منذ مرحلة الاستعدادات لعقد اتفاق قرض صندوق النقد الدولي، اهتمت وزارة المالية بشكل رئيسي بتحقيق "فائض أولي"، دون الإشارة بأي حال لتحسن أو تدهور العجز الكلي، وبالأمس أصدرت وزارة المالية بيانها للتأكيد على تحقيق هذا الهدف في العام المالي الحالي، 2017/ 2018. والفائض الأولي هو فارق عمليات التشغيل الجاري للاقتصاد، ويستثنى منها فوائد الديون، التي تضاف إلى العجز الكلي. ولأن عملية الإصلاح تتضمن إصلاح بنود تشغيلية جارية مثل الأجور والدعم والضرائب، كان التركيز بالأساس على الفائض الأولي، مع تجاوز التأثير السلبي على العجز الكلي نتيجة زيادة معدلات الاستدانة، وبالتالي زيادة نصيب فوائد الديون من الموازنة. وتقوم بعثة صندوق النقد الدولي الخاصة بإجراء المراجعة الدورية الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بزيارة إلى مصر في الوقت الراهن، وتضمن برنامج الزيارة لقاء وزير المالية في إطار مناقشة سير برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ومدى تحقيق المستهدفات الاقتصادية والمالية المتفق عليها تمهيدا للحصول على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، والتي تقدر بنحو ملياري دولار. وأكد عمرو الجارحي وزير المالية أن الزيارة تناولت مباحثات بين المسئولين بوزارة المالية والحكومة المصرية وأعضاء بعثة صندوق النقد الدولي لشرح التطورات الاقتصادية الراهنة وأهم النتائج الإيجابية التي بدأ يحققها الاقتصاد المصري بالفعل وأهمها ارتفاع معدل النمو الحقيقي خلال الربع الأخير من 2016/2017 إلى نحو 4.8% وانخفاض معدل البطالة إلى 11.9% في يونيو 2017 مقابل 12.7% في يونيو 2016، وخفض العجز الأولي بنحو 50% خلال 2016/2017 ليصل إلى 1.8% من الناتج المحلي مقابل 3.6% من الناتج المحلي في 2015/2016، وارتفاع قيمة الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى معدلات قياسية تتعدى 36 مليار دولار، وهو ما يغطي نحو 7 أشهر من فاتورة الواردات السلعية. وقال أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، إنه قد تم التأكيد لفريق صندوق النقد الدولي على إصرار وزارة المالية على تحقيق فائض أولى خلال 2017/2018، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات، وبالتوازي العمل على خفض نسبة الدين الحكومي إلى نحو 98% من الناتج المحلي، بحيث تساهم تلك التطورات على تعزيز درجة الثقة في الاقتصاد المصري وتعزز من استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي لدفع النشاط الاقتصادي لتحقيق معدلات نمو مرتفعة تساهم في خلق فرص عمل جديدة حقيقية تحتوي الداخلين الجدد بسوق العمل. كما تناولت المباحثات عرض المؤشرات المالية للربع الاول (يوليو- سبتمبر) من 2017/2018، والتي تؤكد استمرار التحسن فى الأداء المالي، وهو ما يعزز من الثقة فى قدرة الحكومة على تحقيق مستهدفات العام المالي الحالي، حيث بلغ العجز الأولى خلال الربع الأول من العام نحو 0.2% من الناتج مقارنة بنحو 0.6% من الناتج خلال نفس الفترة من العام المالي السابق نتيجة ارتفاع إجمالي الإيرادات بنحو 33.2% مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق، فى حين ارتفع إجمالي المصروفات العامة بنحو 24.4%. وتعكس تلك المؤشرات الأثر المالي لتطبيق المرحلة الأولى والثانية من الإصلاحات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، بالإضافة إلى التزام الحكومة الواضح بترشيد المصروفات العامة وإعادة توجيهه عوائد الإصلاح لخفض العجز وللإنفاق على الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية وتحسين البنية التحتية. وقد قام المسئولون بوزارة المالية بالتأكيد على فريق عمل صندوق النقد الدولي، أن النتائج المستهدفة للعام المالي الجاري تأتي في إطار التزام الحكومة الكامل بتحقيق مستهدفات الحكومة المصرية من توازن الميزان الأولى (باستبعاد الفوائد) خلال ثلاث سنوات تنتهي في عام 2018/2019.