"ليبانون ديبايت" – عبدالله قمح على الرغم من "الهيصة السياسيّة" صاحبة المُحرّكات الهادرة التي تدور في محورِ معركةِ الجيش اللّبنانيّ لتحريرِ جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة وشمال عرسال، لكنّها تبقى جعجعةً بِلَا طحين إنْ لم تُقرَن بتحرّكاتٍ ملموسة، وأن تخرج من تحتِ عباءةِ الدعم "الفقير" من خلف الكواليس إلى رِحاب الملكوت. حتّى غاية الآن ما زال التفاعل الرسميّ مع معركة الجيش المُرتقَبة دون المطلوب، فالمؤسّسةُ العسكريّة لم تشعر بعد بأنّ الخطاب السياسيّ قد تطوّر إلى مستوى إعلان الدعم والغطاء اللامحدودين، على الرغم من أنّ هناك تحولاً لا يمكن إخفاؤه أو إنكاره. وعلى قدر أهمّيته، لا يبدو أنّ الجيش ربط مصيرهُ بانتظارِ القرار السياسيّ، بل شدّ رِحالهُ نحو الميدان مُستكملاً ما كان قد بدأهُ من إعداداتٍ منكبّاً على إجراء عمليّاتِ استطلاعٍ استعلاميّ – حربيّ مُترافقة مع مسحٍ تقنيٍّ لمنطقةِ سيطرةِ "داعش" من أجل تتبّعِ أيّ متغيّراتٍ قد تدخلُ على طبيعةِ الميدان. وينكبُّ الجيش على معاينةِ مِنطقةِ سيطرةِ التنظيمِ من الأعلى ومقارنة وضعيتها الحاليّة مع السابقة بغيةَ معرفة إذا ما كان قد أُحدِثَت تغييراتٍ جديدةٍ على السطح، ولإبقاء تحرّكاتِ "داعش" تحت عين الرؤية وضمن مداها. وبالتوازي مع انتظار الجيش لحلِّ عقدةِ "سرايا أهل الشام" وسحبهم من الجرود، كان الجيش ينفّذُ عمليّةً التفافيّةً استطاع خلالها تأمين عدّة "حواكم كاشفة" (تلال) تتخطّى منطقة التماسّ السابقة بين داعش و "السرايا" ليخلقَ بينهم وبين هذه المنطقة "خطّ عازل" يحمي الجيش من أيّ تغيّرٍ في المِزاجِ العسكريّ لهؤلاءِ المسلّحين. لكن تغيّر المِزاج السياسيّ لا يبدو أنّه المُسيطر على واقع الحال في لبنان، الذي ما زال بعض مسؤوليه يبحثونَ عن حُجَجٍ واهيةٍ من أجلِ حجبِ دعم حزب الله والجيش السوريّ عن الجيش اللّبنانيّ في معركته القادمة من الطرف السوريّ. آخر "العصي" الجديدة الموضوعة في الدواليب، هو اقتراحٌ رسميٌّ جرى التداول فيه لدى دوائر أساسيّة قبل أيّامٍ وفحواه "طلبُ الدعمِ والمؤازرة العسكريتين من روسيا في الجزء المُتبقّي من الجرود"، وذلك من خلال رمياتٍ جوّيّةٍ تقومُ بها مُقاتلات السوخوي المركونة في المطاراتِ العسكريّةِ السوريّة. أصحاب هذه النظريّة، قاموا بطرحِها ليس محبّةً بالدعمِ الروسيّ أو تسهيلاً لعمل الجيش؛ بل من أجل حشرِ حزب الله ومعه الجيش السوريّ ومنعهما من الدخولِ كطرفٍ مؤثّرٍ في العمليّة. وتُشيرُ معلومات حصل عليها "ليبانون ديبايت" إلى أنّ الاقتراح جاء انطلاقاً من الرفض لدخولِ الولاياتِ المتّحدة الأميركيّة على خطِّ العمليّة، وأصحابه توجّهوا به إلى الطرف المُعارض على أن يكون بديلاً منطقيّاً يمكنُ له أن يحظى بتأكيدٍ من الفريق القويّ الذي رفض الوجود الأميركيّ، انطلاقاً أيضاً من تقاطعِ المصالح داخل سوريا. لكنّ "الطارحين" قد غابَ عنهم وجود جهةٍ أخرى ربّما قد تُعارِض من بوّابةِ "النكايات"، فضلاً عن أنَّ أجواء الطرف المُؤيد لعمليات الجرود، تُفضّلُ عدم حصول تدخّلٍ خارجيٍّ على هذا المُستوى كي لا يتحوّل لبنان إلى منطقةِ صراعٍ مُباشرٍ على النفوذِ الجويّ بين قطبين. وشكّكت مصادر متابعة من نيّاتِ مَنْ قدّمَ هذا الطرح، وقالت ل"ليبانون ديبايت" إنّ اقتراح مثل هكذا فكرة هدفهُ قطعُ الطريق على أيّ تعاونٍ بين حزب الله والجيش السوريّ مع الجيش اللّبنانيّ قد يفرضهُ عامل الميدان. أمّا ميدانيّاً، فتُظهِرُ الإعدادات على الضفة اللّبنانيّة من الجبهة أو السوريّة منها، أنّها لا تأخذ بالحسبان الأحلام السياسيّة، وتُؤكّدُ أنّ المعركة ستكونُ من الجانبين، فيما سيكون الجيش اللّبنانيّ منكبّاً على العملِ بشكلٍ منفرد. وتُشيرُ توقعات عسكريّة، إلى أنّ حزب الله والجش السوريّ سيهاجمان من جهة جرود فليطة صعوداً نحو معاقل داعش في الجراجير وقارة مع إسنادٍ مِدفعيٍّ – صاروخيٍّ كامل، أمّا الجيش اللّبنانيّ فستكون له الضفاف اللّبنانيّة من جرود عرسال حتّى رأس بعلبك.