انطلاق الملتقى العلمي الثاني ب"تجارة جامعة أسيوط"    ما مصير الحجاج المصريين بعد إغلاق بعض الدول مجالها الجوي؟ متحدث الحكومة يوضح    متحدث الحكومة يؤكد: تخفيف الأحمال سيناريو بعيد رغم التطورات الجارية    غدا.. التخطيط والتعاون الدولي تعقد مؤتمر «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد خامنئي ويتوعد بإحراق طهران    استئناف نشاط منظومات الدفاع الجوي الإيراني في بعض المدن    نجم الأهلي: لن نبخل بنقطة عرق أمام إنتر ميامي    محافظ الغربية يتابع أداء الطلاب في امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية بالقسم العلمي    831 ألف طالب يبدأون امتحانات الثانوية العامة غدا    ب3 ملايين جنيه.. فيلم ريستارت يحتل المركز الثاني في منافسات شباك التذاكر    تأجيل ثاني جلسات محاكمة أنوسة كوتة مدربة الأسود المتسببة في إحداث عاهة لعامل سيرك طنطا إلى 21 يونيو    صحة الدقهلية: جراحات معقدة بالمخ والوجه تنقذ حياة طفلة وشاب بمستشفيات تمي الأمديد وأجا    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    إزالة 654 حالة تعد بالموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراض أملاك الدولة والزراعة ببنى سويف    ليلى عبد المجيد تحصد جائزة "أطوار بهجت" للصحافة كأفضل إعلامية عربية    زكى القاضى: الرد الإيرانى أدى إلى تهجير سكان من تل أبيب لأول مرة منذ عام 1948    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    اليوم العالمي للمتبرعين بالدم | 6 فوائد صحية مدهشة للتبرع    "الرعاية الصحية" تطلق أول ورشة عمل مع "روش" لتعزيز التحول الرقمي    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    الرياضية: الهلال اتفق مع مايكل إدواردز لتولي منصب المدير الرياضي    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    بوسي توجه رسالة ل منة القيعي بعد حفل زفافها.. ماذا قالت؟ (صور)    من أضواء السينما إلى ظلال المرض.. تعرف على حياة زبيدة ثروت وصلتها بمي عز الدين    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب    تصاعد مؤشرات الإنذار في محطة فوردو النووية بعد القصف الإسرائيلي.. هل هناك تلوث نووي؟    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    النظام الغذائي المناسب، لطلاب الثانوية العامة خلال الامتحانات    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    النفط يرتفع 7% بعد تبادل الضربات الجوية بين إسرائيل وإيران    أسعار الدواجن والبيض في السوق المصرية    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    «المعلمين» تُشكّل غرفة عمليات ل«متابعة المدرسين» في امتحانات الثانوية العامة 2025 (تفاصيل)    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت نحو 200 صاروخ باليستى منذ بداية الهجوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحن بحق فى معركة!?    تجهيز 76 لجنة استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة بأسيوط    لحماية الطلاب.. النيابة الإدارية تفعّل قنوات تلقّي الشكاوى خلال الامتحانات الثانوية العامة    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    الأمن العام الأردنى: إصابة 3 أشخاص بسقوط جسم على منزل فى إربد    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 14 يونيو 2025    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«البطرسية».. أحزان وأوجاع
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 12 - 2016

أسبوع حزين مر على مصر والمصريين، شهد أحداثا مروعة وأفعالا خسيسة؛ ولابد هنا أولا من تقديم خالص العزاء فى شهداء الوطن ممن راحوا ضحية لشر أسود وإرهاب خسيس، فى أحداث تفجير الكنيسة البطرسية المتاخمة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
تفجير كنيسة البطرسية خلف آلاما وأحزانا، وأوجاعا غائرة فى قلوب وأرواح المصريين، لكن الأمر لم يعد مجرد حزن عابر أو وجع زائل، و«تمضى الحياة بمسراتها وأحزانها فى نهر الزمن الخالد»، لم يعد الأمر أبدا هكذا.. نحن الآن ندفع ثمنا باهظا لإهمالنا عمدا معالجة مشكلاتنا المزمنة من جذورها، نكتفى بالمهدئات والمسكنات والأساليب الدعائية الفجة التى لا تتبدل ولا تتغير، نفس التصريحات، نفس أشكال الاستدعاءات القديمة السخيفة.. لا جديد تحت الشمس!
