بوادر النمو فى مصر والعالم قد لا تعنى الكثير بالنسبة لوظائفنا. فقد اعتبرت ورقة بحثية صادرة عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بعنوان «التشغيل فى مصر بين آثار الأزمة العالمية والاختلالات الهيكلية فى سوق العمل» أن وظائف المصريين كانت الأكثر تأثرا بشكل سلبى من تبعات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصرى. وحذرت الورقة من استمرار أزمة التشغيل حتى بعد تحسن النمو الاقتصادى بسبب الاختلالات الهيكلية فى سوق العمل المصرية التى تتضمن الفجوة بين عرض وطلب الوظائف وبين قطاعات التشغيل السلعية والخدمية لصالح الأخيرة وبين الأجور والإنتاجية وأيضا بين تشغيل الفقراء وغير الفقراء بالذات فى القطاع غير الرسمى. كان معدل النمو فى مصر قد سجل ٪4.7 فى عام 2008/2009 مقارنة بما يتجاوز ٪7 فى العام السابق لكنه جاء أعلى من المتوقع فى ظل الأزمة العالمية. وتتوقع الحكومة أن يشهد العام المقبل نموا يزيد على ٪5. ووفقا للورقة، فقدت سوق العمل المصرية 347 ألف فرصة عمل على الأقل خلال الأشهر الستة التى أعقبت الأزمة العالمية مباشرة (أكتوبر 2008 مارس 2009) مع تراجع معدل النمو الاقتصادى من ٪7.2 إلى ٪4.2. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية قد اعتمدت برنامجا لتحفيز الاقتصاد بقيمة 15 مليار جنيه، فإن الورقة البحثية، التى كتبتها د. نجلاء الأهوانى كبيرة الاقتصاديين بالمركز، تشير إلى أن هذه الخطوة «جيدة وإن كانت غير كافية»، فهى تعيب عليها التأخر فى تنفيذ البرنامج لستة أشهر تقريبا بعد بداية الأزمة فى سبتمبر الماضى. «كما أن تخصيص ثلثى الاعتمادات الموجهة للاستثمار لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحى، وهى مشروعات غير كثيفة العمالة، مقابل ٪9.5 لمشروعات الطرق والكبارى، كثيفة التشغيل، يعد عيبا فى البرنامج الذى يفترض أنه موجها لتنشيط الاقتصاد»، على حد تعبير الورقة. وتقترح الورقة عددا من الإجراءات اللازمة لعلاج مشكلة التشغيل فى الاقتصاد المصرى، التى تعتبرها «ذات طبيعة هيكلية موروثة» مشيرة إلى أن اختزالها فى التأثر بالأزمة العالمية يعنى «إعفاء المسئولين عن السياسات الاقتصادية على مدى عقود طويلة من مسئولية التأخر فى فى مواجهة تحديات التشغيل بالشكل الصحيح». وتطالب الأهوانى على المدى القصير بعدم توقف برنامج التحفيز المالى بنهاية العام المالى الحالى، بل بامتداده حتى عام 2013، «لأن استجابة سوق العمل للتعافى الاقتصادى، المتوقع أن يبدأ فى 2010، تتأخر لثلاث سنوات، على أن يتراوح متوسط قيمته «بين 25 و35 مليار جنيه سنويا بحسب حالة سوق العمل». أما على المدى الطويل، «فينبغى رفع مستوى الاستثمار بحيث لا يقل عن ٪28 من الناتج المحلى الإجمالى، وإعادة النظر فى المجالات التى توجه إليها الاستثمارات، لتركز بشكل أكبر على القطاعات الأكثر تشغيلا للعمالة، وعلى رأسها الصناعة التحويلية والزراعة، اللتان تعتبران الأكثر تشغيلا للعمالة»، بحسب الورقة. من ناحية أخرى، حث المدير العام لصندوق النقد الدولى دومينيك ستروس كان الحكومات على «وضع» استراتيجيات واضحة للخروج من الأزمة لعدم تقويض فرص الانتعاش الذى بدأت ملامحه ترتسم فى الأفق، معتبرا أن إصلاح عملية ضبط النظام المالى الدولى لا يتقدم بالسرعة الكافية. وقال رئيس صندوق النقد الدولى فى خطاب ألقاه أمس الجمعة فى برلين بعنوان «ما بعد الأزمة: نمو ثابت واستقرار النظام النقدى الدولى» أن «الاقتصاد العالمى بدأ على ما يبدو النهوض أخيرا من أسوأ ركود شهدناه». إلا أن ستروس اعتبر أن الانتعاش سيكون «بطيئا نسبيا» بل إنه تحدث عن خطر «انتعاش بلا وظيفة». كان رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد حذروا قبيل اجتماع لصُناع السياسات فى مجموعة العشرين بدأ أعماله أمس فى لندن من أن الأزمة الاقتصادية العالمية لم تنته، وأن البطالة سترتفع فى الأشهر المقبلة. من ناحية أخرى، قال ريتشارد فيشر رئيس مجلس الاحتياطى الاتحادى فى دالاس إنه من المرجح أن يبقى معدل البطالة فى الولاياتالمتحدة مرتفعا بشكل مثير للقلق لبعض الوقت. وفى إجابته عن أسئلة بعد أن ألقى كلمة فى سانتا باربرة بولاية كاليفورنيا مساء أمس الأول، قال فيشر إنه «يدعو الله» ألا يصل معدل البطالة إلى مستوى ٪10 أو يتجاوزه.