محمد الشويمي يحلل موقعة فالنسيا وبرشلونة في المستايا لحساب الليجا حقق فريق برشلونة فوزاً هاماً وثميناً جداً على حساب فالنسيا في عقر داره، المستايا، بنتيجة هدف مقابل لا شئ، ليُبقي على فارق النقطتين مع المتصدر ريال مدريد. مباراة أوفت بكل وعودها من جانب الفريقين وجاءت حماسية، سريعة ومثيرة حتى الثواني الأخيرة والتي شهدت هدف بوسكتس القاتل على طريقة "غدارة غدارة" من خطأ دفاعي فادح للخفافيش على مستوى التمركز !. دعونا نحلل المباراة على شكل نقاط على النحو التالي: 1- أجاد لويس إنريكي المدرب الإسباني لبرشلونة على مستوى الخروج عن المألوف والتفكير خارج الصندوق، والتحرر من عبودية الارتكاز الأوحد، عن طريق الدفع بالثنائي بوسكتس وماسكيرانو معاً في الارتكاز الدفاعي في وسط ملعب البرسا، وهو ما كان مطلوباً وبشدة لتعزيز قوة وسط الميدان الدفاعية أمام قوة وسط ميدان فالنسيا وسرعة وحيوية لاعبيه. ثنائي الارتكاز كان مطلوباً أيضاً لمنح مزيد من الأريحية للظهيرين ألفيش وألبا للتقدم إلى الأمام وصناعة اللعب عبر الأطراف في ظل غلق عناصر فالنسيا للعمق بشكل كامل عن طريق الكثافة العددية. صحيح أن هذا الأمر أثر كثيراً على مردود وسط ملعب برشلونة الهجومي نتيجة تواجد تشافي بمفرده للقيام بهذه المهمة وهو لم يتعود على مثل هذه الوضعية، إلا أن الدفاع في مثل هذه المباريات أهم من الهجوم، فالظهور بشكل دفاعي جيد ومتماسك أهم من خلق الكثير من الفرص على مرمى الخصم .. أو بصيغة أخرى: الدفاع المنظم خير وسيلة للفوز. كان من المهم جداً أن يحافظ برشلونة على نظافة شباكه في الثلثين الأول والثاني من المباراة ليبني على ذلك ويحاول إدراك هدف الفوز في الدقائق الأخيرة، ولو كان قد شارك تشافي مع بوسكتس وراكيتيتش في وسط الملعب لتأثر وسط البلاوجرانا كثيراً على المستوى الدفاعي خصوصاً مع المستوى الدفاعي المتردي لألفيش وتقدم تشافي في السن، وبالتالي فإن قرار إنريكي بالدفع بثنائي الارتكاز منذ بداية اللقاء صائباً 100% ويستحق عليه الثناء والمديح أيضاً. 2- ولكن ما يؤخذ على إنريكي هو البدء بتشافي أمام ثنائي الارتكاز وليس راكيتيتش، لماذا؟ لأنه عندما تلعب بثنائي ارتكاز، فلا يمكن أن يتزامن ذلك مع اللعب بنفس الأسلوب الاستحواذي، فثنائي الارتكاز لا يخدم هذا الأسلوب بوضوح، مما يترتب على ذلك أنه كان ينبغي أن يتغير كذلك أسلوب اللعب ويتم الاعتماد على الكرات الطولية في عمق دفاع فالنسيا والتي كانت تشكل خطورة كبيرة وحقيقية بالفعل كلما لُعبت كرة طولية في محور دفاع الخفافيش وحرم الحكم المساعد سواريز من لقطة انفراد محقق بدييجو ألفيش حارس فالنسيا في الشوط الأول. مشاركة راكي منذ بداية اللقاء كانت واجبة من جانب إنريكي نظراً لقدرة الكرواتي على الدخول في عمق دفاع الخصم واستقبال الكرات برأسه، فهو الأنسب على الإطلاق لطريقة اللعب بثنائي ارتكاز. 3- التخلي عن فكرة ثنائي الارتكاز كانت مغامرة كبيرة في رأيي من جانب إنريكي في الشوط الثاني من خلال الدفع براكي على حساب ماتيو، صحيح أنه ربما كان صحيحاً سحب ماتيو المهدد بالورقة الحمراء، ولكن الأفضل في رأيي كان سحب تشافي والدفع براكي مكانه في تبديل مركز بمركز ولكن مع مهام مختلفة. تلك المغامرة كادت أن تكون سلبية بالنسبة للبرسا حيث سنحت لفالنسيا بالفعل فرصاً خطيرة بعد هذا التبديل كادت أن تتحول إلى أهداف لولا براعة وتألق برافو الحارس الأمين لفريق البرسا، الذي صار يُحسد على امتلاكه حارسين بنفس الكفاءة وعادةً ما يرتديان قفاز الإجادة، برافو وتير شتيجن. 