- سيناريو دعوى فض التنازع يصطدم بمبدأ ل«الدستورية» يؤكد اختصاص مجلس الدولة وحده بمنازعات تنفيذ أحكامه - القضية منظورة حاليًا أمام 3 محاكم.. ومعرضة لإضافة مسارات قانونية جديدة بصدور حكم محكمة القضاء الإدارى أمس بالاستمرار فى تنفيذ حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية ونقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة، يصبح الباب مفتوحا أمام دفاع الحكومة لحمل القضية مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية العليا. وكانت هيئة قضايا الدولة قد أقامت دعويين سابقتين لوقف تنفيذ الحكم بحجة أنه يعرقل تطبيق مبادئ سابقة للمحكمة الدستورية. ووفقا لمصادر قضائية مطلعة، فإن هناك اتجاها لإقامة دعوى تنازع أمام المحكمة الدستورية العليا، بسبب صدور حكمين متناقضين من محكمتى الأمور المستعجلة والقضاء الإدارى بشأن حكم تيران وصنافير، حيث قضت الأولى بوقف تنفيذ الحكم وقضت الثانية بالاستمرار فى تنفيذه. وتندرج هذه الحالة تحت البند «ثالثا» من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية، والذى يجعلها تختص ب«الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها». وقضية تيران وصنافير حاليا منظورة أمام 3 جهات هى المحكمة الإدارية العليا (فى صورة طعن الحكومة على حكم أول درجة المؤجل نظره إلى 5 ديسمبر) والمحكمة الدستورية العليا (فى صورة منازعتى تنفيذ أقامتهما الحكومة لوقف حكم البطلان) ومحكمة مستأنف الأمور المستعجلة (فى صورة طعن على حكم وقف التنفيذ لم ينظر حتى الآن). وفى حالة اللجوء للمحكمة الدستورية لفض تنازع الحكمين فى استشكالات التنفيذ، فإن القضية ستكون قد تشعبت أكثر مما هى عليه، وستفتح بذلك ساحة جديدة للتقاضى من شأنها تعقيد المسارات القانونية واستغراقها وقتا أطول مما كان متوقعا لها. لكن هذا السيناريو يصطدم بحقيقة أن المحكمة الدستورية حسمت بشكل واضح الجهة المختصة بنظر استشكالات الأحكام الصادرة من مجلس الدولة عام 1998. حيث أصدرت «الدستورية» فى ذلك العام حكما يؤكد اختصاص محاكم مجلس الدولة وحدها بنظر استشكالات تنفيذ أو وقف تنفيذ الأحكام الصادرة من تلك المحاكم، وعدم اختصاص محاكم القضاء العادى بذلك. وتعود قصة هذا الحكم إلى أن موظفا صدر ضده حكم تأديبى من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بمجلس الدولة، فأقام عددا من الاستشكالات لوقف تنفيذ الحكم أمام القضاء العادى، واستشكالا آخر لوقف تنفيذ الحكم أمام القضاء التأديبى، فاعتبر أن هناك «تنازعا بين جهتى القضاء العادى ومجلس الدولة حول نظر مسألة تنفيذ الحكم» فلجأ إلى المحكمة الدستورية لفض هذا التنازع. قالت المحكمة الدستورية إن «المادة 172 من دستور 1971 عهدت إلى مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة الفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، مما يدل على أن ولايته فى شأنها ولاية عامة، وأنه أضحى قاضى القانون العام بالنسبة إليها». وأضافت المحكمة أن «المادة 10 من قانون مجلس الدولة رددت هذه القاعدة، مفصِّلة بعض أنواع المنازعات الإدارية، واتساقا مع ذلك نص قانون السلطة القضائية فى الفقرة الأولى من المادة 15 منه على اختصاص محاكم القضاء العادى بالفصل فى جميع المنازعات عدا المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة». وشددت المحكمة على أن الاستشكالات باعتبارها «منازعة فى تنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإدارى» تستهدف إما المضى قدما فى تنفيذه أو إيقافه، وبالتالى فهى تنتمى إلى ذات جنس المنازعة التى صدر فيها الحكم، وتظل ذات طبيعة إدارية، مما يجعل مجلس الدولة هو المختص بنظرها. وأكدت المحكمة الدستورية أن «المادة 275 من قانون المرافعات التى تنص على اختصاص قاضى التنفيذ (الأمور المستعجلة) بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، تسرى فقط على منازعات التنفيذ الخاصة بدعاوى جهة القضاء العادى». ويلاحظ أن المحكمة الدستورية حسمت هذه المنازعة استنادا إلى المادة الخاصة بمجلس الدولة فى دستور 1971، علما بأن المادة المقابلة لها فى الدستور الحالى تحمل مزيدا من الضمانات لعدم الاستشكال على أحكام مجلس الدولة أمام القضاء العادى. فالمادة 190 الحالية تنص صراحة على أن «يختص مجلس الدولة دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه...» أى أن الدستور ذكر صراحة اختصاص المجلس بنظر الاستشكالات على أحكامه، دون غيره من الجهات القضائية.