ذرة واحدة من الصراحة، ذرة واحدة فقط، تقول إن ما نحن فيه الآن حصاد مُر لعقود طويلة من ضرب التعليم وتعمد إفساده وهيمنة المتطرفين والمتعصبين دينيا على مقدراته (هذا وحده يشكل نصف الأزمة)، ازدراء الثقافة والفكر واحتكار المعرفة الدينية، كل ذلك نتاج أزمة عميقة تعود جذورها لأكثر من ستة عقود تراكمت فيها مشكلات البطالة والتضخم الاقتصادى وعبء الديون الخارجية، الفقر والجهل يتزايدان بمعدلات مخيفة وتدنى مستويات المعيشة وتهاوى القدرة الشرائية، شيوع شعور عام بالإحباط واليأس وضياع الأحلام والآمال، ممارسات سياسية زائفة وفجة وغبية فى ظل غيبة أهل الكفاءة وحضور أهل الثقة! والآن لا يريد البعض أن يصدق بأننا دخلنا دائرة الأحزمة الزلزالية المخيفة، والانهيارات الاجتماعية المدمرة.. ومن يُرِد أن يصدق فليصدق، والذى لا يريد فهو «حُر» تماما وليضع رأسه فى الرمال كالنعام!
أجدنى هنا أعود إلى كلمات نجيب محفوظ، حينما سأله محمد سلماوى فى حواراته معه «وجهة نظر» التى كانت تنشر فى جريدة الأهرام على مدى سنوات قبل وفاة محفوظ، عن العنف والإرهاب وكيفية القضاء على هذا الشر المستطير. بعبارات حاسمة وواضحة ومنتقاة قال نجيب محفوظ:
فيما أعلم، لا أعرف دينا وسيلته العنف والإرهاب، ليس هناك دين يمسك سكينا ويضرب به الناس لكى يحملهم على اعتناقه، والإسلام فى مقدمة هذه الأديان، حيث قال تعالى: «لا إكراه فى الدين»، و«من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». لا ليس هذا بالإسلام.
وحينما سئل عن «العنف الذى مورس فى تاريخ الإسلام فى أى من مراحله التاريخية، قال:
كل شىء بأسبابه، كما أنه فى الماضى كانت هناك أخطاء، لكننا لدينا القدوة الحسنة فى السلف الصالح: الرسول والصحابة، هما أهم من حكام المماليك، والترك مثلا، فهل نريد حكم النبى وحكم عمر، أم حكم الطرق والديلم؟ أم أننا سنقتدى بالخوارج الذين رغم تقواهم الشديدة، فهم أسوأ مثل فى التطرف، فقد كانوا يكفرون وينفذون؟
إن الإسلام الحقيقى هو إسلام الرسول الذى لم يعرف التكفير ولا الإرهاب. الإسلام لم يعرف العنف إلا دفاعا عن النفس، وما غير ذلك فهو انحراف فى الفهم، خطئه نابع ممن يتبعونه، ومسئوليته تقع عليهم وليس على الإسلام.
أما أهم ما جاء فى حوار محمد سلماوى مع نجيب محفوظ فى هذه القضية، فكان عن مواجهة الإرهاب والتصدى له أولا بشكل مباشر، ثم القضاء عليه ومعالجته من جذوره ثانيا، كان محفوظ يرى أن «علاج الإرهاب كجريمة، هو التصدى له دون تفكير؛ لأن من قتل يجب أن تُشهر سلاحك فى وجهه، لا يمكن أن تتسامح مع الجريمة أو تؤجل التعامل معها، ولكن الاكتفاء بذلك خطأ، وهو يمثل نظرة ضيقة للظاهرة التى هى أوسع بكثير من الحيز الأمنى، صحيح أن الشرطة تتصدى للإرهاب على أكمل وجه، لكن الأفكار التى أدت إلى هذا الإرهاب ما زالت فى حاجة إلى من يتصدى لها. وذلك لا يكون بالعنف وإنما بالفكر».
يكتب محفوظ «الروشتة» يقدمها لأهل الرأى والقرار ويضعها تحت تصرفهم (لم ينظرها أحد ولم يقرأها أحد جيدا حتى الآن)، يقول محفوظ: المسئولية تقع أولا على التعليم، وقد تربينا جميعا تربية دينية جيدة بالمدارس، فلم نتطرف ولم نتعصب ولم ننحرف، وكنا نفترق مؤقتا مع إخواننا الأقباط، وقت درس الدين فقط، ثم نعود أصدقاء وأصحابا، ثم هى بعد ذلك مسئولية وسائل الإعلام من الإذاعة والتليفزيون، إن بعض ما تقدمه الإذاعة والتليفزيون يؤدى بالفعل إلى الانحراف؛ لأنه بعيد عن روح الدين، وأقرب إلى الخرافات والخزعبلات، إن أجهزة الإعلام يجب أن تحكى قصة الدين النير، الدين المتسامح، الدين الإنسانى، وتملأ بها قلوب الناس. إذا أردت مقاومة الإرهاب والانحراف، إذا أردت أن تدعو إلى إنسانية شاملة ومحبة شاملة، فانشر الفكر الإسلامى الصحيح فى مكانه الصحيح، ما بين التعليم والإعلام..
رحمنا الله جميعا ولطف بمصر وأهلها وحفظها من كل سوء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.