لم تكن تلك هى المرة الأولى التى تتناول فيها الدراما المصرية عالم الجاسوسية، غير أنها المرة الأولى التى تقدم فيها الجاسوس الهادئ الذى ينتزع تعاطف الجمهور معه فى كثير من المشاهد قبل أن يتحول هذا التعاطف إلى غضب عارم. الفنان شريف سلامة الذى يجسد دور الجاسوس الهادئ بمسلسل «حرب الجواسيس» يعترف بأنه تعاطف كثيرا مع شخصية «نبيل»، ويكشف عن شعوره بالشفقة تجاهه خوفا عليه من غضب المشاهدين، ويرفض اتهام المسلسل بالملل نتيجة بطء الأحداث لاسيما طول فترة تجنيده والتى استغرقت أكثر من نصف حلقات المسلسل. الشروق: ما الذى حمسك لمسلسل «حرب الجواسيس»؟ شريف: ترشيحى من البدايه كان عن طريق المخرج نادر جلال، والمؤلف بشير الديك، وأكدا لى عندما أخذت السيناريو أنه سيعجبنى جدا، وبالفعل عندما بدأت فى القراءة لم أستطع التوقف حتى انتهيت من السيناريو كاملا لأنى شعرت بفضول كبير لمعرفة نهاية القصة وما يميز هذا السيناريو أنك عندما تقرأه لا تتوقع نهايته على عكس أغلب الدراما التليفزيونية التى تتوقع نهايتها بعد مشاهدة الحلقة الأولى، وهو ما أحرص عليه فى اختياراتى دائما فأنا دائما أبحث عن الأدوار غير المتوقعة لأجذب الناس لمشاهدتها. الشروق: وهل هذا سبب عدم وجودك المستمر؟ شريف: هذا صحيح.. لأنى لا أحب الظهور فى أعمال أعرف مسبقا أنها لن تعجب المشاهد، فأنا عندى مبدأ فى العمل وهو أن لا أستخف أبدا بعقل المشاهد بل أحترمه وأضعه أمامى قبل أن أوافق على أى دور، لكى يحترمنى هو بعد أن يشاهد ما أقدمه له.. فأنا لا أستخف أبدا بذوق الجمهور، ثم ردد بلغة الشباب «لن أهرتل عشان أكون موجودا». الشروق: لكن ذلك قد يضطرك للجلوس فى البيت بدون عمل لفترات طويلة؟ شريف: لا يشغلنى أبدا أن أجلس عامين فى البيت بدون عمل، لأنى جلست ذات مرة ثلاث سنوات ولم يكن لدى أدنى مشكلة، لأنى عندما أعود بشخصية تعلق مع الناس جدا ويحبونها، فإنها تعوضنى عن هذا الغياب الطويل، كما أننى لست مقتنعا إطلاقا بفكرة الوجود والانتشار، وأرى أن عملا واحدا اختيار أفضل وأفيد للمثل من 10 أعمال بهدف الانتشار وأنا عموما أخاف جدا من الفشل. الشروق: شاهدنا لأول مرة الجاسوس الهادئ الذى تتعاطف معه.. فكيف حضَّرت لهذه الشخصية؟ شريف: لم أتعامل مع الشخصية على أنه سيكون جاسوسا فقط، فلابد أن يكون له مواصفات إنسانية وشكل وأسلوب معين، وبالتالى تعاملت مع «نبيل» على أنه شخص يعانى نفسيا بسبب علاقته المتوترة بأبيه، وهذا ظهر على شكله الخارجى، فبدأ طوال الوقت مضطربا، ويخاف من أى شىء حتى إذا كان بسيطا، وكان لابد أن يكون بهذا الشكل ليبرر خضوعه لعملية تجنيده من الموساد الإسرائيلى. وأضاف: أنا شخصيا رأيت «نبيل» شخصا طبييعيا جدا لكنه يتعرض لظروف صعبة من الممكن أن يخضع ويستسلم بعدها، ومن الممكن أن يرفض، كما يحتمل أن يفيق ويعود إلى رشده بعد هذا الخضوع، فالشخصية لديها أبعاد نفسية وعائلية ساقته إلى أن يقبل الوضع الذى فرض عليه.. وأنا بالفعل أشعر بالشفقة عليه من غضب المشاهدين. الشروق: ألم تخش من تقديم شخصية الجاسوس؟ شريف: لم يكن عندى أى تخوفات إطلاقا، ولابد أن يفهم المشاهد أن نبيل هو الذى أمامهم على الشاشه وليس شريف، لذلك إذا الكراهية انصبت على أحد فلابد أن تكون على «نبيل». الشروق: وهل اقتنعت بكل الأحداث التى مر بها نبيل فى رحلة تجنيده؟ شريف: يسأل فى السيناريو بشير الديك، فأنا كان أمامى شخصية قدمتها مع شخصيات أخرى تعاملت معها، وبوجه عام كل الأحداث التى مر بها نبيل أراها طبيعية جدا ووارد حدوثها. الشروق: لكن أغلب الكتابات عن المسلسل لم تستسغ طول فترة تجنيد نبيل؟ شريف: من المحزن أن يفكر بعض النقاد بنفس طريقة بعض المشاهدين الذين يقابلونى فى الشارع ويسألونى عن نهاية المسلسل لأن لديهم فضولا أن يعرفوا النهاية حتى قبل أن يبدأ المسلسل، وأريد أن أسأل هل النقاد يريدون نبيل جاسوسا من أول مشهد فى الحلقة الأولى؟!..وإذا حدث هذا.. فماذا يريدون أن نقدم فى باقى المسلسل؟ ويضيف: هدف المسلسل الأساسى هو توعية المسئولين والأهل ليهتموا بشبابنا فى الخارج، والذين وارد جدا تعرضهم لما حدث مع نبيل. وفى تقديرى أنه لم يكن من الممكن أن تبدأ الحلقات ونبيل أصبح جاسوسا، كما أن شخصية نبيل من الممكن أن تشاهد كمسلسل منفردا فهو شاب يسافر إلى الخارج باحثا عن نفسه، ويواجه متاعب كثيرة من القهر النفسى والجسدى والاجتماعى، وهذا لأنه لم يجد نفسه فى بلده، فالطبيعى أن الناس تنتظر النهاية ولا تتعجلها، لذلك أنا أختلف مع كل من كتب فى هذه النقطة لأن الطبيعى أن نوضح هذه الفترة فى حياة نبيل لكى يتقبل المشاهد الذى سيحدث بينه وبين سامية فهمى فى الحلقات المقبلة. الشروق: هل اطلعت على ملفات خاصة بنبيل فى المخابرات أم اعتمدت فقط على السيناريو المكتوب؟ شريف: فى البدايه أحب توضيح أنه لم يكن اسمه نبيل أصلا، ولا سامية فهمى هو اسم بطلة القصة الحقيقية، والحقيقة فقط فى ملف المخابرات لا يستطيع أحد الاطلاع عليها، فالمخابرات لا تفصح عن الأسماء الحقيقية للجواسيس، وإلا تكون كارثة بكل المقاييس، لأن الموساد الإسرائيلى من الممكن أن يتتبعهم ويغتالهم.. الشروق: وهل اعترضت الجهات الأمنية على شىء بعد الانتهاء من التصوير؟ شريف: بالعكس أنا علمت أن «حرب الجواسيس» هو المسلسل الوحيد الذى حصل على تقدير جيد جدا رقابيا، لأنه لم يكن فيه أى أخطاء رقابية. الشروق: هل يفرق معك كثيرا أن العمل فى النهاية منسوب لمنة شلبى وليس لك؟ شريف: لا يفرق معى أبدا، بالعكس أنا سعيد جدا أننى عملت مع منه شلبى. وأريد التعليق على بعض الكتابات عن منة شلبى وأقول لهم لا تحكموا عليها الآن، لأن الوقت مازال مبكرا على أن نحكم عليها فالحلقات المقبلة لها، واللعب سيكون بينى وبينها، وسنشاهد أحداثا ساخنة جدا.. وهل سيلعبون معا على الكشوف أم لا؟، وهل ستقبل العمل معه أم لا؟، وهل سيعود إلى بلده أم لا؟. الشروق: شخصية الجاسوس عندما تنجح تضع من يقدمها فى «مأزق» وهذا ما حدث مع محمود عبدالعزيز وعادل إمام وظلا بعد تقديمها لهذه الشخصية فترة طويلة لا يستطعيان اختيار أدوار أخرى.. فكيف فكرت فى نفسك؟ شريف: لن يفرق هذا معى كثيرا لأننى بطبيعتى لا أعمل إلا على فترات متباعدة، لذلك لن يشعر الناس أننى ابتعدت لأن المسلسل وضعنى فى منطقة جيدة مثلا.. وبعيدا عن هذا أنا أرفض المقارنة مع أساتذتى الكبار عادل إمام، ومحمود عبدالعزيز، وأيضا أرفض مقارنة مسلسلنا بأعمالهما الناجحة، والتى حظيت بنجاحات فى نظرى لن تتكرر، فأنا ليس مثلهم لكى أظل فترة فى البيت بدون عمل، لذلك سأختار الأفضل مما يعرض علىّ. الشروق: هل ترى أن البطولة المطلقة تأخرت كثيرا؟ شريف: البطولة المطلقة تعرض على منذ 3 سنوات على الأقل، وعندى فى البيت أكثر من 40 سيناريو، منها 15 تم تنفيذها، والباقى توقف إنتاجه بسبب رفضى الموافقة عليها، فأنا لست متعجلا للوصول إلى البطولات المطلقة، وأرى أنه لابد أن يتقبلنى الجمهور فى الأدوار التى أقدمها حاليا وسوف أنتظر حتى يفرضنى الجمهور على الساحة ويضعنى فى مصاف ممثلى الصف الأول.