على مدار التاريخ الطويل لكرة القدم المصرية، تعرضت مباريات القمة بين الأهلي والزمالك أو الزمالك والأهلي للكثير من الأحداث المثيرة والعقبات في بعض الأحيان، فبطبيعة الظروف التي كانت تعيشها البلاد كانت تتأثر مباريات كرة القدم وعلى رأسها مباراة القمة بين الغريمين، ولعل أقرب مثال على ذلك القمة 107 التي ستجمع الفريقين غدا على استاد القاهرة الدولي؛ حيث تلقي ثورة 25 يناير بظلالها على هذه المباراة المرتقبة، خاصة من الناحية الأمنية والخوف من حدوث مصادمات بين الجمهورين، لذلك شاهدنا استعداد أمني غير مسبوق من قبل قوات الجيش والشرطة، كما ركز الإعلام على تهدئة الأجواء قبل المباراة من خلال دعوة جماهير الأحمر والأبيض إلى التحلي بالروح الرياضية. والناظر في التاريخ الطويل للكرة المصرية يرى أن القمة التي سنشهدها غدا، ليست هي الوحيدة التي نعيش فيها أجواء متوترة قبل بدايتها، فالقمة رقم 7 التي أعقبت أحداث ثورة 1952 كانت قريبة جدا في تفاصيلها من قمة الغد. فالقمة رقم 7 أقيمت عقب ثورة 1952 والإطاحة بالنظام الملكي، لتدخل مصر حقبة جديدة تحت نظام الحكم الجمهوري، وشهدت القمة التي أقيمت في يوم 23 فبراير 1953 أحداث شبيهة بما نعيشه حاليا؛ حيث كنا نعيش وقتها تخوفا من وقوع أحداث بلطجة وشغب من الجماهير خاصة وأن المباراة جاءت في ظل فترة عدم استقرار عاشها المجتمع المصري، وهو ما دفع مجلس قيادة الثورة إلى التفكير في عدم إقامة المباراة لاسيما وأن لقاء الأهلي والإسماعيلي الذي سبق لقاء القمة وقتها في يوم 9 فبراير قد شهد نزول الجماهير إلى أرضية الملعب وارتكاب الكثير من أعمال الشغب أسفرت عن إصابات عديدة في الفريقين، فضلا عن تدخل الجيش لإخراج الحكم واللاعبين من الملعب، مما سرب الشكوك حول إلغاء لقاء القمة. وجاء القرار الأخير رغم الأحداث الدامية في مباراة الأهلي والإسماعيلي، بإقامة لقاء القمة في موعده بين الغريمين في يوم 23 فبراير، مع وضع خطط محكمة لتأمين المباراة وإطلاق دعوات عبر وسائل الإعلام المختلفة تحذر الجماهير من ارتكاب أية أعمال شغب. وأقيمت المباراة بالفعل وانتهت بتعادل الفريقين سلبيا، في لقاء وصف بالضحالة الفنية؛ حيث لم يكن ممتعا للجماهير التي جاءت لتشاهد مباراة هجومية مليئة بالأهداف من الطرفين، لكنها وجدت مباراة دفاعية مغلقة ظهر كل فريق خلالها خائفا من الآخر و فضل الاعتماد على الدفاع والخروج بالمبارة إلى التعادل. وتعد المباراة هي الأولى التى يخوضها الزمالك باسمه الجديد بعد أن كان يطلق عليه اسم الملك فاروق من 1941 إلى 1952 ثم أخيراً الزمالك. فيما خاض الأهلى المباراة بشعاره الجديد «الصقر» يتوسط الشعار بين كلمتي النادي الأهلي بخلفية حمراء بعدما كان شعار النادى هو علم مصر. كان مدرب الزمالك فى ذلك الموسم هو عبدالرحمن فوزى، ومن أبرز نجوم المباراة في الجانب الأبيض: أحمد أبوحسين وشريف الفار وحنفى بسطان وعبدالعزيز قبيل وعصام بهيج ونور الدالي وحليم ثالوث وزكريا مظلوم ويونس مرعي وعلاء حمودة، فيما تمثل نجوم الأهلي وقتها في أحمد مكاوي الذى حصل على لقب هداف الدوري برصيد 12 هدفاً وعبد الجليل ويكن حسين وسيد عثمان فهمي وجميصي وزكي وحلمي أبوالمعاطي ومصطفى نصر وصالح سليم وتوتو