د.حازم القويضى محافظ حلوان، اعتاد الحديث بصراحة لا تنقصها السخرية أحيانا، ومن التصريحات التى نسبتها له وسائل الإعلام، قوله إنه «من المستحيل إصلاح ما تم إفساده على مدار 50 سنة فى أشهر». كان القويضى يضرب المثال على تلك الفوضى بأنه لا يوجد فى حلوان محل واحد يمتلك رخصة، على الرغم من وجود سجل تجارى وموافقات ومرافق، واصفا ذلك بأنه إهدار للمال العام. ويقدر حازم القويضى أن الصناعة تمثل 40% من الأنشطة الاقتصادية فى بالمحافظة، من خلال 93 مصنعا منها 10 منشآت كبرى تنتج ملوثات بيئية ونفايات كالأسمنت والحديد وفحم الكوك والنشا والخمائر، كما تضم حلوان أيضا نحو 250 مصنعا للطوب. قرار النقل الذى صدر قبل عدة أسابيع تضمن فى البداية نقل مصانع الأسمنت نظرا لأنها من أكثر الأنشطة الملوثة للبيئة مقارنة بغيرها، إلا أنه ضم مصانع الحديد أيضا، وهناك منتجات أخرى مرشحة للدخول فى القائمة مثل مصنع النشا والجلوكوز. ويوجد فى حلوان 3 مصانع للأسمنت، اثنان تابعان للقطاع الخاص وهما حلوان وطرة، والثالث تمتلكه الدولة وهو القومية. ونقل أى من المصانع الثلاثة يبدو عملية اقتصادية عملاقة، بتكاليف مهولة. فى انتظار الخطة غادة رفقى المحللة المالية فى شركة التجارى الدولى للسمسرة فى الأوراق المالية، تقدر تكلفة إنشاء خط لإنتاج الأسمنت بطاقة سنوية تصل إلى مليون ونصف المليون، بما قد يصل إلى مليار و 800 مليون جنيه، «وذلك بدون سعر الرخصة أو تكلفة الغاز والكهرباء». فكم سيتكلف النقل؟ تقول غادة إن حساب التكلفة الحقيقية لعملية النقل فى الوقت الراهن يبدو مستحيلا، لأن الخطة لم تتحدد ملامحها بعد. «نقل الأجهزة والمعدات سيخفض التكلفة مقارنة بعمل مصنع جديد، لكن هذا المصنع الجديد لا يعرف المكان الذى سينتقل إليه. وهذا من العناصر المهمة فى تحديد التكلفة الإجمالية لأن وجود محطات للغاز والكهرباء اللازمة لتوفير الطاقة، التى تكبد مصنع الأسمنت 40% من نفقاته، سيزيح عبء إقامة محطات خاصة بها عن كاهلها. تتوقف غادة رفقى مرة أخرى أمام مسألة الرخصة التى سيعمل بها المصنع بعد نقله، «فهل سيكون مضطرا لشراء رخصة جديدة، أم أنه سيعمل برخصته السابقة التى لم يسبق له شراؤها، لأن هذه المصانع بدأت العمل قبل تطبيق نظام الرخصة» كما تقول رفقى، مشيرة إلى أن سعر رخصة لمصنع أسمنت وصل لبعض من حصلوا عليها فى المزادات الخاصة بها إلى 250 مليون جنيه. لا يمكن إذن تحديد تكلفة النقل فى حد ذاته، حتى المصانع نفسها لم تحسب هذه التكلفة، خاصة أن وقت تنفيذ النقل غير معروف. الدولة صاحبة القرار «دا قرار دولة وأنا لم أستقبل أى إخطار رسمى بهذا المعنى». المصدر المسئول بشركة القومية للأسمنت يفضل عدم ذكر اسمه، ويضيف «يوم ما يقولوا انقلوا سأكون أول من ينقل، دى شركة تابعة للدولة، ومهما كانت التكلفة مرتفعة ستكون كفيلة بتمويلها». شركة القومية كانت تعتزم إضافة عدة خطوط إنتاج جديدة، لكنها أوقفت العمل بها لحين وضوح الصورة تبعا للمصدر الذى أكد أن عملية النقل ستصب فى صالح العمال الذين يقطن معظمهم فى جنوب حلوان بالقرب من محافظة بنى سويف، «وإذا كانت المحافظة مرشحة لنقل مصانعنا بها ستكون أفضل للعمال» تبعا للمصدر. ولا تختلف تكلفة إنشاء مصنع جديد للحديد كثيرا عن الأسمنت، فإنتاج نحو 90 ألف طن سنويا، لن يقل تكلفتها عن 1.2 مليار جنيه، لذلك لن تختلف معاناتها عن مصانع الأسمنت من ناحية التمويل. مصانع الحديد حالة أخرى، تحتاج فى عملية النقل إلى دعم الدولة، حتى لو كانت التكلفة أكبر، كما يرى أحمد النجار المحلل المالى فى شركة بريميير للأوراق المالية، مشيرا إلى أن مصانع الحديد قلما تشهد إقبالا من المستثمرين بسبب ضخامة الاستثمارات المطلوبة. بيع الأراضى أولا ومع أن الشركات لم تدرس بعد خطة النقل، إلا أن عددا منها أعلن موافقته المبدئية على ذلك، ومن بينها شركة السويس للأسمنت التى يتبعها مصنع طرة، وقال أحمد الخياط العضو المنتدب لشركة القاهرة للدواجن المملوكة لمجموعة الخرافى الكويتية والتى تمتلك نحو 30% من شركة النشا والجلوكوز، إنه لم يتخذ قرارا بعد بنقل مصنع النشا، لكن الشركة تخطط للنقل منذ ما قبل هذا القرار لتستفيد من الأرض التى يقع عليها المصنع، «وسعر الأرض سيغطى تكلفة النقل أو إقامة مصنع جديد ويفيض» طبقا للخياط. ويقع مصنع النشا على مساحة 30 ألف متر مربع فى منطقة طرة على كورنيش النيل، وأضاف الخياط أن النشا تمتلك مصنعا فى منطقة مسطرد وتخطط لزيادة إنتاجه بمقدار 3 أضعاف حتى تحافظ على طاقتها الإنتاجية من خطى طرة ومسطرد عند عملية النقل، خاصة أن إقامة خط إنتاج جديد قد يستغرق عامين. «ليس شرطا أن تستفيد كل المصانع من الأرض بعد النقل» كما قالت غادة رفقى، فهناك احتمالات أن تكون الأرض غير مملوكة لعدد من الشركات بعقود إيجار طويلة الأجل، مما يعنى أن النقل سيضطرها إلى التخلى عن هذه الأرض.