عادت الكرة وكان لابد أن تعود.. استضاف الأهلي في القاهرة نادي سوبر سبورت من جنوب إفريقيا التي سافر إليها المنتخب القومي أمس استعداداً للمباراة الفاصلة والحاسمة في تصفيات كأس الأمم أمام الأولاد يوم السبت المقبل.. واستضاف الإسماعيلي نادي سوفاباكا من كينيا وسافر الزمالك إلى تونس لملاقاة الإفريقي.. فاز الأهلي والإسماعيلي وخسر الزمالك وبقي أن يفوز المنتخب على جنوب إفريقيا حتى لا يخرج من تصفيات كأس الأمم التي يحمل الفراعنة لقبها آخر ثلاث بطولات.. وبعيداً عن التحليل الفني لما جرى أو سيجري الذي قام به أساتذة وزملاء بمنتهى الفهم والوعي والاحترام.. يبقى السؤال الأهم هو: ماذا تعني عودة الكرة وبأي شكل ومنهج ستعود.. البعض يتصور الكرة اضطرت للغياب مؤقتا في إجازة إجبارية طالت بعض الشيء ولكنها انتهت الآن وعادت الكرة نفسها بصخبها وضجيجها ومبارياتها وستنجح يوما بعد آخر في استعادة مكانتها القديمة لتصبح هي حديث الناس وغرامهم وأهم شواغلهم.. وآخرون يتوقعون الكرة أبدا لن تعود كما كانت لأن مصر نفسها تبدلت كل حساباتها وأفكارها.. وأن مصر التي كانت قبل يناير لا تملك أي قضية حقيقية أو حلم جماعي يعيش المصريون ينتظرونه ليست هي مصر اليوم التي باتت تجد في حياتها ومشوارها ما هو أهم وأعمق وأكثر ضرورة وإلحاحا من كرة القدم.. وأنا أحترم الفريقين.. الفريق الذي يرى الكرة ستعود كما كانت.. والفريق الآخر الذي ليس مقتنعا بذلك.. أتفق معهما في بعض الحسابات وأختلف وأعارض البعض الآخر.. فالمصريون بالفعل يحبون الكرة.. ولم يكن غرامهم بها طيلة السنين الأخيرة مجرد سياسة تعمدها النظام الذي سقط لإلهاء الناس عن همومهم والمطالبة بحقوقهم الضائعة.. أبداً لم يكن ذلك صحيحا.. ولكنني أوافق الفريق الثاني في أن الكرة لن تعود ولن تبقى بنفس الحسابات والرؤى القديمة.. لا أتوقع أن تبقى أندية الوزارات والشركات طويلا.. ولا أن يبقى الفساد قائما أو مخفيا سواء في اتحاد الكرة أو الأندية.. وستعود ميزانية الكرة أكثر واقعية.. وسيختفي رجال الأعمال ويتوقف معظمهم عن مهامهم المقدسة لإفساد الكرة وأنديتها ولاعبيها وإعلامها.. ولن تقوم الحكومة بعد اليوم ووزراؤها ومحافظوها بشراء اللاعبين الأفارقة على حساب احتياجات الناس الأساسية.. والأهم من ذلك أن الكرة لن تبقى مساوية في القيمة لرغيف الخبز أو بديلا عن الأحلام الحياتية كالوظيفة والمسكن والأمان.. فالناس ستبقى تحب الكرة لكنها باتت واثقة أن الحياة ممكن أن تستمر دون الكرة أو أنها لعبة لا تستدعي التضحية بكل شيء من أجلها.. وسيتم حسم ملف البث التليفزيوني وشارة البث وتصبح مصر مثل أي دولة في العالم تبيع حقوق مسابقتها لقناة واحدة فقط وليس للجميع.. ولن يجرؤ اتحاد الكرة بعد اليوم على التلاعب والتحايل من أجل ناد أو لاعب.. لن تنجح محاولات بعض مسئولي هذا الاتحاد في الاتفاق السري مع ستة أندية في الدوري الممتاز الآن لإلغاء الهبوط هذا الموسم وتقاضي ثمن ذلك من الأغنياء الذين يديرون تلك الأندية.. فقد انتهى عصر المصالح والمكاسب الشخصية والصفقات السرية.. أيضا لن تبقى وجوه كثيرة وأفكار كثيرة أيضا. ونصيحتى التي أقدمها اليوم لحسن صقر هي التوقف عن مثل هذا العبث ممثلا في أسبوع الإخاء الرياضي المصري السعودي الذي سافر بسببه كثيرون للفسحة والتسوق.. أما الدكتور خربوش فنصيحتي له هي التراجع عن تنظيم دورات للشباب لتثقيفهم سياسياً.. فالشباب الذين قاموا بالثورة هم آخر من يحتاجون لهذا العبث وإن احتاجوه فليس بالقطع من هؤلاء.