أيُّ وحشٍ يلاحقني …….. في وطني

مذُ طفولتي كانَ يمشي ببطءٍ بجانبي ، الْيَوْمَ داهمَ حمائمَ بيضاءَ في قلبي ، واقتلعَ أوتادَ خيمتي القويةَ ، لستُ في الغربةِ ، الجوعُ يهروووولُ ينهشُ ضلوعي ، أنيابُ الفقرِ تُمزِّقُ روحي ، وأنا في موطني بين أهلي وفي حقولي
من بعيدٍ يردِّدُ الصَّدى أنيني : لا أحدَ يسمعكِ أيتها الطِّفلةُ ، أمَّتكِ منشغلةٌ بالخلافاتِ ، بعشقِ الأجنبي ، تسمعُ موسيقا الغربِ ،لا تصغي لأنينِ الفقراء وآهاتِ المرضى
أيُّ وحشٍ يلاحقني ؟! أيُّ عدوٍّ يستبيحُ غزالاتٍ جميلاتٍ في صدري ، يجتاحُ مدني الجميلةَ ، يتعقَّبني سارقاً وريقاتِ الفرحِ من شجيراتِ مهجتي ؟!
يالوحشيتهِ !! كلَّما مددتُ حبلَ الصَّبرِ مدَّ أخطبوطهُ أذرعهُ إلى جسدي تارةً وتارةً قدَّ من روحي أجزاءً يلتهمها .
وأيُّ أمَّةٍ هذِهِ تعومُ على بحرٍ من النفطِ والذهبِ
تحيطها خلجانُ اللؤلؤِ ، وتكتنفها جبالُ الماسِ
وأبناؤها يمكثونَ في قاعِ الفقرِ بعيداً عن نسماتِ الإنسانيةِ ؟!
ذئبٌ مفترسٌ واجهتهُ بجيوشِ الكدحِ على مرِّ الأيامِ ومضضِ الليالي ، لكنهُ كانَ يتسربُ معَ خطى الربيعِ ، و ينحرُ أعناقَ الوردِ في جسدي فتلوي الأغراسُ الصَّغيرةُ أعناقها تحتَ عصفِ رياحهِ الشَّديدةِ ، ويزحفُ من ثقُوبِ روحي الشَّفافةِ كما تزحفُ أسرابُ النَّملِ من شقوقٍ ضيِّقةٍ في الْبَيْتِ .
أوقفني الْيَوْمَ على شفا الهاويةِ وأنا قادمةٌ من عملي ، وصارَ يصارعني أأشتري طعاماً لأبنائي
ال ينتظرون لقمة الغداء ؟ أم أبتاعُ دواءً لهما ؟فقد أضعفها المرضُ و أنحلَ جسدهما .
ياإلهي ذئبٌ بشريٌّ على الضِّفةِ الثَّانيةِ يترصدني من زمنٍ ، ينتظرُ انهياري ليمطرَ دناءتهُ إذلالاً ووحولاً ، كم حاربته بسيوفِ صبري !!
صبراً جميلاً ، أيُّها القلبُ لديَّ الكثيرُ من الدموعِ و في جيوبي الكثيرُ من الأمنياتُ سأودعها في صندوقِ الأملِ ، علَّهُ يحملُ لك القمحَ واللوزَ
وهناكَ جزرُ الأحلامِ لابدَ ستفتحُ لك أبوابها تمنحكَ كنوزها ذاتَ صباحٍ و تقلَّكَ إليها مراكبُ
الزَّمنِ .
_______
مرام عطية