أدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام بمسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم الأحد، صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة. وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن. وتقدم المصلين الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، حيث ألقى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، خطبة عرفة، قبل الصلاة، استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر. وأشار إلى أن رسول الهدى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، أعلن في خطبة الوداع حقوق الإنسان وحدد معالم الحريات وأسس منطلقات الكرامة الإنسانية لبني البشر، حيث قال عليه الصلاة والسلام "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا". وأوضح أن الإسلام حفظ للإنسان ضرورياته الخمس التي لا تقوم الحياة إلا بها فحرم الاعتداء على دينه ونفسه وماله وعرضه وعقله، وذلك ليعيش آمنا مطمئنا يعمل لدنياه وآخرته ويعيش المجتمع كله في تماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، ليصلح بذلك حال الناس وتستقيم أمورهم. ووجه السديس نداء إلى قادة الأمة الإسلامية وشعوبها، قائلًا: "إن أمتنا المسلمة اليوم تمر بظروف صعبة من تاريخها تلتزم منا شعوبا وقادة في دول العالم الإسلامي تضامنا في قلوبنا ومشاعرنا وتنسيقا في مواقفنا وتصوراتنا وتكاملا في جهودنا لمواجهة مشكلاتنا وقضايانا، وعلى رأسها قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك ومأساة إخواننا في بلاد الشام والعراق واليمن وغيرها، وإننا أحوج ما نكون للحوار طريقا لمناقشة قضايانا والتناصح بالخير سبيلا لتعزيز أخوتنا، وإن علينا أن ندرك أن إصلاح مجتمعاتنا وحفظ أمن أمتنا ووحدتها وصيانة مقدراتها منوط بتعاون الشعوب مع قادتهم والرعايا مع رعاتهم". وخاطب السديس شباب الأمة، قائلًا: "إن من عظيم ما أبتلي به العالم في عصرنا هذا صورا من الإفساد في الأرض متمثلة في آفة الإرهاب الذي عم شره أمما شتى وأعراقا مختلفة ومذاهب متعددة لا يمكن أن ينسب إلى أمه أو دين أو ثقافة أو وطن أو تلصق تهمة الإرهاب بالإسلام، ومن ذلك ما ابتليت به أمة الإسلام من بعض أبنائها وشبابها الذين أغوتهم الشياطين وتنكروا الصراط المستقيم فصرفتهم عن منهج الإسلام المعتدل فسارعوا إلى التكفير الذي هو وبيل العاقبة، ومما تتصدع القلوب المؤمنة وتفزع منه النفوس المسلمة، لقد كفروا المسلمين واستباحوا دمائهم المعصومة وخفروا الذمم المحرمة وسعوا في الأرض بالفساد تدميرا وتفجيرا وقتلا للأبرياء وترويع للأمنيين من المسلمين وغير المسلمين وصموا أذانهم عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع علماء الأمة التي تحرم هذه الأعمال الخبيثة والأعمال المنكرة".