4- الخطأ الأكبر على الإطلاق لإنريكي في مباراة الليلة من وجهة نظري هو الإبقاء على داني ألفيش حتى نهاية المباراة وعدم سحبه والدفع بأدريانو مكانه. كان من الواضح جداً أن التعب قد نال كثيراً من داني ولم يعد قادراً بدنياً على الإطلاق على الركض أمام عناصر فالنسيا، وذلك نتيجة منطقية للإرهاق الكبير الذي سببه له الجناح الأيسر الرائع للخفافيش رودريجو مورينو أحد نجوم المباراة قبل استبداله في الشوط الثاني. 5- ما زال سواريز يتحسس مكانه في تشكيلة برشلونة، وما زالت الكرة لا تريد أن تطاوع النجم الأوروجوياني في كثير من المرات، إلا أنه من المؤكد أن سواريز سيتحسن وسيستعيد فورمته مع تتالي المباريات، فهو ما زال يملك الكثير والكثير ليقدمه للبرسا. الحكم "غير" المساعد حرمه من هدف شرعي 100% بداعي التسلل الوهمي في الفترة الثانية !. 6- تألق جيرارد بيكى في هذا اللقاء من العلامات المضيئة جداً ويبدو أن قلب الدفاع الإسباني استفاد كثيراً من "قرصة الأذن" التي قام بها إنريكي للاعب قبل فترة التوقف الدولي بإجلاسه ل 3 مباريات متتالية تقريباً على مقاعد البدلاء. ولكن ما يُؤخذ على بيكى حصوله على إنذار مجاني في لقطة اشتباك نيمار بباراجان، فلم يكن هنالك أي داعٍ لتدخل بيكى في اللقطة وحصوله على كارت أصفر من شأنه أن يُحجمه، ومن الممكن أن يُطرد على إثره فيما تبقى من عمر المقابلة في أي لعبة مشتركة مع الخصم. 7- نيمار يعاني كثيراً عندما يواجه لاعبين أقوياء على مستوى الاحتكاك البدني، فيضطر البرازيلي للبحث عن المخالفات. لاعب سانتوس السابق بحاجة ماسة إلى أن يتطور على المستوى البدني وأن يكون قوياً في الحوارات الثنائية وأن يبتعد قليلاً عن اللعب الاستعراضي لحساب اللعب الإيجابي لمصلحة الفريق. نيمار لم يقدم مباراة كبيرة الليلة نتيجة اللعب الرجولي لأصحاب الأرض. 8- بدا واضحاً جداً أن ميسي يعاني كثيراً من الإرهاق في هذه المباراة فلم يظهر إلا في القليل من اللقطات ولم يستطع استغلال هفوة فيغولي عندما انطلق بالكرة لكن مدافع فالنسيا استطاع أن يتصدى له ويُخرج الكرة إلى ركنية. ولكن كعادته يبقى ميسي قادراً على أن يصنع لمسة الفوز في أي وقت ويُحسب له توزيعته المنضبطة في نهاية اللقاء التي أتى عن طريقها هدف الانتصار الغالي. 9- فالنسيا قدم مباراة كبيرة جداً على المستوى البدني والانضباط التكتيكي. الخفافيش لعبوا بطريقة 4/3/3 التي تتحول في بعض اللقطات إلى 4/4/1/1 بعودة فيغولي ورودريجو مورينو إلى الوسط وتقدم أندرى جوميش خلف نيجريدو، وأغلقوا كل المنافذ على عناصر برشلونة وجعلوا الأمور صعبة كثيراً بالنسبة لهم، وحصلوا على بعض الفرص التي كادت أن تتحول إلى أهداف لولا تألق برافو. أندرى جوميش ورودريجو مورينو أزعجوا برشلونة كثيراً وكانوا الأفضل من بين عناصر فالنسيا الذين لم يقصروا أبداً في لقاء الليلة، إلا أن عدم قدرتهم على توزيع الجهد البدني على مدار التسعين دقيقة أثر عليهم في آخر 10 دقائق التي استحوذ فيها برشلونة على الكرة بشكل كامل وتمكن من ضغط فالنسيا في مناطقه إلى أن بلغ مراده وسجل هدف النقاط الكاملة في الثواني الأخيرة. 10- كم كان برشلونة بحاجة إلى تحقيق الفوز بهذه الطريقة على فريق بحجم فالنسيا في معقله، ما من شانه أن يمنح عناصر البرسا جرعات معنوية كبيرة في الفترة المقبلة. مهم جداً أن يواصل إنريكي البناء على تلك الانتصارات الثلاثة على إشبيلية وأبويل وفالنسيا، من خلال الفوز في الديربي مطلع الأسبوع المقبل قبل ملاقاة سان جيرمان في الكامب نو في اللقاء الحاسم على الصدارة وتفادي ملاقاة فرق من نوعية بايرن ميونيخ وتشيلسي. أتصور أنه إذا استمر برشلونة في تحقيق الانتصارات حتى لقاء سان جيرمان وتمكن من الفوز بتلك المباراة، فإنه سيكون للبرسا شأن كبير هذا الموسم.