وزير قطاع الأعمال يؤكد لرؤساء الشركات القابضة أهمية تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتوطين التكنولوجيا    «هند رجب»: دولة أجنبية تبدأ تحقيقًا جنائيًا ضد جندي إسرائيلي بسبب الحرب على غزة (تفاصيل)    قبل لقاء صن داونز.. هيثم فاروق: بيراميدز يلعب لاستعادة هيبة الكرة المصرية    رسميًا.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية آخر العام 2025 في الإسكندرية    رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود «سكن لكل المصريين» بمدينة أكتوبر الجديدة    وزير البترول ومحافظ الوادي الجديد يفتتحان محطة تخفيض ضغط الغاز الطبيعي الدائمة    ننشر النص الكامل لتعديل قانون مجلس الشيوخ    الاثنين.. وزير خارجية تركيا يزور روسيا لمناقشة حرب أوكرانيا والأوضاع في سوريا    لازاريني: مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح    الفريق أحمد خليفة يعود لأرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لفرنسا    «شوف مدينتك».. جدول مواعيد الصلاة في المحافظات غداً الأحد 25 مايو 2025    وصلة مدح من هيثم فاروق ل محمد صلاح بعد فوزه بجائزة الأفضل في الدوري الإنجليزي    تواجد وائل جمعة.. توقيت وتفاصيل حفل قرعة كأس العرب 2025 بمشاركة مصر    بالأسماء.. المقبولون في مسابقة 30 ألف معلم بالبحر الأحمر    تحديثات حالة الطقس اليوم السبت وأهم التوقعات    حبس عاطل متهم باستدراج طفل والتعدي عليه بالحوامدية    سفر الفوج الأول لحجاج بيت الله الحرام من البحيرة    سقوط عصابة سرقة المواقع الإنشائية بالقاهرة والنيابة تحقق    إيرادات مرتفعة دائما.. تعرف على أرقام أفلام كريم عبدالعزيز في شباك التذاكر؟    الخميس.. قصور الثقافة تطلق قافلة ثقافية إلى قرية منية شبين بالقليوبية    المتحف القومي للحضارة المصرية يستقبل وفداً من الحزب الشيوعي الصيني    مدبولي: تدشين تطبيق "اسعفني" لتمكين المواطنين من طلب الخدمة غير الطارئة ب 13 محافظة    رئيس الوزراء يتفقد المركز القومي للتدريب بمقر هيئة الإسعاف المصرية.. صور    إقبال كثيف على صناديق الاقتراع في الجنوب اللبناني    مقال رأي لوزير الخارجية عن انعكاسات خفض التصعيد على أمن الملاحة في البحر الأحمر    رئيس وزراء كوت ديفوار يستقبل وفدًا من اتحاد الصناعات المصرية لبحث التعاون    ب3 من نجوم ماسبيرو.. القناة الأولى تستعد لبث "العالم غدا"    بطريقة خاصة.. رحمة أحمد تحتفل بعيد ميلاد نجلها «صاصا»    فضائل العشر من ذي الحجة.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    لتطوير البنية التحتية..الانتهاء من رصف عدة طرق بالواحات البحرية بتكلفة 11.5 مليون جنيه    دراسة: النوم بين الساعة 10 و11 مساءً يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب    بعد توليها منصبها في الأمم المتحدة.. ياسمين فؤاد توجه الشكر للرئيس السيسي    مطالبًا بتعديل النظام الانتخابي.. رئيس«اقتصادية الشيوخ»: «لا توجد دول تجمع بين القائمة والفردي إلا ساحل العاج وموريتانيا»    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. أحمد الإبياري يكشف عن بوستر نادر ل مسرحية «الست عايزة كده»    كواليس إحالة المتهمة بسب وقذف الفنانة هند عاكف للمحاكمة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    "الشيوخ" يبدأ مناقشة تعديل قانونه.. ووكيل "التشريعية" يستعرض التفاصيل    احتفاء بتاريخ عريق.. رئيس الوزراء في جولة بين عربات الإسعاف القديمة    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    التحقيق مع 3 عناصر جنائية حاولوا غسل 60 مليون جنيه حصيلة اتجار بالمخدرات    3 تحديات تنتظر بيراميدز أمام صن داونز في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 24 مايو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبى    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    عمرو أديب: ليه العالم بيعمل 100 حساب لإسرائيل وإحنا مالناش سعر؟    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن العرب المغيبين عن بلادهم ومستقبلهم
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 08 - 2016


- لكل من أرضنا نصيب والحكم للطوائف!
بات الحديث عن اندثار «العرب» هو السائد، وكأنما الهوية الجامعة بين أشتاتهم الموزعة على عشرين دولة (قابلة للزيادة..) كانت مجرد أسطورة أو اختراع غربى (بريطانى على الأرجح) تمهيدا لإخراجهم كمسلمين، بغالبيتهم، من السلطنة العثمانية وشعارها الإسلامى الجامع.
