لم يُخلصْ أحدٌ للثورةِ إخلاصَهْ! كان يجوبُ الميدانَ مِن القلبِ إلى الأركانِ.. يبثُّ حماستَهُ بين المُعتصمينَ.. ويُبعدُهمْ عن مرمَى القنَّاصهْ ويحذِّرُهمْ من غدرِ الضابطِ: قناصِ عُيونِ شبابِ الثورةِ.. والقادةِ منهم خاصَّهْ! …………………………. ومع الليلِ تداعبُهُ- ويُداعبُها- الأحلامُ.. وكان يغنِّى وهو يطوفُ ليَحرسَ مَن ناموا حتى غدرتْهُ مِن الخلفِ رصاصَهْ! فتهاوَى.. وهو يُشيرُ إلينا لم يطلُبْ إلا قلمًا وقُصاصَهْ! وتحاملَ وهو يُنازعُ فى الرمَقِ الآخِرِ.. ظلَّ يحاولُ.. حتى أمْلَى: [سامحنِى يا ولدِى.. سامحنِى إنْ كنتُ…] ………. ولم يُكملْ! سبقتْهُ الرُّوحُ إلى الملَأِ الأعلَى حانتْ ساعتُها كىْ ترحلْ! أجَلٌ.. لا يملِكُ مخلوقٌ فى الأرضِ: زيادتَهُ- إن شاءَ- ولا إنقاصَهْ وكذلك راحَ.. ولم يتناولْ وجبتَهُ معَنا فبكيناهُ.. وودَّعْناهُ كم أوْجعَنا أنا ودَّعْنا أشجَعَنا! ودَّعْنا إنسانًا لم يعرفْ إلا فى الميدانِ أمانًا لم يرَ إلا بين صفوفِ الثوارِ خَلاصَهْ! ********************************** من ديوان مخطوط بعنوان: سفر الشهداء