بوابة شموس نيوز – خاص حين تجدهما تكون أمامك فرصة لالتقاط صورة تُعَد من ثروتك حين تعدد ممتلكاتك . جسدان بروح واحدة ، أبدع الرحمن ، وتفنن – سبحانه – في شق ملامحهما ، ليس في حسنهيما ولكن في تلك الدمامة التي يأتي منها الجمال !! قد تتعجب لأن طريق الجمال الذي وصلك هذه المرة لم يكن الحسن ، بل كانت الدمامة المتفقة المشفوعة بأجمل ابتسامة وأصفاها يمكن لقلبك أن يصادفها . رجلان بطول واحد إن وضعتهما أمامك ، وعجز يستحيل عليك أن تفرق بينهما إن أدبرا ، وسُمرة وجهٍ طُليت من قطرة لون واحدة لا تعرف الانقسام ، بأسنان كأنهما يتبادلانها حتى لكأنك تريد منهما أن يتكلما في آن واحد ؛ حتى تطمئن أن لكل منهما أسنانه الخاصة !! الله على ذلك الضيق الذي يبدو على أجفانهما أثناء ضحكتهما ، فالانغلاق سواء ، والانفراج البادي بنفس الدرجة ؛ لذاك أنت مجنون في نظرهما ؛ لأنك تختلس نظرات المقاربة والمقارنة بدون مهل.. بطيخ وابنه محمود لم يكونا بشكل واحد وفقط ، بل لقد اتفقا في غيابهما عن ذلك العالم الضار ، يسيران – معا – في شرود يكفر التفكير ، ويحمل بدوره صدق الحياة الفانية ، لا يعبآن كما يعبأ البشر بمظاهر الدنيا ؛ ولذاك قررت الحياة أن تعاملهما معاملة خاصة ، فحين يكون الناس متدثرون في ألحفتهم شتاء تجدهما بقميص خفيف تحته العراء ، كأن جسديهما من الدفء التام قد صُمِمَا! لم تعرف روحهما مادة شعورية تدور حول معاني الكراهية أو الحقد ، وبعبارة أخرى أكثر جمعا لوصفهما : شفرة قلبهما لا تقبل إلا رموز الخير والمحبة ، يقبلان عليك بكل البسمة وكل الظن الجميل في إكرامهما ، وتظل بسمتهما لك سواء أعطيتهما أم منعتهما ، ومع ذاك فهما يعرفان جيدا قواعد الذوق ، يعرفان ما لهما وما عليهما فلا تجدهما يطلبان مباشرة من أحد شيئا ولو كانا يحتاجانه ، كبير طلبهما " كوب شاي " . رغم هزالهما وقلة حيلتهما يقدمان مساعدتهما لكل البشر ، لمن يعرفون ولمن لا يعرفون كأن الرحمن – سبحانه – صاغهما من سخاء وعون ! بطيخ وابنه محمود أكبر دليل على أننا واهمون ، وأعظم رد في هذا العالم المتطاحن على حماقاتنا تجاه بعض بالعداوة ، بأنها خرجت من عقول لا تدرك ، وقلوب غشي عليها فلا تشعر ، ولا تبصر ؛ فنحن نشاركهما أساسيات الحياة ( الطعام والشراب ولازمهما ، التنفس ، ستر العورة ) ومع ذاك فهما في داخلهما سعداء ، ونحن بدواخلنا معذبون أشقياء ! بطيخ وابنه محمود صرخة في ضمير كل واحد منا كي يعيد علاقته مع الحياة والأحياء ؛ كي نعيش الحياة بضميرهما ، بضمير المسافر الذي يوقن أن سفره بلا عودة ! بطيخ وابنه محمود دليل قاطع في الوجود على أن ملاحة الوجه لا تعني الجمال ، كما أن الدمامة لا تعني القبح ، فما ينفع الناس هو لازم الأشياء لا حقيقتها ؛ لذاك هم أجمل البشر بصدق ابتسامتهما ! يثبتان لك أن القوة لا تعني الشهامة والسخاء ، كما أن الضعف لا يعني التخلي والترك ، بل إن القوة فيما نستخدمه في عون الناس ولو كنا ضعفاء ، القوة في استعدادنا للقيام بما يقيل الناس من عثراتهم ، ويشعرهم بأن ثمة بشر يعيشون معهم غايتهم عونهم وإسعادهم ! بطيخ وابنه محمود بذرة الروح البيضاء في هذا العالم الأغبر ، فهلا جاورناها ؛ كي يرتد إلينا بياض أرواحنا ! ! عصام علي خليفة