية وغير الصحية فإن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع سوف تعاود سيرتها الأولى.
حتى ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة شهدت مصر نسبا متفاوتة ومرتفعة أمام صناديق الاقتراع، وإذا ما أخذ الانحسار مداه فإنه سحب على المكشوف من خزان الشرعية.
بالقرب من الانتخابات الرئاسية فإن القضية الأولى هى البيئة العامة ولا قضية قبلها.
إذا لم تكن البيئة العامة صحية فإن كل شىء آخر معتل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.