هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. لم تشهد الساحة الكروية المصرية طيلة اليومين الماضيين حدثاً أهم من زيارة محمد بن همام للقاهرة، طلباً لصوت مصر لمصلحته في انتخابات الفيفا المقبلة التى يخوضها ضد الرئيس الحالي جوزيف بلاتر.. وإذا كانت تلك الانتخابات تقترب والعالم من حولنا بدأ ينتبه ويتعامل مع الفيفا بكثير من الجدية والتدقيق والانتباه بعد كل ما تكشف من فساد وخطايا، وبعدما لم تعد الكرة في زماننا مجرد لهو أو شيء ثانوي وتافه، فإنه من الصعب جداً أن يأتي الآن أحد يحاول إقناعنا في مصر بأن هذه الانتخابات لا تعني شيئا لمصر وحاضر ومستقبل الكرة فيها، وأنها أمر لا يخص عموم المصريين ولا يستدعي منهم أي حديث أو انشغال.. وذلك حتى يستطيع مسئولو الكرة المصرية حالياً الاختيار والقرار والبيع والاتفاق وقضاء المصالح وحصد المكاسب في هدوء وخفاء وبعيدا عن أي حساب أو مساءلة.. ومهما حاول مسئولو الكرة حاليا إظهار الأمر والتعامل مع زيارة بن همام للقاهرة وكأنها مجرد زيارة عائلية لن تسفر إلا عن بعض الثرثرة والتقاط بعض الصور للذكرى.. فإننا لن نصدق ولن نقتنع بذلك مهما كانت جهود المسئولين ونشاطهم في التمويه وبراعتهم في اللف والدوران.. كل الكتب التي قرأناها وكل التحقيقات والتقارير الصحفية التي تابعناها علمتنا أنه طيلة الثلاثين سنة الماضية لم يكن هناك صوت واحد مجاني في أي انتخابات للفيفا أو أي صوت في اختيار من يفوز بتنظيم مونديال الكرة.. وهناك من يبيعون أصواتهم لمصلحة بلادهم كرويا أو سياسيا وهناك في المقابل من يكتفون بالبيع فقط للمكسب والمصلحة الشخصية.. وهناك فريق ثالث من المغفلين والسذج الذين يذهبون إلى السوق دون أن يعرفوا أنهم في سوق ويمنحون أصواتهم دون أن يدركوا أن هناك من باع هذه الأصوات ومن اشتراها حتى وإن لم ينتبه لذلك أصحاب الأصوات أنفسهم.. وأنا لا أحب أن يكون مسئولو الكرة في بلدى من فريق السذج والمغفلين.. ولا أقبل أن يبيعوا صوت مصر للمصلحة الشخصية والخاصة، ولهذا أطلب منهم أن يقولوا لنا لماذا ستقف مصر مع بن همام ضد بلاتر.. ومع كامل الاحترام لعروبة القطري بن همام واعتزازنا كلنا ورغبة أي مواطن مصري بسيط بأن يجلس عربي على أكبر وأهم مقعد يخص كرة القدم في العالم كله.. إلا أن الأحاديث الجادة وراء الأبواب المغلقة لا تعرف مثل هذه المشاعر الجميلة والرائعة وإنما يتوارى كل ذلك أمام حديث المصالح المتبادلة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة.. وإذا كان سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، قد نفى أمس الأول كل ما قيل عن صفقة تأييد مصر لبن همام في الفيفا مقابل تأييد قطر للدكتور مصطفى الفقي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية.. فليقل لنا زاهر الآن المقابل الذي ستلقاه مصر كرويا أو سياسيا مقابل تأييد بن همام وإعلان الحرب على بلاتر.. ونحن سنقبل بأي ثمن حتى وإن كان لا يخص مصر ولكن ممكن أن يكون لفلسطين.. وبدلا من أن يقوموا بتصديع رءوسنا عن العرب والعروبة.. فلماذا لا يؤيد بن همام وزاهر وأبوريدة الرسالة التي أرسلها نبيل العربي، وزير الخارجية، للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن الدعم المصري للطلب الفلسطيني بالاعتراف بفلسطين المستقلة في الأممالمتحدة.. فقد أصبحت فلسطين الآن ميدانا للسباق بين بن همام وبلاتر الذى سيبدأ اليوم زيارتها مع الأمير الأردني علي بن حسين، المسئول العربي الوحيد الذي يؤيد بلاتر ضد بن همام.. ولو انتهت هذه الانتخابات باعتراف الفيفا بحق الفلسطينيين في التنقل من أجل الكرة دون مضايقات وعوائق إسرائيلية فهو مكسب حقيقي، خاصة أن اللجنة الأوليمبية الدولية بدأت هذا الأسبوع سعيها لتحقيق وضمان ذلك.. فاعتراف الفيفا باستقلال دولة ومنح منتخبها حق اللعب وحرية التنقل.. قد يكونان -سياسياً وواقعياً- أهم وأجدى من اعتراف الأممالمتحدة نفسها.. المهم أن يكون هناك ثمن ومكسب يتحقق لمصر نتيجة خوض هذه الحرب داخل الفيفا. *