وتامر. وأسفرت نتيجة هذه القمة عن ارتفاع رصيد الأهلي إلى 13 نقطة بالمركز الأول، فيما وصل رصيد الزمالك إلى عشر نقاط، والتقى الفريقان مرة أخرى في نهاية هذه الموسم تحديدا في 5 يونيو 1953 وانتهى بالتعادل الإيجابي 2-2، ليحصد أبناء القلعة الحمراء اللقب. وما أشبه الليلة بالبارحة، فأجواء القمة 7 تقترب إلى حد بعيد بالقمة 107 من حيث التوتر والخوف من حدوث اشتباكات بين الجانبين، فضلا عن كونهما لقاءين جاءا بعد ثورتين غيرتا من مستقبل هذا الوطن. وهو ما قد يدفعنا للتوقع بانتهاء لقاء الغد بالتعادل السلبي بين الفريقين كما حدث عام 1953.. فهل توافقنا الرأي؟. وفاة عبد الناصر تسببت في توقف مسابقة الدوري مرتين ولم تكن الثورات وحدها هي التي تؤثر على لقاءات القمة بين الفريقين؛ حيث مرت مصر بالعديد من الأحداث التي كان لها أثر كبير على منافسات الدوري بشكل عام ومباراة القمة بشكل خاص، ففي موسم 1954-1955 لم يكتمل الدوري بسبب الأحداث غير المستقرة التي شهدتها البلاد؛ حيث اتخذ اتحاد الكرة قراره بإلغاء المسابقة، لكن كانت مباراتي القمة قد أقيمتا، وانتهتا بتعادل الفريقين بهدف لكل منهما في الدور الأول، قبل أن يعود الأهلي ويحقق الفوز بهدفين لسيد صالح وأحمد مكاوي في الدور الثاني. وتسببت نكسة 1967 في عدم إقامة مسابقة الدوري مواسم 1976-68 و 1968 – 69 و 1969 -70. قبل أن تعود البطولة من جديد في موسم 1970-71 لكنها لم تكتمل بسبب وفاة الزعيم جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970، ورغم ذلك أقيمت مباراة القمة وشهدت أحداثا مؤسفة؛ حيث كانت النتيجة التعادل بهدف لكل فريق حتى تم احتساب ركلة جزاء للزمالك ونجح فاروق جعفر في تسجيلها مما أدى إلى انقلاب المباراة رأساً على عقب وحدوث أعمال شغب من الجماهير الحمراء واندلاع مشاجرة بين اللاعبين، أُلغيت على أساسها المباراة ثم الدوري بأكمله. وحزنا على الرئيس الراحل عبد الناصر لم تقام أيضا البطولة موسم 1971 -72، وحرمت الجماهير من متابعة القمة في هذا الموسم. كذلك كان الحال في أعقاب حرب التحرير عام 1973؛ حيث تزامنت مع بطولة الدروي لموسم 1973 -74، وهو ما أدى لإلغاء المسابقة بعد بدايتها، ولم تقام أيضا مباراتي القمة. وعلى الرغم من مقتل السادات في السادس من أكتوبر عام 1981، إلا أن ذلك لم يكن بالمبرر الكافي للقائمين على اتحاد الكرة حينها لكي يقوموا بإلغاء المسابقة؛ حيث اكتملت بطولة الدوري ونجح الأهلي في حصدها بعدما تعادل القطبان في الدور الأول بهدف لكل فريق أحرز الهدفين محمد عامر لاعب الأهلي وهو أول لاعب يحرز هدفين في نفس مباراة القمة هدف في مرمي الزمالك وهدف في فريقه الأهلي، كما تعادل الفريقان أيضا في الدور الثاني بدون أهداف. وبعيدا عن الظروف التي عاشتها البلاد، فقد شهدت بعض لقاءات القمة أحداث مثيرة بين الفريقين داخل أرضية الملعب، مثل انسحاب الأهلي لأول مرة في تاريخ مباريات القمة موسم 1965 -66 بعدما منيت شباكه بهدفين أمام الزمالك، كما فعل الفريق الأبيض الأمر نفسه في موسم 1995-1996 اعتراضاً على الهدف الثاني للأهلي الذي سجله حسام حسن، وتم اعتبار الزمالك مهزوماً بهدفين نظيفين، وصدر قرار بحل مجلس إدارة النادي وكذلك اتحاد الكرة. *