وفى حين تمسكت مصر بإعلان الهوية العربية فى اسم دولتها «جمهورية مصر العربية»، رسميا على الأقل، فإن دولة مثل اليمن قد أُسقطت كلمة «العربية» عن اسمها الرسمى، وكذلك العراق، وليبيا، أما سوريا ففى حين يتمسك النظام بهذه الهوية (الجمهورية العربية السورية) فإن المعارضة المقاتلة ضده بالسلاح قد أسقطت «العروبة» عمدا عن هوية مشروعها للسلطة. بالمقابل فإن دولة مثل «الإمارات العربية المتحدة» لم يكن أمامها خيار، إذ من دون العروبة كان يمكن لكل مشيخة أن تتخذ لها هوية شيخها والسلام.
هذا فى الشكل، أما فى المضمون فإن جامعة الدول العربية قد انتهت كمؤسسة جامعة لهذه الدول المسلمة – مبدئيا – بهويتها العربية، ولم يتبق منها إلا الاسم.
لا جامع سياسيا بين العرب، أو دولهم، فى هذه اللحظة أو ربما فى المستقبل القريب.. فلا «رأس»، لا قائد ولا قيادة، لا جبهة أو مرجعية ولا قيادة مشتركة تجمعهم على أهداف نضالهم الواحد بأهدافه حكما، من أجل مستقبلهم الأفضل.
أما فى «الشارع» فقد التهم الصراع على السلطة، فى العقود الأربعة الماضية، من كانوا، ذات يوم، فى صفوف النضال من أجل «أمة عربية واحدة» ذات رسالة خالدة «كحزب البعث»، أو فى صفوف «القوميين العرب»، أو حتى فى انشقاقات التنظيم الذى كان لكل منهما، «قيادة قومية» و«قيادات قطرية» لكل فرع.
***
ولقد تسبب سقوط السياسة فى الوطن العربى، عموما، واندثار الأحزاب التى شكلت، فى زمن سابق، عماد الحياة السياسية بصراعاتها على السلطة تحت الشعار القومى فى العودة – بالرغبة – أو بدوافع خارجية – إلى الدين... والدين مذاهب، وهكذا اختفت العروبة ليحل محلها «الإسلام» الذى بات الآن «إسلامين»: فهناك الأكثرية السنية، وإلى جانبها: الأقلية الشيعية «الوازنة». وعلى الهامش أكثر من «إسلام» فيه المبتدع للفتنة أو لأغراض سياسية محددة.
ومع تفجر إيران بالثورة الإسلامية وإسقاط الشاه فى العام 1979، كان منطقيا أن تبحث «الجمهورية» الجديدة عن مدى حيوى جغرافى وسياسى.. فكان أن التفتت إلى الشيعة فى جوارها العربى، الذين كانوا يعانون – فى العراق خاصة – ظلامة واضحة بين مظاهرها إبعادهم عن مواقع القرار فى السلطة.. وكذلك فى البحرين، ثم تمدد اهتمامها إلى شيعة الكويت، فإلى شيعة لبنان حيث وجدت معهم «القضية» التى تغطى المذهبية بشعار التحرير: تحرير ما يحتله العدو الإسرائيلى من أرض لبنان، وهى تقع فى الجنوب ذى الغالبية الشيعية بين أهله.
أما فى السياسة فقط وجد الرئيس السورى حافظ الأسد، الذى كان على خلاف حاد مع صدام حسين، من جهة، ومع أنور السادات من جهة أخرى، حليفا قويا فى إيران الخمينى.. وكان لا بد من أن ينسب «المدققون» هذا «التحالف» إلى التقارب – نظريا – بين شيعة إيران الخمينى و«علوية» حافظ الأسد، على ما بين الشيعة والعلويين من خلافات عقائدية حادة.
هكذا قام مشروع منظومة سياسية طائفية، كان يمكن «للسنية السياسية» أن تجد فيها خصما قويا. ولعل حرب صدام حسين على إيران الخمينى قد عززت هذا «التصنيف»، وقسمت عرب المشرق على أساس مذهبى، فاعتبر شيعة لبنان مع شيعة العراق، مع شيعة البحرين والكويت، مع علويى سوريا وكأنهم فى معسكر واحد.. مع أن هذا غير صحيح بالمطلق، وإن كان يمكن استغلاله فى الصراع.
بالتأكيد فإن غياب مصر، التى لم تعرف مثل هذا الصراع المذهبى، ولم تشجعه فى أى يوم، بل كانت وما زالت تمثل الاعتدال فى الدين وتجمع بين«طقوس» المختلفين.. هذا الغياب، قد أفسح فى المجال أمام تغييب المضمون السياسى، فتبدى المشرق وكأنه على وشك أن يستعيد فصولا من «الفتنة الكبرى»..
صار العرب عربين، أقله فى المشرق.. ولأن مصر غائبة، وكذلك الدول الوازنة فى المغرب العربى (الجزائر والمغرب ومعهما تونس)، فقد تفاقم الصراع مذهبيا، وتم تغييب الجوامع الوطنية والقومية.
كان ذلك بديهيا – خصوصا وأن السعودية ذات التطبيق المتشدد لأكثر المذاهب السنية تزمتا، قد تقدمت لتتصدر «أهل السنة» من موقع الخصومة التى تكاد أن تكون عداء للمذاهب السنية الأخرى، فكيف بالشيعة التى يسهل اتهامها بالتبعية لإيران.
صار بديهيا، أيضا، الحديث عن محور شيعى يمتد من إيران إلى العراق فلبنان، حيث للشيعة وجود وازن، عبر سوريا التى يسهل دمغ نظامها بأنه «علوى» وبالتالى فهو أقرب إلى الشيعة... ثم إنه قد حالف إيران الشيعية فى حربها على العراق السنى بمجمله، برغم أن الشيعة فيه أكثر عددا من السنة.
ومؤكد أن غياب مصر عن المسرح والفعل السياسى عربيا قد وسع مساحة الاختلاف الفقهى ظاهرا السياسى فعلا..
كذلك فإن انتصار المقاومة فى لبنان ممثلة ب«حزب الله» الذى لا ينكر علاقته العضوية بإيران (تسليحا وتدريبا وتمويلا) قد أضاف إلى رصيد إيران (ومعها سوريا).. فى حين أن الموقف «المحايد» بل «البارد» الذى اتخذه المحور الخليجى بالقيادة السعودية، من المواجهة الشرسة لمقاتلى هذا الحزب مع العدو الإسرائيلى، قد ضرب – مرة أخرى – وحدة الموقف العربى، حتى من هذا العدو.
***
فلما تم تفجر الحرب فى سوريا وعليها انقسم العرب، المنقسمون أصلا، إلى معسكرين: أولهما، وهو السعودى – الخليجى ومعه تركيا التى كانت تعيش شهر عسل مع النظام السورى.. وكان بديهيا أن يرى كثيرون فى هذا الانقسام شبهة الانغماس فى الحرب المذهبية، قفزا من فوق الهوية العربية لسوريا بالتركيز على طائفة رئيسها.
ومرة أخرى، تتبدى هنا خطورة انكفاء مصر عن لعب دورها الجامع، من موقعها كأكبر دولة عربية، وصاحبة التاريخ الذى لا يستطيع أحد إنكاره، سواء فى مواجهة إسرائيل (قبل اتفاق كامب ديفيد)، أم فى ترفع شعبها عن الانغماس فى لعبة الانتحار المذهبية.
فأما العراق فإن الاحتلال الأمريكى لأرضه وإسقاط نظامه وتسليم طاغيته صدام حسين إلى الشيعة فى فوضاهم المريعة معززة بالعصبية الطائفية، كل ذلك قد أسس لفتنة مفتوحة فى أرض الرافدين، سرعان ما أفاد من مناخها التقسيمى كل صاحب مصلحة فى شطب دور العراق شديد التأثير فى المواجهة المفترض أنها مفتوحة مع العدو الإسرائيلى، ونقل الصراع إلى أرضه بعنوان مذهبى.
بالمقابل فإن الصراع على النفوذ فى المنطقة قد بلغ اليمن. وهناك أيضا تقدمت إيران لدعم الزيود (وهم يحتسبون مع الشيعة أو ضمنهم) مقابل الشوافع وهم من أهل السنة الذين سارعت السعودية إلى تبنيهم بحجة الحرص على حصتهم فى السلطة..
المشرق، إذن، من أدناه إلى أقصاه، غارق فى مشاريع فتن، لم يحد من مخاطرها حتى اقتحام «داعش»، المسرح، مقاتلا ضد الجميع.
ولقد أتاح هذا الوضع الفرصة لكل قادر على أن يجرب حظه فيقتطع من الأرض العربية ما أمكنه، بالنفوذ إن لم يكن بوضع اليد.. وهذه هى حال تركيا التى تقدمت لتأخذ حصتها من الكعكة بوصفها، فى غياب مصر «القيادة السنية» المؤهلة.
وفى كل هذه الجبهات تتقدم موسكو لتحجز مساحة لها، مشاركة واشنطن للمرة الأولى نفوذها، وها أن العاصمتين تتشاوران على مدى الساعة للوصول إلى صيغة تقاسم، على حساب أوروبا، وفى غياب أهل الأرض الغائبين أو المغيبين!
أما العرب فيخرجون سريعا من التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.